حلب | بعد نحو شهر من الانقطاع التام لخدمات الإنترنت، في مدينة حلب، قامت شركتا الخلوي السوريتين، بتأمين حزمتين بقدرة 450 ميغا، أتاحت الوصول إلى الشبكة عبر «الموبايل» و«المودمات». كذلك جرى تأمين المؤسسات الحكومية عبر دارة ميكروية، أمّنت الاتصال ببرج صلنفة الأقرب إلى حلب، وفق مصدر في شعبة إنترنت حلب.
وأتى ذلك بعدما عانت المدينة من انقطاع في خدمة الإنترنت السريع (ADSL) لمدّة شهرين، لتأتي الإجراءات الأخيرة بتأمين «خدمة الحد الأدنى» ولكن بتكلفة باهظة لمن اعتاد تصفح شبكات التواصل الاجتماعي، واستخدام برامجها، ما سبّب استياءً عاماً لدى سكّان المدينة.
الطبيب نزار عكرمة، قال في حديث لـ«الأخبار»: «لا يمكن من اعتاد تصفح الفيسبوك على مدار الساعة أن يفعل ذلك عبر G3، لأن التكلفة ستكون باهظة جداً، فيمكن عدة دقائق تصفّح أن تكلّف 100 ليرة سورية، أما مشاهدة الفيديو، عبر الموبايل، فهو ضرب من الترف». فيما رأت المواطنة لارا قناعة، أنّه «عندما نكون في السنة الخامسة للحرب، فإن واجب مؤسسة الاتصالات حلّ المشكلة، وتأمين البديل قبل وقوعها، وليس التهرب من وسائل الإعلام، والصمت المخجل». فيما يجد التاجر وائل أفندي أنّ من غير المنطقي وجود انترنت فضائي في الأحياء التي يوجد فيها المسلحون «بينما أحياؤنا تفتقد له، ونعاني من الخدمة السيئة والتكلفة الباهظة».

الإنترنت الفضائي متوافر في الأحياء الواقعة تحت سيطرة المسلحين

ويذكر أن الاتصال، وإن تمّ تأمينه، عبر أبراج الخلوي، إلا أن دخول الشبكة يوصف بـ«الوهمي»، في معظم الأوقات، إذ يُسجَّل الاستهلاك دون الدخول إلى المواقع، حيث لا يمكن نصف «غيغا» أن يؤمن خدمة لنصف مليون مشترك، بحسب مهندس اتصالات، طلب عدم ذكر اسمه، مؤكداً أنّ «الزيادة في كلفة الاشتراكات تتجاوز كلفة تأمين الحل، عبر مؤسسة الاتصالات التي لا تستفيد من زيادة الأرباح». وفي الوقت الذي تفتقد فيه مؤسسة الاتصالات، في حلب، أية حلول للمشكلة، تحاول مبادرة «أهالي حلب» (الجمعية الأهلية التي لعبت دوراً في معالجة الملفّات الخدميّة، كوسيط مع الجماعات المسلحة)، أن تعيد الخدمة إلى السكان، وهي التي سبق أن نجحت في ملفات سابقة، أهمّها عودة مياه الشرب. وفيما تؤكد مؤسسة الاتصالات قدرتها على إصلاح العطل في الكابل المار من بلدة حيان، خلال ساعات، إذا اتفق على ذلك مع المسلحين، فإن مبادرة «أهالي حلب» عجزت عن إقناع المسلحين بالسماح لفريق اتصالات حلب، من موظفي مقسم أعزاز، بالوصول إلى المكان بسبب «شروطهم التعجيزية» التي تشمل مبالغ مالية كبيرة، وإطلاق سراح موقوفين بتهم إرهاب، بحسب مصدر مقرّب من المبادرة، رأى أن الشرط الوحيد الممكن تحقيقه، من طريقها، هو «إصلاح برج إحدى شركتي الخلوي في أعزاز، وهو من جملة مطالب المسلحين».

حلول

يعتبر الانترنت الفضائي واحداً من جملة الحلول المطروحة، لكنه باهظ التكلفة، ويحتاج شركات صرافة وتحويل أموال كبرى، ومصارف، لتركيبه. وذلك عبر الهيئة الناظمة للاتصالات، وفق الشروط القانونية، التي تتطلب دفع تأمين يصل إلى مليون ونصف مليون ليرة سورية، ونصف المبلغ ثمناً للجهاز، وأجرة تركيبه. بينما يقترح مهندسو التشغيل، في حلب، تركيب دارات ميكروية، كحلقة وسيطة بين المقاسم وبين برج صلنفة، تمكّن من إعادة الخدمة، بحزمة تصل إلى 10 «غيغا»، تقارب المستوى الذي كان سائداً قبل الانقطاع، وبتكلفة تقارب تكلفة التشغيل السابقة لخدمة (ADSL). وتقدر تكلفة ذلك بنحو 100 ألف دولار، ما يتيح إعادة الخدمة إلى مستواها قبيل الانقطاع، وتحصيل مبالغ تراوح بين 60 و80 مليون ليرة سورية، في كل دورة تحصيل (كل شهرين)، ولكن هذا الاقتراح رفضته الإدارة المركزية، بسبب فشل تجربة سابقة، لكونها مصمّمة لمسافة أقل بقليل من المسافة الفاصلة بين حلب وبرج صلنفة.
حلول مختلفة على طاولة الاقتراحات، ومنها الاستفادة من محور حلب ـ خناصر، بكلفة يمكن تحصيلها خلال ستة أشهر من تأمين الخدمة. غير أنّ العيون عادت مجدداً إلى المبادرات الأهلية التي تصدّى لها، مؤخراً، الهلال الأحمر السوري الذي بدأ اتصالاته مع الجماعات التكفيرية، بغية الوصول إلى حل.