رغم بدء مناقشة الموازنة العامة للدولة، والخاصة بالعام المالي المقبل الذي سيبدأ العمل به رسمياً اعتباراً من بداية الشهر المقبل، منذ مدة طويلة، لم ينته البرلمان منها حتى الآن، بل قرر النواب تأجيل استكمال مناقشتها حتى بداية الأسبوع المقبل، وهو ما يعني أن العام الجديد قد يبدأ دون إقرار الموازنة، وهو ما يعني أنه سيجري العمل بالموازنة الحالية خلال الشهر الأول من العام الجديد، وهي سابقة حدثت خلال تولي «جماعة الإخوان المسلمين» الحكم.وجاء تأجيل مناقشة الموازنة أسبوعاً إضافياً بسبب عدم انتهاء اللجان النوعية من مراجعة البنود الخاصة بها وإرسال تقاريرها إلى «لجنة الخطة والموازنة»، وسط توقعات بأن تشهد جلسات المجلس العامة سجالات قبل إقرار الموازنة نهائياً، بسبب بنود خلافية، خاصة في العلاوة الدورية التي يجب أن يحصل عليها موظفو الدولة، في ظل مطالبات نيابية بزياداتها بما يتوافق مع الزيادات المضطربة في الأسعار التي سبّبها انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار الأميركي.
والخلافات في الموازنة الجديدة ليست مقتصرة على تخصيص غالبية زيادات الأجور لرجال القوات المسلحة والقضاء والشرطة في خلال العام المالي الجديد فحسب، بل جاءت مرتبطة بزيادة موازنة مجلس النواب لتصل إلى مليار جنيه سنوياً تقريباً، وهو رقم أعلى بكثير من الميزانية الحالية، بعدما قرر المجلس إدراج ميزانيته كرقم واحد في الموازنة العامة، وزيادة بدل حضور الجلسات واجتماعات اللجان النوعية للنواب بأكثر من 50%، الأمر الذي ربطه رئيس مجلس النواب برغبته في تشجيع النواب على حضور الجلسات الصباحية والمسائية.
وبموجب الزيادات الجديدة سيحصل النواب على نحو 70% من ميزانية البرلمان على صيغة بدلات وانتقالات وتجهيزات للمجلس، الذي حصل على ميزانية تعادل ميزانية مجلسي الشعب والشورى تقريباً خلال حكم «الإخوان» قبل ثلاث سنوات، علماً بأن عدداً من النواب حصلوا على قروض بتسهيلات عدة خلال المدة الماضية تحت ضمان عضويتهم في المجلس.
زيادة ميزانية المجلس وبدلات النواب أثارت حالة من الاحتقان ضدهم في ظل التبريرات الصادرة من النواب بارتفاع عجز الموازنة وغياب القدرة على الوفاء بالالتزامات الدستورية المنصوص عليها في ما يتعلق بمعدلات الإنفاق الخاصة بالصحة والتعليم والبحث العلمي، وهو ما دفع بعضهم إلى اقتراح ضم ميزانية مستشفيات القوات المسلحة المخصصة للعسكريين فقط إلى ميزانية الصحة، وذلك للتغلب على عجز موازنة الدستور، علماً بأن قطاع الصحة يفترض أن يحصل على ميزانية تعادل 3% من الناتج القومي.
الحيلة، التي لجأ إليها نواب البرلمان، دفعت «نقابة الأطباء» إلى التلويح بإقامة دعوى قضائية أمام «القضاء الإداري» تطالب فيه بإلزام مستشفيات الجيش باستقبال المواطنين مجاناً، علماً بأن مستشفيات القوات المسلحة والشرطة التي ستدخل في ميزانية الصحة تتميز بمستوى خدمة مرتفع.
وباستثناء «لجنة التعليم» التي أعلنت زيادة رواتب المعلمين ضمن «خطة القضاء على الدروس الخصوصية»، فإن المجلس لم يوفر أي زيادات للموظفين، فيما تعوِّل الحكومة عبر ممثلها المستشار مجدي العجاتي (وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب) على تمرير مشروع قانون القيمة المضافة لتفعيله وزيادة الضرائب على عدد كبير من السلع، علماً بأن الحكومة تتوقع أن يؤدي ذلك إلى زيادة الأسعار بنسبة 2%، في وقت يرى فيه خبراء الاقتصاد أن الزيادة الفعلية ستصل إلى نحو 20% على سلع وخدمات متعددة.