أعلن قائد العملية العسكرية في الفلوجة، أمس، أن القوات العراقية أصبحت على مسافة ثلاثة كلم عن مركز المدينة، في وقت أفيد فيه عن أن «داعش» ارتكب مجزرة مروّعة، بقتل عشرات المدنيين من سكان الفلوجة حاولوا الخروج منها، بحسب ما ذكره بيان صادر عن خلية الإعلام الحربي، موضحاً أن «عصابات داعش ارتكبت مجزرة بحق عشيرتي البوصالح والبوحاتم صباح اليوم (أمس) في منطقة تقاطع السلام غرب الفلوجة». وأشار إلى أن عناصر «داعش» «فتحوا النار على العوائل الخارجة باتجاه العامرية»، مضيفاً أن «الحصيلة الأولية كانت ما يقارب 30 مواطناً بين شهيد وجريح»، ولافتاً إلى أن «غالبية الشهداء من الأطفال والنساء، وجثثهم ما زالت في مكان الحادث».تأتي هذه التطورات فيما كشفت وزارة الداخلية السعودية عن أن مواطنين سعوديين يجمعون تبرعات لتنظيم «داعش» في العراق. فقد نقلت مواقع عدة عن المتحدث باسم الوزارة منصور التركي، قوله لصحافيين أميركيين، عبر مؤتمر صحافي على الهاتف نظمته سفارة السعودية في واشنطن، إن «مشاركة الحشد الشعبي العراقي في معركة استرداد الفلوجة من تنظيم داعش، فتحت الباب للتبرعات للتنظيم الإرهابي». وأضاف: «لا تستطيع أن تتحكم بعاطفة الأشخاص»، مستدركاً بالقول إن السعودية «تستطيع التحكم بحملات التبرعات التي تتدثر بواجهات مزيفة، كالدعوة إلى التبرع لأطفال الفلوجة». وأشار إلى أنّ «السلطات أغلقت أكثر من 117 حساباً بنكياً للاشتباه بتمويل الإرهاب».
في غضون ذلك، قال الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي إن عملية استعادة السيطرة على المدينة تسير بنحو صحيح. وأوضح، في حديث إلى وكالة «فرانس برس»، أن «داعش يريد أن يقاتل للوصول إلى مناطق خارج المدينة، لكننا تحركنا إلى الداخل، وسيطرنا على كل هذه المنطقة في ثمانية أيام». وأشار إلى وجود القوات العراقية على بعد «3,1 كلم عن موقع المبنى الرسمي في وسط» الفلوجة، مؤكداً أننا «سنكون خلال أيام، وليس أسابيع، هناك في القلب».
وتحدث عن «مقتل أكثر من 500 عنصر من مسلّحي داعش، منذ انطلاق العملية».
وفي السياق، أفادت شبكة «سكاي نيوز» عن اشتباكات وقعت بين القوات العراقية و«داعش» على مشارف حي دور الأطباء جنوبي الفلوجة.
سياسياً، توعّد رئيس الحكومة حيدر العبادي محتجّين هاجموا، خلال الأيام الماضية، مقارّ لأحزاب عراقية في مدن عدة وأقدموا على إغلاقها، مشدداً على أن ما قاموا به هو عمل «إجرامي».
وأخذت حركة الاحتجاج العراقية الشعبية المطالبة بالإصلاحات منحى جديداً، في الأيام الأخيرة، فقد تجاوز «الصدريون» فكرة النزول إلى الشارع، والهتاف ورفع الشعارات المنادية برحيل المسؤولين، إلى اقتحام مقارّ الأحزاب. وشهدت الساعات الأخيرة اقتحاماً لمقارّ عدد من الأحزاب السياسية العراقية، فضلاً عن الإعداد لمسيرة مليونية وسط بغداد.
ارتكب «داعش» مجزرة بعشرات المدنيين حاولوا الخروج من الفلوجة

وأقدم شبان يقال إنهم تابعون لزعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، ويطلقون على أنفسهم «الثورة الشعبية الكبرى»، على مهاجمة وإغلاق عدد من مقارّ الأحزاب المشاركة في السلطة في محافظة ميسان جنوب العراق. وأغلق هؤلاء المتظاهرين مقارّ حزب «الدعوة الإسلامية» التابع لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وحزب «الفضيلة» التابع للمرجع محمد اليعقوبي، ومقر المجلس الإسلامي الأعلى التابعة لعمار الحكيم، ومقر «حركة الإصلاح» التابع لوزير الخارجية إبراهيم الجعفري، في مدن بغداد والبصرة والناصرية والديوانية وأحياء في ضواحي العاصمة.
كذلك، أقدم متظاهرون في محافظة واسط على إغلاق مقر مكتب مجلس النواب العراقي، وعدد من مقارّ الأحزاب في المحافظة. وفيما تعرضوا لإطلاق نار عند محاولتهم إغلاق مقر المجلس الأعلى الإسلامي، منعت القوات الأمنية المتظاهرين من الوصول إلى مقارّ الأحزاب الأخرى، وأغلقت الشوارع الرئيسة في المدينة.
وقال رئيس الحكومة حيدر العبادي، وهو قيادي في حزب «الدعوة»: «نحن ومن أرض المعركة المقدسة بين العراق والإرهاب، نحذر بشدة من كل التصرفات المتهورة والأعمال الإجرامية، التي تستهدف أي مؤسسة عامة أو مكتب كيان سياسي، وسنقف بقوة وحزم لردع المتجاوزين على النظام العام وأرواح الأبرياء».
من جهته، رفض زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، التجاوزات على مقارّ الأحزاب والكيانات السياسية. وشدّد في رده على سؤال من اتباعه للمشاركة بهذه التظاهرات، «على سلمية التظاهرات وإلى نهايتها». وطالب «بإبعاد النجف الأشرف عن التظاهر فلها قدسيتها، ولها ظرفها الخاص ومن شاء فليتظاهر في بغداد».
وفي السياق، أفادت مصادر إعلامية بأن القوات الأمنية أغلقت جسري السنك والجمهورية بالحواجز الإسمنتية، فيما أشارت إلى إغلاق الطرق المؤدية إلى «ساحة التحرير» وسط بغداد، ولا سيما أن هناك تظاهرات متوقعة خلال الأيام المقبلة. وقال مصدر في وزارة الداخلية إنه جرى اتخاذ هذه الإجراءات «لتوفير الحماية الأمنية للتظاهرات التي ستنطلق، للمطالبة بتطبيق الإصلاحات». ولفت إلى أن «انتشاراً أمنياً كثيفاً تشهده بوابات المنطقة الرئاسية الخضراء، تحسباً لأي طارئ»، موضحاً أن «الإغلاق شمل المداخل الرئيسة الثلاثة باتجاه ساحة التحرير، من جانب الخلاني والطيران وأبو نؤاس».