برغم حالة الارتياح التي يبديها القادة السياسيون والعسكريون في تل أبيب، إزاء الوضع الاستراتيجي لإسرائيل بفعل التفكك الذي تشهده كل من سوريا والعراق تحديداً، والواقع الذي العربي المضطرب عموما، تعمل القيادة الأمنية على بناء جدران «دفاعية» تحميها من الهجمات البرية في أي مواجهة مقبلة مع المقاومة في لبنان وقطاع غزة، بالإضافة إلى جدار الفصل مع الضفة المحتلة الذي يسعى إلى منع تسلل المقاومين إلى الداخل المحتل، فضلا على دور توظيفي له يتصل بضم أراضٍ فلسطينية في الضفة إلى الحدود التي أعلنتها إسرائيل.
الجدار الجديد هو المنظومة الدفاعية الثالثة على الحدود مع القطاع
وبعدما أوحت إسرائيل مراراً بأنها باتت تملك تكنولوجية تسمح لها باكتشاف أنفاق المقاومة، التي باتت تشكل مصدر تهديد جدي للمستوطنات الجنوبية، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن قرار قيادة المؤسسة الأمنية «بناء خط دفاع جديد على امتداد الحدود مع غزة»، ما يفترض أن يوفر «حلا نهائيا» لمشكلة الأنفاق. ويكشف هذا القرار عن أنه لا دقة للمعلومات التي نشرت حول تكنولوجيا الأنفاق، فيما لفتت الصحيفة إلى أن الخط سيشمل بناء جدار إسمنتي محفور على عمق عشرات الأمتار في باطن الأرض، ويرتفع أيضاً أمتارا عدة فوق سطح الأرض.
وكانت التوقعات تشير إلى أن بناء جدار كهذا سيكلف عشرات مليارات الشواقل، لكن وفق الخطوة الجديدة، ستصل كلفة البناء إلى 2.2 مليار شيكل (100 دولار أميركي = 382 شيقل). كما أن الجدار، وفق معاييره ومواصفاته، الأوّل من نوعه إسرائيليا. وسيكون بناؤه على امتداد 60 كلم حول القطاع، وسيمثل عمليا منظومة الدفاع الثالثة التي تبنيها إسرائيل على امتداد الحدود مع القطاع، علما بأن المنظومة الأولى بنيت في التسعينيات بعد اتفاق أوسلو، والثانية بعد قرار الانفصال الأحادي عن غزة، لكن هاتين المنظومتين لم توفرا حلا لتهديد الأنفاق.
وإسرائيل تشيّد جدارا آخر في مقاطع على الحدود مع لبنان، حيث توجد مستوطنات إسرائيلية قريبة جدا من الحدود. واتخذ القرار بخصوص الحدود مع لبنان، بعد إعلان الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، أن الحزب في أي حرب مقبلة سيسيطر على الجليل.
على صعيد آخر، صرح مصدر رفيع في الجهاز الأمني الإسرائيلي للصحافيين، بأن المواجهة المقبلة مع حركة «حماس» ستكون آخر مواجهة لجهة أن إسرائيل ستسعى للقضاء على حكم الحركة في القطاع، وهو ما يثير التساؤل عن كيفية الجمع بين هذا التوجه وبناء الجدار الدفاعي. مع ذلك، قال المسؤول إن «على إسرائيل الحذر من المغامرات». ويأتي ذلك، بعدما كان وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، كما نقلت صحيفة «هآرتس»، قد أكد خلال لقائه الأول مع قيادة الجيش أنه «لن يخوض حرب خيار».
المسؤول الأمني نفسه قال إنه ما من سبب لمنح حماس ميناء في غزة، واصفاً ذلك بـ«الهراء المطلق». لكن وزير المواصلات والاستخبارات، إسرائيل كاتس، أعرب في مؤتمر «هرتسيليا» أمس، عن تأييده لإقامة جزيرة اصطناعية قبالة شواطئ القطاع تتضمن جسراً برياً لنقل الأشخاص والبضائع، لأن هذا «من شأنه تخفيف الضغوط على سكان القطاع وتسريع وتيرة انفصاله عن إسرائيل».