تجري مشاورات غير معلنة بين قادة عراقيين وأطراف دولية مؤثّرة بشأن «الحرب الأخيرة»، التي ستكون في مدينة الموصل (شمال العراق)، بعدما أصبحت بحكم المؤجلة، إثر بدء معارك تحرير الفلوجة.وصحيح أن الدفع باتجاه تحرير الفلوجة الذي جاء نظراً إلى قربها من بغداد، كان يواجه عراقيل وضغوطاً أميركية، لكن معنيين ومقرّبين من الحكومة يقرّون بأن قرار تحرير الموصل، أيضاً، بحاجة إلى حسم تعقيدات سياسية كثيرة، تتداخل فيها أطراف محلية وإقليمية.
بمعنى آخر، إن من يتحدث عن أن قرار تحرير الموصل سياسي تشترك فيه أطراف مختلفة، يرهن «التوافق» على قرار «المعركة الأخيرة» بنقاط عدّة، منها الموقف التركي من الموصل، مع استمرار وجود قوات عسكرية تابعة لأنقرة داخل أسوار المدينة المحتلّة من «داعش»، والموقف الأميركي في ظل قرب الانتخابات الرئاسية، وأيضاً العلاقة بين بغداد وأربيل في ضوء إصرار قوات البيشمركة على البقاء في المناطق التي حُرِّرَت من «داعش»، وهو ما يتصل بملف المناطق المتنازع عليها بين الطرفين.
معركة الموصل ستكون «معركة نفوذ» أكثر من «معركة تحرير»

وبناءً على ما تقدّم، يقول الخبير الاستراتيجي ماجد الحسني إن «قرار تحرير الموصل متفق عليه من حيث المبدأ، ومختلف عليه من حيث التفصيل والنتائج». ويوضح لـ«الأخبار» أن «الأطراف المؤثرة تضع شروطاً مقابل مشاركتها في تحرير الموصل، أو مقابل موافقتها على بدء الحرب فيها»، مشيراً إلى أن «أنقرة لا تتردد في الحديث عن مستقبل الموصل، من خلال استثمار مواقف سياسيين مقربين منها، أبرزهم (رئيس ائتلاف متحدون) أسامة النجيفي وشقيقه (محافظ نينوى السابق) أثيل». الحسيني يضيف، أيضاً، أن واشنطن «تريد الحصول على مكاسب مقابل إعطاء الضوء الأخضر لتحرير الموصل، فضلاً عن فرضها خيار المشاركة ميدانياً في هذه المعركة، بينما تهتم رئاسة إقليم كردستان بملف المناطق المتنازع عليها وثمن تحريرها من داعش، فضلاً عن العلاقة المضطربة بين الأطراف العربية الممثلة للموصل».
في المقابل، ثمة حديث عن أنّ تمكّن الحكومة العراقية من تقديم معركة الفلوجة على معركة الموصل، خلافاً للسيناريو الأميركي، جرى في إطار اتفاق شامل تضمّن الطريقة التي يجري من خلالها تحرير الفلوجة، والقرار بشأن من يشارك في معارك الموصل وموعد تحريرها. ويشير هذا الأمر إلى نجاح الحكومة العراقية في إشراك قوات «الحشد الشعبي» في الفلوجة.
ويكمن الجدل، تحديداً، في أن معركة الموصل ستكون «معركة نفوذ» أكثر من كونها معركة تحرير، وذلك لارتباطها بعراق ما بعد «داعش» ومساعٍ أميركية إقليمية لفرض مشروع الأقاليم. وتقف هذه النقطة وراء توقعات بأن الأطراف التي تبدو متقاربة إزاء قضايا تخص الوضع السياسي في بغداد أو ملف «داعش»، قد تخوض مواجهات مباشرة، قريباً، تحدّد مصير مدينة الموصل.
وفي السياق، يوضح الناشط الموصلي ريان حميد أن «أحد أسباب تأخير معركة الموصل هو وجود الكثير من المشاكل السياسية فيها». وأضاف لـ«الأخبار» أن «هناك صراع نفوذ وعدم وجود رؤية واضحة من ممثلي المحافظة بشأن ما سيحدث، إضافة إلى مشاكل المناطق المتنازع عليها، حيث إن القوات الكردية غير مستعدة لإعادة المناطق التابعة للموصل، التي قامت بتحريرها أخيراً».
يأتي ذلك في وقت ذكرت فيه تقارير أميركية أن مقاتلي البيشمركة تمكنوا من استعادة مساحة نحو 50 ميلاً من الأراضي في الموصل، وهي أراضٍ تقع في الغالب إلى الجهة الشمالية الشرقية من المدينة، وتندرج ضمن ما يعرف بالمناطق المتنازع عليها، التي تضم خليطاً من السكان، فيما ترفض حكومة أربيل إعادتها إلى وضعها الطبيعي، أي تحت حكم الحكومة المركزية في بغداد. ووفق تلك التقارير، تتقدم القوات الكردية بإسناد جوي أميركي، باستمرار، بالرغم من عدم تحديد الموعد النهائي للمعركة الرسمية هناك.
ودائماً ما يوجه سياسيون من الموصل اتهامات إلى إقليم كردستان باستغلال الوضع الحالي للحصول على مكاسب معينة. وعلى هذا الصعيد، يقول عبد الرحمن اللويزي، الذي يعدّ من أبرز النواب عن محافظة نينوى، إن «إقليم كردستان يضع شروطاً قاسية، مقابل التنسيق في ما يتعلّق بخوض معركة الموصل المرتقبة». ويضيف لـ«الأخبار» أن «المعركة تتطلّب تسوية سياسية توفر التنسيق بين مختلف الجهات، لضمان تحرير المدينة، وعدم إدخال ملفها في الصراع السياسي الداخلي، وتلافي أي تدخل إقليمي له أبعاد معقدة».



واشنطن: سوء تجهيز الجيش يؤخّر معركة الموصل


ذكر تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، أمس، أنه من الممكن أن تتأخر معركة تحرير الموصل، في ظل العقبات الصعبة التي يواجهها الجيش العراقي، المستنفد والسيّئ التجهيز، على أرض المعركة هناك. وذكر التقرير، الذي أعده الصحافيان مايكل شميدت وإيريك شميدت، أن «التأخير متوقع على الرغم من الجهود الأميركية التي تصب في الحفاظ على آلة الحرب العراقية على مسارها الصحيح». وأضاف التقرير، نقلاً عن قادة عسكريين أميركيين، أنه «من دون المساعدة الأميركية، فإن الهجوم في الموصل سيفشل في الغالب». وفيما ذكر أن الأميركيين يؤمنون معدات عسكرية ومساعدة للعراقيين، إلا أنه لفت إلى أن «من المحتمل أن تصبح العمليات أبطأ، خلال حرّ الصيف، وأيضاً خلال شهر رمضان». كذلك، أشار الكاتبان إلى أن «معظم المعدات العسكرية العراقية بحاجة إلى الصيانة أو الاستبدال، كما أن العديد من الوحدات العسكرية تحتاج إلى المزيد من التدريب قبل معركة الموصل»، موضحين أن «ما يزيد تعقيد المشكلة هو أن الجيش يتكوّن من مزيج من المعدات والأسلحة من الحقبة السوفياتية، ومن الولايات المتحدة وغيرها». وأشار التقرير الى أن المشكلة لا تكمن «في التحديات اللوجستية التي تواجهها الولايات المتحدة في تعاملها مع التعقيدات في العراق»، فقد لفت في هذا الإطار إلى «الدعم الإيراني» لـ«الحشد الشعبي».
(الأخبار)