لم يعد بإمكان أهالي مناطق الحدود في شمال شرق سيناء، وخاصة مدينتي رفح والشيخ زويد، أن يسمعوا الأذان خلال الصلوات الخمس، بعدما منعت وزارة الأوقاف رفع الآذان في المساجد هناك عبر مكبرات الصوت فضلا على منع أداء صلاة التراويح (بعد صلاة العشاء) في عدد كبير منها.هذا الوضع يؤكده وكيل وزارة الأوقاف في شمال سيناء، أمين عبد الواجد، الذي قال إن عدد المساجد المخصصة لصلاة التراويح هي خمسة عشر على مستوى شمال سيناء فقط، بناء على قرار وزير الأوقاف المصري.
وكانت قوات الجيش قد فجرت أربعة مساجد على الشريط الحدودي، فيما فجرت نحو 11 مسجدا خلال الحملات العسكرية في مناطق جنوب الشيخ زويد ورفح، تحت دعوى أن مسلحي تنظيم "ولاية سيناء" يتحصنون داخلها.
وفي اليوم الخامس من رمضان الجاري، نقل شهود عيان أن الجيش اقتحم مسجد "المهاجرين والأنصار" في حي الحرية جنوبي رفح، وأطلق النيران على المصلين ما أدى إلى إصابة المواطن يحيى عطية من قبيلة الرميلات.
وتتخذ دوريات عسكرية من مآذن مساجد في أحياء الجورة والماسورة، وحي الترابين في الشيخ زويد، وسادوت في مدخل رفح الغربي، مواقع ثابتة لمراقبة الطرق والمناطق المحيطة بالأحياء، نظرا إلى ارتفاعها وكشفها المناطق المحيطة بها.
كذلك قصفت مقاتلات حربية من طراز "أف 16" مسجد أبو طويلة، شمال شرق الشيخ زويد، وأحدثت فيه دمارا واسعا، ما أدى إلى استبعاده من أداء الصلوات، فيما أغلق مسجد في منطقة الخروبة بعدما منعت الصلوات فيه واعتقل عدد من المترددين خلال أدائهم صلاة الفجر يوم السبت الماضي.
الدولة لا توفر لخطبائها المنتدبين أماكن إقامة ولا حرية تنقل

وتسود حالة من الانزعاج بين الأهالي في الشيخ زويد ورفح، لمنعهم من أداء التراويح التي ينتظرونها من العام إلى العام خلال رمضان.
لكن مصدرا في مديرية أوقاف شمال سيناء دافع عن تصرفات الدولة بالقول إن "معظم مساجد مناطق الشيخ زويد ورفح خارج سيطرة وزارة الأوقاف، وتخضع للتيارات التكفيرية التي تروج أفكارها وتبث سمومها ضد الدولة، ولا سيما الجيش والشرطة، عبر هذه المساجد"، مشيرا إلى أن القائمة "تضم معظم مساجد مناطق الماسورة والجورة والتومة والأحراش ونخل وشرق جبل الحلال".
وأضاف المصدر نفسه أن "مكتبات تلك المساجد تضم كتباً تروّج لإقامة الخلافة، بل بعض المساجد فيها كتب ومؤلفات تحمل أفكاراً تكفيرية مثل كتب ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وعبد الرحمن عبد الخالق، ومعظمها ينص على أنه من لم يحكم بشرع الله كافر يجب قتله".
الأمر نفسه ذهب إليه أمين عبد الواجد، قائلا إن قرار منع التراويح لم يأت من فراغ، لأن "المساجد هناك لم تعد تحت سيطرة الوزارة بجانب أن معظم أئمة الأوقاف المعينين في شمال سيناء، وخاصة المغتربين منهم، لا يكونون فيها إلا يوم الجمعة لأداء الخطبة فقط".
وأضاف وكيل الوزارة أن "باقي أيام الأسبوع تكون معظم المساجد مستباحة لأنصار التيارات المتشددة لإلقاء الدروس وبث أفكارهم بين المواطنين والشباب، التي تركز على استعداء مؤسسات الدولة وتكفير كل من يخالفهم في الرأي".
وعن تغيب الأئمة المعينين من الدولة، تشرح المصادر في مديرية أوقاف شمال سيناء أن هؤلاء لا توفر الدولة لهم استراحات خاصة بهم، لذلك يؤدون صلاة الجمعة ويسافرون إلى محافظاتهم، إضافة إلى ظروف حظر التجوال التي يستحيل معها وجود إمام في مسجده وقت صلاة المغرب والعشاء والفجر. كما ذكرت المصادر أن معظم أئمة الأوقاف لا يلتزمون موضوع خطبة الجمعة الموحّدة الصادرة عن الوزارة، لأنها لا تناسب الطبيعة البدوية أو ظروف أهالي سيناء غالبا.
ووفق الرصد، فإن مؤيدي "داعش" يضيقون الخناق على أئمة الأوقاف، وفى إحدى المرات هاجموا إماماً في الشيخ زويد واتهموه بالكفر لمجرد أنه دعا إلى نبذ العنف والتطرّف ونشر وسطية الدين.
في المقابل، يقول الشيخ سليمان محمود العرادات، إن "ما تروج له مديرية أوقاف شمال سيناء من أسباب لمنع الصلوات في المساجد غير حقيقي، لأنهم يريدون إغلاق مساجد المنطقة ومنع المصلين منها الوصول إليها... نحن نفتحها لأداء الصلوات ورفع الأذان لكننا نفاجأ بقصف هذه المساجد والمصلون داخلها، وهو سيناريو متفق عليه بين قيادات الأوقاف والسلطات الأمنية".
ويشير العرادات إلى أن المساجد التي تقام فيها التراويح والفجر يداهمها الجيش ويعتقل المصلين داخلها، بل في مرة "أطلق النار على أحد المصلين بسبب اعتراضه على إجراءات الجيش".