حصل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، خلال زيارته لموسكو أمس، على موقف روسي واضح يدعم العراق في سعيه للحصول على الدعم العسكري اللازم في الحرب على الإرهاب، في ظل الصعوبات التي تواجهها القوات العراقية، وفي ظل عدم تنفيذ واشنطن غالبية التزاماتها في هذا الشأن، وفقاً لمعاهدة التعاون الاستراتيجي.ويأتي الإعلان الروسي في سياق التأكيد على الاتفاقات الموقّعة سابقاً مع العراق، والتي تجاوزت قيمتها 4.2 مليارات دولار في عام 2012، إضافة إلى اتفاقيات وقّعت العام الماضي بقيمة مليار دولار.

وترافق الدعم الروسي مع تأكيد الرئيس فلاديمير بوتن أنّ العلاقات بين البلدين تتطور بشكل ناجح، على الرغم من كافة المشاكل الاقتصادية وتطورات الأوضاع في الدول العربية. وقال إنه «رغم الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد العالمي وقضايا المنطقة، تتطور علاقاتنا بشكل ناجح جداً. وعلى الرغم من أن حجم التبادل التجاري ليس كبيراً جداً حتى الآن، ازداد 10 أضعاف خلال السنتين الماضيتين».
أوباما يصف
العبادي بأنه مخلص وملتزم بدولة عراقية تشمل الجميع

وتابع بوتن بالقول إن الشركات الروسية تعمل في العراق وتنفذ على أراضيه مشاريع كبيرة، ويدور الحديث عن استثمارات بقيمة مليارات الدولارات. وأضاف: «نعزز العلاقات في ما يخص التعاون المدني وفي مجال التعاون العسكري التقني».
من جهة أخرى، أعرب العبادي، الذي التقى أيضاً رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف، عن أمله في أن تساهم محادثاته مع بوتن في تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، ليس في العراق فحسب، بل في منطقة الشرق الأوسط برمتها. وأعاد العبادي إلى الأذهان أن روسيا أحيت في هذا الشهر الذكرى السبعين لانتصارها على الفاشية، وأضاف أنه يأمل أن العراق بدوره سيحتفل قريباً بانتصاره على الإرهاب.
وفي سياق الاستقبال الروسي للعبادي، صرّح وزير الخارجية، سيرغي لافروف، بأن روسيا ستسعى لتلبية كافة الطلبات من قبل العراق بأقصى قدر ممكن. وأشار خلال حديثه إلى الصحافيين، عقب لقاء بوتن بالعبادي، إلى أن التعاون العسكري التقني بين البلدين يتسم بطابع وثيق. وقال: «على عكس بعض الدول الأخرى، التي هي على استعداد لتزويد العراق بالمعدات، نحن لا نربط هذا بأي شروط، وانطلاقاً من ذلك، العراق وسوريا ومصر هي في طليعة جبهة محاربة الإرهاب، ولذا فإننا سنحاول بأقصى جهدنا تلبية كل الطلبات الممكنة، لكي نؤمن لقدراتهم الدفاعية القدرة على طرد داعش وغيرهم من الإرهابيين من أراضيهم».
ورأى النائب العراقي عن «ائتلاف دولة القانون»، عبد الهادي السعداوي، أن زيارة العبادي لموسكو جاءت لإيجاد منفذ آخر لتسليح العراق. وقال إن «العراق والحكومة ضاقا ذرعاً بالتحالف مع الولايات المتحدة الأميركية التي فشلت في إدارة الملف الأمني في العراق، والدليل على ذلك سقوط محافظة الانبار بالكامل بعد أن تعهدت بالدفاع عنها».
في المقابل، ورغم الانتقاد العراقي الضمني لدور واشنطن في عدم تنفيذ اتفاقيات التسليح، حظي رئيس الوزراء العراقي، أمس، بإشادة أميركية جاءت من الرئيس باراك أوباما الذي قال، في مقابلة مع مجلة «ذي اتلانتيك»، إنّ العبادي «مخلص وملتزم بدولة عراقية تشمل الجميع»، مضيفاً في الوقت ذاته أن «التحالف الدولي» في العراق «بحاجة إلى تكثيف التدريب في المناطق السنية وإشراك العشائر السنية بصورة أكبر في القتال»، واضعاً في الوقت نفسه سقوط مدينة الرمادي في سياق «التراجع التكتيكي».
وفي ما له علاقة بالمعارك الدائرة في مدينة الرمادي في الأنبار، كان لافتاً أيضاً اعتبار رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي، مارتن ديمبسي، أن قوات الجيش العراقي التي كانت موجودة في المدينة اختارت الانسحاب ولم يجبرها على ذلك تنظيم «داعش». وتابع ديمبسي قائلاً للصحافيين في طريقه إلى بروكسل، إن القائد العسكري لهذه القوات في الرمادي «اختار بصورة فردية على ما يبدو الانسحاب بقواته إلى نقطة أكثر قابلية لعمليات الدفاع»، لافتاً إلى أن السلطات العراقية والأميركية تجري تحقيقاً لمعرفة ما حصل بالضبط في الرمادي. ويذكر أن ديمبسي كان قد قال في تصريحات سابقة في نيسان الماضي إن «مدينة الرمادي ليست رمزاً بحدّ ذاتها، أفضل ألا تسقط، ولكن إن حصل وسقطت فلن تكون هذه نهاية الحملة».
وتأكيداً على دور أكبر لـ»التحالف الدولي» في معارك الأنبار المقبلة، جاء حديث الملك الأردني عبدالله الثاني واضحاً في هذا الشأن، خلال مقابلة أجراها مع شبكة «سي ان بي سي» الأميركية، حين أشار إلى أنّ الحكومة العراقية، بالتعاون مع قوات «التحالف»، ستفتح الطريق بين عمان وبغداد هذا الصيف. وقال إن «العراق كان دائماً سوقاً قوياً بالنسبة إلينا، وأعتقد أن الحكومة العراقية، بالتعاون مع قوات التحالف، سيفتحون الطريق بين عمان وبغداد هذا الصيف، ما سيفتح أبواب هذا السوق القوي أمام الأردن من جديد».
في هذا الوقت، نقلت وكالة «الأناضول» عن مصدر عسكري عراقي قوله إن «قوات مشتركة من الجيش ومكافحة الإرهاب تمكنت من دخول مصفاة بيجي عبر البوابة الجنوبية، وتقدمت إلى المواقع التي يحاصر فيها داعش مئات الجنود».
(الأخبار، رويترز)