لم تستجب السلطات الأمنية المصرية لصرخات المعتقلين من أبناء سيناء، شبابا وفتية، وهم تحت التعذيب، بأنهم أبرياء، وأن من يتجسس على الأمن «منهم وفيهم»، إلى أن أتت المفاجأة التي عقّدت ألسنتهم وقطعت الشك باليقين.يكشف مصدر أمني رفيع، رفض ذكر اسمه، في حديث إلى «الأخبار» أن معلومات وصلت إلى مدير أمن شمال سيناء، اللواء سيد الحبال، تفيد بأن شبكة تجسس مكونة من شرطيين (أميني شرطة) من قوة «قسم ثان»، اتخذت نشاطها بالتعاون مع تنظيم «ولاية سيناء» لرصد تحركات زملائهم من قوات الأمن وخط سير الضباط وتبليغها إلى قيادات في «الولاية».
وبعد عقد اجتماع أمني مشترك مع الحبال وقيادات في الأمن العام والمخابرات العامة، ألقي القبض على أميني الشرطة المذكورين بتهمة التجسس وتسهيل مهمة عناصر مسلحة في قتل اثنين من زملائهما قبل أيام قليلة، في حي المساعيد، في العريش.
ووفق إفادة مساعد مدير أمن شمال سيناء، اللواء مصطفى الرزاز، فإن الأمن دهم منزلي الشرطيين حيث عثر على تحويلات مالية من الجنيه المصري إلى الدولار الأميركي باسميهما وذلك لتسهيل تهريب المبالغ النقدية من سيناء إلى خارجها، وهما الآن معتقلان في مقر الأمن الوطني في العريش.
الرزاز قال إن الشرطيين أقرا بأنهما يعملان مع قيادات تابعة في «ولاية سيناء» منذ نحو ستة أشهر، وانهما استلما أجهزة لاسلكية خاصة لتسهيل الاتصال ونقل المعلومات. كما أن المصدر الذي تحدث بداية، قال إن تسعيرة محددة كان يتلقاها الرجلان مقابل كل معلومة، إلى حد أنهما كانا يتلقيان خمسة آلاف جنيه عن كل جندي، ويتضاعف هذا المبلغ وفق رتبة وأهمية المستهدف.
وفي وقت لاحق، صرح اللواء سيد الحبال لـ«الأخبار» بأن الشرطيين أقرا بأنهما سبق أن نقلا المعلومات عن نحو 12 عملية جرى تنفيذها بواسطة عبوات ناسفة وراح ضحيتها 18 مجندا و6 ضباط وإصابة قرابة 23 آخرين، بالإضافة لإبلاغهما عن تحركات مدير «دائرة الأحوال المدنية»، العميد أحمد عسكر، الذي قتله مسلحون أمام منزله في العريش.
وذكر الحبال أن الشرطيين كان يستلمان نصف المبلغ المتفق عليه قبل تنفيذ العملية، ويستلمان النصف الآخر بعد إتمامها، وكل ذلك يجري عبر أرقام حساب لهما في «بنك مصر» ــ فرع العريش، ثم يحولان المبلغ إلى الدولار الأميركي كي ينقلاه بوزن أخف إلى محافظتيهما، حيث ينتمي الشرطي الأولى إلى الشرقية والآخر إلى المنيا في صعيد مصر.
هذه القضية أثارت غضب واستياء عناصر الشرطة الذين طالبوا بإعدام الشرطيين في ميدان عام، وأن تنقل عملية إعدامهما على الهواء مباشرة عبر شاشات التلفاز ليكونا عبرة لغيرهما.
في المقابل، أكد عدد من رموز ومشايخ وأبناء قبائل شمال سيناء استنكارهم لعملية التجسس التي تورط فيها اثنان من أمناء الشرطة، لكنهم رأوا أن هذه الواقعة تبرئ ساحة أبناء القبائل الذين يعتقلون على خلفية اتهامهم بالإبلاغ عن تحركات قوات وضباط الأمن. كما طالب هؤلاء بالإفراج عن أبنائهم المعتقلين في معسكر الجلاء الأمني في محافظة الإسماعيلية.