دمشق | أربعة اختصاصات «ماستر»: من المالية إلى التسويق والموارد البشرية، وصولاً إلى الإدارة التنفيذية، في كل تخصص حوالى خمسة عشر طالباً، هكذا يبدو معهد «هبة» الأشهر في دمشق. يداوم الطلاب هناك من يوم إلى ثلاثة أيام أسبوعياً، معظم الأساتذة المحاضرين متخرجون في فرنسا كانوا يدرّسون في جامعة دمشق، لكنهم الآن التزموا بالمعهد لأفضلية الرواتب.
عروة خربطلي (اسم مستعار)، الطالب في السنة الأولى ماجستير إدارة مالية، يروي لـ«الأخبار»: «أدفع 180 ألف ليرة (حوالى 720$ باحتساب 250 ليرة سعر صرف دولار واحد) قسطاً سنوياً، وفي حال رسوبي في أي مادة يمكن أن ألتحق بدورة تكميلية صيفاً، من دون أي مبلغ إضافي». شهادة المعهد معترف بها في الخارج «كما أخبرتنا الإدارة». وقبل الأحداث، كان المعهد أقوى من حيث اعتراف جامعات أميركية وإسبانية وبريطانية بشهادته. يقول عروة: «لي أصدقاء تخرجوا في المعهد بتخصصاته، ولاحقاً تسجلوا في دورات تدريبية في شركات ومعاهد كان معهد هبة متعاقداً معها».
علاقات الطلاب بالأساتذة في المعاهد تختلف عن علاقاتهم في الجامعات الضخمة والمزدحمة، يشير عابد زين، طالب إدارة الأعمال في الأكاديمية السورية الدولية (SIA)، عن «نوع العلاقة الودية بين الأستاذ والطالب، إذ يسأل الأخير ما يريد ويستشيره في أي وقت وعلى طول مراحل الدراسة، ليصبح الأستاذ صديقاً ويستفيد الطالب أكثر». شهادة الأكاديمية معترف بها داخلياً، إذ توظف بعض زملاء عابد في أمكنة «لائقة»، وبعد شهر تقريباً سوف تمنح الأكاديمية منحاً دراسية تصل إلى 50% من رسوم الدبلوم: «معظم المتخرجين يجدون ما يناسبهم من وظائف في القطاع الخاص والعام، من بنوك وشركات كانت تمنح الطلاب فرصة للسفر لإكمال التعليم، لكن البديل الحالي محاولة دفع المتخرجين للعمل ضمن مؤسسات شقيقة للأكاديمية».
تكشف وزارة التعليم العالي السورية على الامتحانات النهائية وتصادق على شهادات «الجامعة العربية الدولية» (كان اسمها سابقاً AIU، الجامعة العربية الأوروبية)، التي يبلغ تعداد طلابها اليوم ثلاثة آلاف طالب تقريباً. تسعون في المئة من الطلاب من جنسيات سورية، والبقية من بلدن مجاورة كلبنان ومصر والجزائر والعراق. مصدر مطلع في إدارة الجامعة قال لـ«الأخبار»: «إن حدود القسط السنوي تتراوح بين 500 ألف ومليون ليرة سورية، يتوقف هذا التزايد على الميزات التي يتمتع بها الطلاب من نقل ومواصلات، إلى السكن الداخلي، وصولاً إلى عدد المواد الجامعية المسجلة».

علاقات الطلاب
بالأساتذة في المعاهد تختلف عن علاقاتهم في الجامعات

هنالك إقبال كبير على التسجيل في الجامعة العربية الدولية، وثمة منح لطلاب الجامعات السورية الرسمية حسب مفاصلات التعليم العالي. معظم المتخرجين يسافرون إلى ألمانيا أو ماليزيا أو بريطانيا، لإكمال الدراسة. كذلك يشير المصدر إلى أن بعض الشركات تستقبل هؤلاء المتخرجين وتؤمن لهم عملاً لائقاً: «يتوظف بعض المتخرجين في شركات ضخمة مثل سيرياتل للاتصالات».
بدورها، تدعو صفحة «مركز آفاق بلا حدود» على «فيسبوك»، طلابها بشكل مستمر إلى تسجيل دبلوم في إدارة الموارد البشرية، المعتمد من IAO الأميركية، حيث يهدف هذا الدبلوم إلى إعداد وتأهيل اختصاصيّي الموارد البشرية والعاملين والمهتمين. تستعد سارة مهنا (طالبة في كلية الاقتصاد) للدخول في هذه التجربة: «أظن أن هذه الشهادة لا تعني كثيراً في العمل كإضافة للسيرة الذاتية، فأنا على وشك التخرج في كلية التجارة من جامعة دمشق، لكن ثمة مهارات مكتسبة ربما يقدمها دبلوم إدارة الأعمال لي»، تشرح الشابة العشرينية التي يدفع لها والدها مصاريف دراستها. وتشير إلى عدم جدوى شهادة الاقتصاد من الجامعة الرسمية دون دراسات عليا «إلى جانب 120 ألف ليرة أجرة التسجيل في دبلوم إدارة الموارد البشرية وإدارة التسويق، عليّ مصادقة شهادة الجامعة ومعادلتها، سوف نحتاج إلى دراسة سنتين إضافيتين على سنوات دراسة الإجازة في الاقتصاد». تطمح مهنا للسفر إلى دبي للعمل في شركة تقنيات إلكترونية، وتؤكد عدم مقدرتها على ذلك دون الدراسة في معهد لديه شركات تابعة له في الخارج، ربما لن تجد، لكنها تسعى في «آفاق بلا حدود» إلى اكتساب ذلك!
معظم الشباب في سوريا، لا يعتمدون في دراساتهم على المصادر التي يسجلون بها، بقدر ما تلفتهم الامتيازات التي يقدمها هذا المعهد الخاص أو تلك الجامعة الدولية، فالأمر سيّان. الأهم هنا أن يكون الدخل المالي لائقاً حتى لو كانت شهادة الماستر «كرت رابح» في الوقت الضائع.