لم تأتِ جلسة المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية بجديد على صعيد الخيارات العملية لمواجهة العمليات الفلسطينية والحد منها. فقد اتخذ «الكابينت» المزيد من القرارات الإنتقامية: حصار منطقة الخليل وسكانها (٧٠٠ الف نسمة)؛ الإمتناع عن تسليم جثامين الشهداء لذويهم؛ إقتطاع المزيد من أموال الضرائب العائدة للسلطة الفلسطينية التي تجبيها عنها إسرائيل؛ سحب التصاريح وأذونات العمل داخل الأراضي المحتلة.وسعت قرارات المجلس الوزاري الى ارضاء الجمهور اليميني والسعي وراء رغباته الانتقامية. صحيح أن قرارات «الكابينت»، جاءت قاسية لجهة فرض حصار جماعي وإتخاذ إجراءات عقابية جماعية تجاه الفلسطينيين، الا انها جاءت في الوقت نفسه، تعبيراً عن العجز وفقدان الخيارات العملية لمواجهة العمليات. وهو ما يمكن فهمه من الموقف الصادر عن رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو في مستهل جلسة الحكومة أمس، إذ قال: «نحن في نضال متواصل ضد الارهاب، وهذا النضال يعلو وينخفض، إلا أننا نستخدم وسائل فعالة، لم يسبق ان استخدمناها، ونحن نقدم الدعم الكامل للجيش وللأذرع الامنية».
أجهزة السلطة
الفلسطينية هي المانع الأخير لاندلاع إنتفاضة

وقال وزير الأمن افيغدور ليبرمان، إن «خطوات صارمة اتخذت في اليومين الماضيين، لم تتخذ منذ فترة طويلة بهدف ردع الارهابيين، ومنع وقوع عمليات جديدة»، مشدداً على «الطوق الامني» على منطقة الخليل وسحب تراخيص العمل واعادة تفعيل سياسة هدم منازل عائلات منفذي العمليات، فيما لفت وزير التعليم، نفتالي بينت، الى ضرورة «إنتهاج سياسة جديدة للمواجهة، عبر عقاب كل قرية فلسطينية يخرج منها منفذو العمليات». أما وزير الطاقة يوفال شتاينتس، فأقر بعيداً عن المزايدات في حديث مع القناة العاشرة العبرية، أنّه «لا حلول سحرية لمواجهة الارهاب، وعلينا النضال من اجل وجودنا هنا وضد الارهاب، اسابيع واشهرا وسنوات»، في إشارة غير مباشرة منه إلى توقع تل أبيب بأن العمليات الفلسطينية مستمرة مدة طويلة بلا خيارات عملية لمواجهتها والحد منها.

هجوم على أبو مازن... والفيسبوك

وشنّ عدد من الوزراء الاسرائيليين هجوماً واسع النطاق على رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وعلى موقع الفايسبوك، بإدعاء انهما «دفيئة للإرهاب ومصدرين للتهديد». وقال وزير الامن الداخلي، غلعاد اردان، إن «عهد عباس، ولّى بالفعل لانه هو رأس المحرضين والدافعين الى تنفيذ عمليات ضد إسرائيل، وعلينا أن نقيّد تحركاته ونتوقف عن التعامل معه على انه شخصية مهمة، هو والمحيطين به».
أما في ما يتعلق بالفايسبوك، فقال اردان إنّ «هذه الشبكة حققت ثورة ايجابية في العالم، لكنها تحولت الى وحش وترفض التعاون معنا». وأضاف «من يتحمل مسؤولية هدر دماء القتلى الاسرائيليين هو (مؤسس الموقع مارك) زوكربرغ، وعلينا أن نتمرد على هذه الشبكة». فيما وصف وزير التعليم نفتالي بينت، فيسبوك بأنه «منصة للارهاب الفيروسي». وطالب بضرورة حجب الفايسبوك والانترنت وشبكة «٣ جي» عن الفلسطينيين.
أما عضو الكنيست عن المعسكر الصهيوني اريئيل مرغليت، فأشار إلى أن «فيسبوك تحوّل إلى حاضنة للارهاب الجديد، ومن بين الاف المشارَكات والإعجاب بالعمليات (الفلسطينية) المعبّر عنها على الموقع تختبئ العملية المقبلة».
من جهتها، شنّت وسائل الإعلام العبرية هجوماً واسع النطاق ضد القادة الإسرائيليين، وحمّلتهم مسؤولية تردي الوضع الأمني. وأشارت صحيفة «هآرتس» إلى أنّ العمليتين في الخليل أظهرتا من جديد عجز الجيش عن توفير الحماية للذين يصرون على الإستيطان في الضفة المحتلة، مشيرة إلى أن الرد «المذعور» الصادر عن نتنياهو وليبرمان وبينت، يعكس «فقدان الطريق» لدى اليمين الإسرائيلي. ولفتت إلى أنّ «حكومة إسرائيل لا تملك الجرأة السياسية لأن قادتها يقدسون استمرار الإحتلال وتوسيع الإستيطان وهم فاشلون في توفير الحماية للإسرائيليين. والرد العقابي الجماعي الذي يطاول الفلسطينيين، سيؤدي الى ثمن باهظ على المدى البعيد، ذلك ان المرارة والغضب (لدى الفلسطينيين) سيتسببان بزيادة قوة الارهاب بدل ان يتسببا بتراجعه».
وردّت صحيفة «معاريف»، على الإدانات الصادرة عن الوزراء ضد ابو مازن والفيسبوك، وأشارت في تقريرها الرئيسي أمس، إلى أنه إذا «تعاملنا بجدية عما يصدر عن المسؤولين في الحكومة الاسرائيلية، فإن المسؤولية عن موجة الارهاب الحالية تتوزع بين أبو مازن ومارك زوكربرغ، والأول عربي أما الثاني فيهودي». وقالت الصحيفة: «فلنفترض أن موقع فيسبوك اقفل غداً، فهل ستنتهي العمليات؟ لا لأن الارهاب الفلسطيني لم يولد من فيسبوك بل من شيء اخر». وأضافت: «ماذا عن ابو مازن الذي يتهمه المسؤولون لدينا بأنه محرض على الإرهاب؟ ألا يحارب رئيس السلطة للبقاء، ومن يقول إن ادانة العمليات لن تقرب نهايته؟ أولسنا سنشتاق اليه في حال اختفائه؟ أوليس في كل المعايير، أجهزة الأمن الفلسطينية هي المانع والحاجز الأخيران اللذان يقفان بيننا وبين انتفاضة مسلحة، فتاكة اكثر بكثير مما نواجه حالياً؟».