بينما تعلن فرنسا استمرار البحث عن الصندوقين الأسودين للطائرة المصرية التي سقطت خلال رحلتها من باريس إلى القاهرة منتصف الشهر الماضي، أكدت مصادر مصرية لـ«الأخبار» أن القضية توشك على الإغلاق، وهو ما يعني أن الحادث سيقيد ضمن حوادث الطائرات المجهولة السبب، خاصة مع اقتراب توقف الصندوقين عن إرسال إشارات من عمق البحر المتوسط نهاية الأسبوع الجاري وفق التقديرات التقنية.حديث المصادر المصرية يأتي بعد نحو عشرة أيام من حديث سابق يشير إلى أن باريس لا ترغب في استخراج الصندوق، نظراً إلى ما سيلحق ذلك من تبعات تخص الإجراءات الأمنية في مطار شارل ديغول، خاصة أن غالبية الاحتمالات تلتقي عند انفجار مفاجئ جعل الطائرة تختفي من على شاشات الرادار بعد دقائق من دخولها المجال الجوي المصري.
واللافت أن الاستعانة بسفينة فرنسية متخصصة في البحث من أجل انتشال الصندوقين الأسودين لم يأت إلا بعد أكثر من عشرين يوماً على إسقاط الطائرة، فضلاً عن أن ساعات عمل هذه السفينة والبحرية المصرية تراجعت ولم تكن على مدار الساعة. ويبرر بحارة موجودون في مكان الطائرة المنكوبة صعوبة الوصول إلى الصندوقين وتحديد مكانهما بدقة، بسرعة الرياح وبارتفاع الأمواج التي حركت الصناديق من مكان سقوطهما إلى أماكن أخرى.
وتبرير البحارة يتسق مع التبرير المصري الرسمي الصادر عبر تسريبات لجنة التحقيق، التي قالت إن المشكلة التي تواجه فريق البحث هي العمق الذي سقطت فيه الطائرة وحركة المياه الشديدة التي دفعت الصندوقين إلى أماكن أخرى، مع أن نطاق البحث لا يزال في محيط خمسة كيلومترات فقط.
حتى الآن لم يحصل أيٌّ من أهالي ركاب الطائرة على تعويضات مالية، فيما صرفت شركة «مصر للطيران» لأسر الطاقم مبلغاً من التعويض المالي المقرر أن يتقاضوه، علماً بأن الشركة تجري حصراً بالمبالغ التي يجب صرفها لعائلات الضحايا والمستحقين لها وفق كل حالة. وثمة تسريبات أخرى تتحدث عن وجود مساعدة فرنسية في سداد التعويضات التي تُعَدّ أكبر تعويضات ستدفعها «مصر للطيران» خلال السنوات الأخيرة.
أما عن سبب تجنب القاهرة «الصدام مع باريس» حول الطائرة، فتقول المصادر نفسها إن ذلك يعود إلى «إعلاء المصلحة السياسية عن أمور قد لا يكون لها فائدة في النهاية، خاصة أن مصر بصدد إعلان توقيع اتفاقات سلاح جديدة مع الحكومة الفرنسية قبل نهاية العام الجاري، بالإضافة إلى الاستمرار في تسلم طائرات الرافال وحاملتي الطائرات دي ميسترال... هي أمور من وجهة نظر القيادة السياسية أهم من إدانة السلطات الفرنسية بالتسبب في سقوط الطائرة».
ويبدو أن فرنسا التزمت في التصريحات الرسمية ضبط النفس والمتابعة عن كثب مع فتح جميع الاحتمالات، وأيضاً تجنب التلميح إلى احتمالية انتحار قائد الطائرة، خاصة أن التقارير الفنية التي اطلعت عليها لجنة التحقيق (تضم فرنسيين ومسؤولين من شركة «ايرباص») أكدت أن الطائرة سليمة ولم يرصد أي خلل فيها وخضعت للتفتيشات الدورية.