ثمانية أيام من الحملة التي أطلقتها «قوات سورية الديموقراطية»، بمؤازرة جوية وبرية من «التحالف» الدولي، وضعت مقاتلي «قسد» على مشارف مدينة منبج، ثاني أكبر مدن حلب. الحملة التي أضافت إليها «قسد» منذ يومين محوراً ثالثاً يفصل منبج عن جرابلس، ما يمكنها من تطويق المدينة من ثلاثة محاور، بعد السيطرة على أكثر من 60 قرية في محيطها، انطلاقاً من سد تشرين، وجسر قرقوزاق، وسلسلة جبال الشامية المطلة على نهر الفرات. أكثر من أربعة آلاف مقاتل يشاركون في الحملة من «مجلس منبج العسكري» و«لواء صقور الرقة» و«كتائب شمس الشمال» وفصائل أخرى من «قسد»، وبقيادة من «التحالف» الدولي، و«الوحدات» الكردية. والمقاتلون العرب يشكلون رأس حربة هجومية، إلى جانب قيادة ومقاتلين من الكرد.
الجيش السوري حريص على التقدّم بحذر ووفق المخطط
وتبدو بشكل واضح آثار المعارك التي شهدتها القرى التي تربط سد تشرين بمنبج: عدد من سيارات «قسد» من بينها رشاش 23 وعربة bmb مدمرة بصواريخ حرارية من «داعش»، فيما ينتشر على الطريق عدد من الآليات للتنظيم، إما نتيجة استهدافها بنيران طائرات «التحالف»، أو تفجيرها في المنطقة. آليات قوات «التحالف» التي تحمل جنوداً من جنسيات بريطانية وأميركية وفرنسية، لا تهدأ في المنطقة، بهدف الكشف على جغرافيتها، بما يمكنها من وضع خطط هجومية للقوات المتقدمة. مصدر ميداني في «قسد» أكد لـ«الأخبار» أن «قواتهم تنتظر التقاء المحاور الثلاثة في خط جبهة واحد، لتبدأ عملية اقتحام مركز مدينة منبج، الذي بات يبعد 2 كم عن مواقع انتشارنا». وأضاف المصدر: «ضربات قواتنا، واستهداف طائرات التحالف، أنهكت التنظيم، ولن يصمد مقاتلوه في المدينة كثيراً»، لافتاً إلى أنّ «السيطرة على منبج وريفها بالكامل أصبحت مسألة وقت». يأتي ذلك في وقت انخفض فيه مستوى الطموح التركي، نحو الاكتفاء بعدم رؤية مقاتلين كرد غرب الفرات، بعد الانتهاء من عملية منبج، وطرد «داعش» منها، وهو ما جاء على لسان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في تصريحات إعلامية قال فيها «إن الولايات المتحدة الأميركية قدمت ضمانات لأنقرة بعدم بقاء المقاتلين الكرد غرب نهر الفرات». وأضاف: «إذا كان المقاتلون في وحدات حماية الشعب (ypg) يريدون تقديم دعم لوجستي في الحرب ضد داعش شرقي نهر الفرات، فهذا شأن آخر، لكننا لا نود رؤية أي منهم، ولا سيما بعد انتهاء العمليات العسكرية هناك». الأهالي في قرى منبج بدت على وجوههم ملامح ارتياح، إثر تخلصهم من «داعش». أبو خالد، من أهالي قرية جب الطويل في ريف منبج، أكد لـ«الأخبار» أنهم «تخلصوا من ظلم وقهر عانوا منه خلال عامين ونصف عام من سيطرة التنظيم على مناطقهم». ولفت إلى أنّ «الوضع جيد، لكن نأمل أن لا يكون هناك ردود فعل من القوات المسيطرة على منطقتنا تجاه المدنيين، الذين باتوا يشعرون بالأمان بعد دحر داعش». وأعادت «قسد» قسماً من أهالي القرى التي أنهت تحريرها في اليومين الأولين من الحملة، فيما لا يزال أهالي قرى عديدة يفترشون الأراضي الزراعية، بانتظار عودتهم إلى منازلهم. القيادي في «قسد»، أبو صالح، أكد لـ«الأخبار» «أن انتشار الألغام والعبوات الناسفة، التي عادة ما يتركها التنظيم خلفه، دفعنا إلى إخلاء القرى، للحفاظ على حياة المدنيين». وكشف أن «جميع المدنيين سيعودون إلى منازلهم بعد تأمينها بشكل كامل».
في موازاة ذلك، ثبّت الجيش السوري و«صقور الصحراء» نقاط وجودهم في قرية خربة زيدان وعدة مواقع محيطة بها، ليصبحوا على بعد 5 كم من مفرق الطبقة ــ الرصافة ــ إثريا. في وقت يواصل فيه الطيران الحربي السوري والروسي استهداف مواقع «داعش» عند مفرق الطبقة، تمهيداً لتقدم القوات البرية نحوه. مصدر عسكري أكد لـ«الأخبار» أن «عملية التقدم تسير وفق ما هو مخطط لها، وأن الجيش حريص على التقدم بحذر، وتثبيت نقاط بما يضمن حمايتها من أي هجمات معاكسة للتنظيم». يأتي ذلك في وقت يحاول فيه «داعش» عرقلة تقدّم الجيش من خلال شنّ هجمات على محور اثريا ــ الشيخ هلال، بهدف قطع الإمداد عن القوات المتقدمة باتجاه الطبقة، إلا أنّ الجيش تمكّن من صدّ الهجمات، وأوقع خسائر في صفوف التنظيم.