فيما تستمر الجلسات المشتركة والنقاشات على طاولة المحادثات اليمنية، برزت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية مؤشرات مهمة في خطاب فريق الرياض، تهدد نجاح المحادثات أو استمرارها. فغداة الموقف الذي أبداه وفد صنعاء في الكويت تجاه «خريطة الحلّ» التي كان ينوي المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ طرحها، انقلب المشهد «المحتفي» خليجياً باقتراب الحل، إثر بروز مواقف جديدة لوفد الرياض تتضمن رفض أي حلول لا تلزم الطرف الآخر بالاستسلام.انقلاب المشهد خلال ساعات، جاء بعد سحب ورقة ولد الشيخ التي كانت تحمل في طيّاتها حلولاً لمصلحة وفد الرياض. وفي حديث مع الصحافيين في الكويت، جدد رئيس وفد «أنصار الله» محمد عبد السلام، التأكيد أن أي ورقة حلّ سوف تصدر ولا تلبي مطالب الشعب بسلطة توافقية (مؤسسة الرئاسة والحكومة ولجنة عسكرية وأمنية) بمهمات متوافق عليها وبشخصيات متوافق عليها وتنصّ على إنهاء الحرب والحصار، ستكون مرفوضة. وأضاف: «نحن نطالب بالضغط على الطرف الآخر للخروج بحل شامل وليس ترقيعيّاً... نحن نريد حلاً سياسياً وأمنياً وعسكرياً واقتصادياً وانسانياً»، مؤكداً أن النقاشات باتت واضحة بالنسبة إلى الأمم المتحدة.
المخلافي: إسقاط الانقلاب بالقوة لا يزال خياراً قائماً

وبالنسبة إلى خلفيات الموقف الذي أصدره وفد صنعاء استباقاً لورقة ولد الشيخ حين أكد أنه لا قبول بإملاءات أو ضغوط، أوضح عبد السلام أنه بعدما سمع الوفد في الأيام الأخيرة من الأمم المتحدة اللغة نفسها التي سمعها قبل 50 يوماً (تاريخ بدء المفاوضات) جاء البيان كضرورة، مشيراً إلى أنه أزعج الطرف الآخر. وأكد أن البيان أثمر مراجعةً لطرح الورقة من قبل ولد الشيخ، لافتاً إلى أنّ من الممكن نقاش أي مقترح على الطاولة، لكن لا إعلانه من دون موافقة الأطراف.
على الضفة الأخرى، أطلق عبد الملك المخلافي تصريحات أوحت أن المفاوضات لم تحرز أي تقدمٍ، حين أعلن رفضه أي تسوية لا تلزم «الانقلابيين» بتسليم السلاح وإعادة مؤسسات الدولة قبل أي حديث عن توافق. وفي مقابلة تلفزيونية، جدد المخلافي تأكيد أنه «لا حل خارج تسليم السلاح»، معتبراً أن وفد صنعاء جاء إلى الكويت بهدف «شرعنة الانقلاب وتقاسم الحكومة مع الحكومة الشرعية». وأضاف: «نحن ندور في حلقة مفرغة، والطرف الآخر يريد أن يكون الحل مناصفة للجنة العسكرية، وهذا يعني نقل الصراع إلى اللجنة العسكرية».
وفيما أكد عبد السلام أن المأمول من المشاورات هو الخروج بحل يراعي مطالب الطرفين ومخاوفهما، أفصح المخلافي عن أن مجيء فريقه إلى الكويت يرمي إلى «فضح الانقلابيين أمام المجتمع الدولي»، كاشفاً أن «إسقاط الانقلاب بالقوة» خيار ما زال قائماً ومستمراً. وقال المخلافي: «هذه الجماعة إذا لم تنصَع سلماً، فعلى المجتمع الدولي أن يستمر في إخضاعها بالقوة».
بدوره، وبالنبرة الانفعالية نفسها، قال عضو الوفد الاستشاري المرافق لوفد الرياض، عسكر زعيل، إن «الحوثيين يريدون تضييع الوقت بالمشاورات للتقدم على الأرض ويطالبون بالشراكة قبل أي اتفاق». وأضاف عبر موقع «تويتر» أن «الوفد الحكومي لم يصل معهم إلى أي اتفاق بالمفاوضات»، في إشارة واضحة إلى الامتعاض من التطورات الأخيرة التي تُبعد مسار المشاورات عمّا كان مراداً له. ورأى زعيل، المقرب من اللواء علي محسن الأحمر، أن «تخدير الشعب اليمني والجيش والمقاومة بقضية المشاورات أمر في غاية الخطورة»، وتوجه إلى التحالف بنبرة تحذيرية قائلاً: «عليهم ألّا ينتظرونا حتى نصل مع الحوثيين إلى اتفاق».
من جهته، لمّح عبد السلام إلى استمرار المفاوضات المباشرة مع السعودية. وفي سياق ردّه على سؤال يتعلق بالسقف الزمني للمحادثات، قال إن فريقه على استعداد لمواصلة اللقاءات والنقاشات مع الأطراف المعنية ومع السفراء في الكويت، مؤكداً أن ذلك يأتي في سياق حرص «أنصار الله» على الخروج بحلول تجنّب الشعب اليمني ويلات الحرب والحصار، وهو ما لا يبدو منسجماً مع رؤية الطرف الآخر الذي حدد سقفاً زمنياً، عبّر عنه المخلافي بالقول: «أعتقد أننا نحتاج أسبوعاً في الكويت، وليس نحن فقط، بل سفراء دول 18 أيضاً سيلملمون أوراقهم». ويرى مراقبون أن السقف الزمني الذي لمّح المخلافي إليه قد يقرأ من زاوية ارتباطه بنتائج زيارة وليّ وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان الولايات المتحدة.