بينما يأمل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أن تكون قضية اللقاء الذي سيجمع رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حزاماً يشد به خاصرته في المنطقة، يعمل في الوقت نفسه على تنفيذ نصائح تلقاها من الجهات الأمنية والاستحباراتية التي قدمت تقارير عدة الشهر الماضي بشأن كيفية الاستعداد لمرور عامين على وصوله إلى السلطة.وبما أن السيسي قارب على إنهاء نصف ولايته الجارية، فإن التقارير، كما تفيد مصادر مطلعة، أوصته بالتوقف عن الرحلات الخارجية مؤقتاً أو اختصارها قدر الإمكان، مقابل تكثيف الظهور في الزيارات المحلية والحديث المباشر للمواطنين مع تكليف "الشؤون المعنوية" في الجيش بإعداد فيلم عن إنجازات الرئيس يعرض على شاشات التلفزيون قريباً.
أوصت الجهات الأمنية الرئيس بتقليل الارتجال خاصة بشأن الأرقام

أيضاً، طلبت التقارير من السيسي ضرورة افتتاح أكبر عدد من المشروعات حتى لو كانت قائمة بالفعل كي يشعر المواطنون بتحركات الرئيس، ولا سيما ما يتعلق بمجال الطرق والعقارات التي شهدت تطورات ملحوظة خلال الشهور الماضية بعد إسناد مشروعات إعادة تأهيل الطرق إلى القوات المسلحة، بالإضافة إلى ضرورة التواصل مع مختلف الهيئات عبر ممثليها، وذلك بجلسة حوار وطني جديد يحضرها الرئيس، أو باحتواء حكومي عبر لقاءات بين الوزراء وممثلي الهيئات، وهو ما نفذه بالفعل خلال افتتاح المقر الجديد للنيابة العامة في ضاحية القاهرة الجديدة.
التقارير الأمنية، التي اعتمدت كثيراً على رئيس "الهيئة الهندسية للقوات المسلحة" اللواء كامل الوزير، تعمدت تقديم ملف كامل عن مشروعات البنية التحتية التي يجرى تنفيذها في المحافظات المختلفة حتى يتحدث السيسي عنها في ظهوره، وبذلك يظهر أمام المواطنين وهو يحاول الوصول إليهم في مختلف الأراضي والمحافظات. كما طلب أن يكون جزء من حديثه مرتبطاً بالتحديات التي واجهها خلال المدة الماضية و"تضخيم تحركات جماعة الإخوان المسلمين داخلياً وخارجياً لتظهر أنها المعوق الرئيسي لعملية التنمية"، بالإضافة إلى الحديث عن التحديات العالمية وتراجع الاقتصاديات الكبرى في عملية النمو.
ووفق المعلومات التي حصلت عليها "الأخبار"، فإن الفيلم الذي يعد راهناً يرصد الإنجازات فقط ويتجاهل أي آثار سلبية لقرارات الرئيس وقد بدأ العمل عليه بالفعل، وسيحرص السيسي على مشاهدته قبل تسليمه إلى التلفزيون الرسمي والقنوات الفضائية التي تلقت تعليمات بدعم الرئيس في هذه المناسبة، بالإضافة إلى ضرورة تجاهل أزمة جزيرتي تيران وصنافير التي أسفرت عن احتجاجات شعبية حاشدة بالشارع ضده.
وكالعادة، سيتجاهل السيسي الحديث عن مشكلة نقص العملة الصعبة وارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء، ثم سيتهم "أهل الشر" بالوقوف وراء مشكلة ارتفاع الأسعار قبل شهر رمضان، معلناً أرقاماً ضخمة يفترض بأن الجيش وفر بها السلع للمواطنين كي يشتروها بالأسعار العادية في المنافذ التي قامت بها القوات المسلحة خلال الشهور الماضية تنفيذاً لتكليفاته، بالإضافة إلى زيادة دعم السلع التموينية ليتناسب مع التأثير السلبي لانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار الأميركي لجهة السلع الرئيسية.
وظهور السيسي في جولات على المحافظات خلال الأسابيع الماضية جاء مرتبطاً ببداية تطبيق التقارير التي رأت أن ظهوره في المحافظات برغم كونه شرفياً، لأنه لن يحضر إلا في مكان واحد ويفتتح المشروعات عبر الفيديو كونفراس وليس بالذهاب إليها، فإن الهدف هو الإيحاء بأن الرئيس مهتم بمتابعة تنفيذ المشروعات على أرض الواقع وبالتفاصيل.
اللافت أنه تكررت التوصية بتقليل الارتجال ليكون في الأحاديث الإنسانية حصراً دون الإعلان عن تفاصيل مشروعات ضخمة بلا مواعيد محددة للانتهاء منها، ولكن يمكن له الحديث بلغة الأرقام الكبيرة التي توحي بضخامة العمل، وأيضاً طلبت التقارير السيسي الاعتماد على ملف كامل أرفق معها ويحمل الكثير من الأرقام سواء في مجال الاستثمارات أو حجم الصادرات.
وسيركز الرئيس المصري على مشروع تنمية محور قناة السويس والأنفاق التي يجري العمل بها هناك، بالإضافة إلى التفريعة التي افتتحها العام الماضي وتأثير ذلك في الأجيال المقبلة وجذب المزيد من الاستثمارات، فيما من المتوقع أن يرد على الانتقادات التي وجهت إليه بشأن تفاصيل القرض الروسي للمشروع النووي في الضبعة وتقدر قيمته بنحو 25 مليار دولار، على أن يؤكد أن ميزانية الدولة لن تتحمل أي شيء في ما يتعلق بالمشروع النووي، وهو السبب الرئيسي لموافقته على القرض خاصة أن الدراسات التي وصلته تؤكد له أن عائد المشروع السنوي سيغطي من العام الأول لتشغيله قيمة القرض.