الجزائر | يبدو أنّ لقاء القاهرة الذي جمع أعيان قبائل ليبية وبعض الشخصيات المؤثرة، والذي انتهت جلساته أول من أمس، كشف عن خلافات خفيّة بين الجزائر والقاهرة بشأن حل الأزمة في الجارة المشتركة، وخاصة في ما له علاقة بمسألة إشراك الأطراف المنتمية إلى جماعة "الإخوان المسلمين" في الحوارات.أول المؤشرات على الخلاف المذكور ظهر إثر إعلان شخصيات ليبية رفضها جلوس "الإخوان" على طاولة الحوار، وهو موقف تؤيده القاهرة، فيما ترى الجزائر أنّ "الجماعة" جزء من الحل.

ويبدو أنّ زيارة وزير الخارجية المصري، سامح شكري، للجزائر، حيث التقى بمسؤوليها، وعلى رأسهم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لم تنجح في إزالة كل التباينات بين البلدين.
كذلك، مع إعلان القاهرة انطلاق اجتماع القبائل الليبية، ظهرت بوادر أزمة، أخرى، مع الجزائر، حين أكد الشيخ محمد بورزيرة الفرجاني (أحد مشايخ قبيلة الفرجان الليبية) أهمية الإسراع في تشكيل قوة عربية مشتركة "في ظل تصاعد الأزمة الليبية". ورأى الفرجاني أنّ "دور دولة الجزائر غير مفهوم وواضح تجاه القضية الليبية... لذلك نحن ندعوها، ومصر، إلى تحديد الموقف".
ما أغضب الجزائر اعتبارها أن لقاء القاهرة يندرج في إطار الحملة التي تقودها دول الخليج ضدها لأنها ترفض تشكيل ما بات يعرف بـ"القوة العربية المشتركة".
وكان لافتاً خلال التحضير للقاء عدم توجيه دعوات إلى أطراف تدعمها الجزائر، تتمثل بالقبائل الفاعلة في الجنوب والغرب والوسط، ما فسرته مصادر سياسية جزائرية بأن "القاهرة تنحاز لطرف على حساب آخر بما لا يساهم في تحقيق تقدم"، معتبرة أن "المؤتمر بروتوكولي وشكلي".
وفي السياق، رأى الخبير الأمني الجزائري، علي زاوي، أن "بعض أعيان القبائل المشاركين في لقاء القاهرة أدركوا أن المؤتمر ليس للمصالحة، بل لتغليب فريق على آخر".
في ظل هذه الأجواء، جاء تصريح رئيس الوزراء الجزائري، عبد الملك سلال، خلال زيارته لإيطاليا يوم الأربعاء الماضي. وقال إن الوقت "ينفد" بالنسبة الى ليبيا لإيجاد حل سياسي لأن ولاية القادة الحاليين هناك ستنتهي في تشرين الأول المقبل. وقال سلال إن "الإجراء بسيط" ويقضي بإيجاد "حل سياسي شامل يجمع كل الأطراف ويحفظ وحدة ليبيا". وتابع: "يمكن الانتصار على الإرهاب بالقوة، لكن هناك حاجة أيضاً الى عمليات مصالحة" للقضاء عليه. وهي تصريحات اعتبرها مراقبون رداً مباشراً على القاهرة التي دعت طرفاً دون آخر إلى حضور المؤتمر، أي الطرف الداعم للواء خليفة حفتر وأيضاً حكومة طبرق، من دون توجيه الدعوة إلى أي جهة تمثل حكومة طرابلس أو ممثلين عن "الإخوان" أو "الإسلاميين" عامة. وكانت جريدة "الأهرام" المصرية قد ذكرت أن من ضمن المشاركين في مؤتمر القاهرة أطرافاً محسوبة على "الإخوان المسلمين" وقوات "فجر ليبيا" و"كتائب 17 فبراير"، غير أنّ الخارجية المصرية سارعت إلى تكذيب الخبر.