كشفت صحيفة «ذي غارديان» قبل أيام أن الحكومة البريطانية تقود «الحرب الإعلامية في سوريا» منذ خريف ٢٠١٣، من خلال «تمويل عمليات إعلامية لمجموعات قتالية معارضة» (بلغت قيمة الإنفاق ٢،٤ مليون باوند). حسب الصحيفة، تعاونت وزارة الخارجية البريطانية، بإشراف وزارة الدفاع، مع شركات متخصصة بالعمل البروباغندي عملت من تركيا، على «توفير مواد صحافية مكتوبة ومرئية ومسموعة، وتقارير عسكرية، وصور، وأشرطة فيديو، ومواد لمواقع التواصل الإلكتروني، كانت تنشر وتوزّع على وسائل الإعلام». تلك المواد المعَدّة من قبل شركات البروباغندا، والتي «أشرفت عليها وزارة الدفاع البريطانية قبل نشرها»، كانت «تُدمَغ بلوغو المجموعات السورية المعارضة المسلحة من دون أي ذكر للحكومة البريطانية».الهدف المعلن، حسب ما تنقل «غارديان»، «تحسين صورة المعارضة المعتدلة في سوريا». الوثائق التي اطلعت عليها الصحيفة تشير إلى أن العقود التي وقعتها الحكومة البريطانية مع الشركات الخاصة التي عملت من إسطنبول، نصّت على «تأمين تواصل استراتيجي وعمليات إعلامية لدعم المعارضة السورية» وتركيز العمل الدعائي على التسويق «للقيم المعتدلة للثورة». تقول «غارديان» إنه بعد فشل الحكومة بإقرار إرسال قوات عسكرية الى سوريا، «انطلقت منذ عام ٢٠١٣ في عمل سرّي للتأثير في مجريات الحرب من خلال تغيير النظرة تجاه مقاتلي المعارضة».
مصدر مطّلع على العقود الحكومية قال للصحيفة إنه في البداية كانت حكومة المملكة البريطانية «تدير المكتب الإعلامي للجيش السوري الحر» من خلال شركة استشارية، وفي تشرين الثاني ٢٠١٤ تسلّمت شركةInnovative Communications & Strategies, InCoStrat التي يديرها ضابط سابق في الجيش البريطاني، مهمة دعم المجموعات المعارضة المسلحة إعلامياً. مصدر مطّلع أكّد للصحيفة أنه كانت تعقد عدّة اجتماعات أسبوعية بين العاملين على المشروع وممثلين من وزارة الدفاع البريطانية لتنسيق العمل، «حيث كانت للوزارة الكلمة الأخيرة في كافّة الأمور». معظم المواد الصادرة عن المشروع البروباغندي، حسب مصدر «غارديان»، كانت «تقارير إخبارية عن إحراز المقاتلين المعارضين نجاحات في الميدان وأشرطة فيديو تظهر مقاتلين معارضين يوزّعون الطعام على الناس، ومواد أخرى أظهرت مقاتلين يحملون قاذفات صواريخ على أكتافهم»...
ورغم تشديد الحكومة والشركة المنفّذة على أن المشروع هو لخدمة «المعارضة المعتدلة» فقط، أشارت الصحيفة إلى أن العقود أظهرت العمل لمصلحة عدّة وحدات قتالية «مصنّفة معتدلة» من قبل الحكومة البريطانية، بينها «حركة حزم»، لكن أيضاً «جيش الإسلام». وعند سؤال الصحيفة للحكومة عن «جيش الإسلام» الذي «تشير تقارير إلى أنه مدعوم من السعودية» وقد «تورط بعمليات خطف ناشطين إنسانيين وقتلهم وعرف باتخاذه المدنيين دروعاً بشرية له»، نفت الحكومة في البداية شمول «جيش الإسلام» في عقود عملها، لكنها قالت لاحقاً إنه ذُكر في سياق مختلف، فيما أكد متحدّث في وزارة الدفاع أن «جيش الإسلام لم يتلقّ أي مساعدة من قبل الوزارة أو أي من الشركات التي تعمل مع الحكومة البريطانية». لمصلحة مَن تعمل اليوم إذاً الحكومة في مشروعها البروباغندي ذاك، خصوصاً بعد حلّ «حركة حزم»؟