رغم المحاولات الدولية لوضع اليمن على سكة العملية السياسية، ولا سيما مع تحديد الأمم المتحدة موعد انطلاق المفاوضات في مدينة جنيف في الثامن والعشرين من الشهر الجاري، تبقى ملامح هذه العملية غير واضحة، مع مواصلة العدوان عملياته العسكرية ضد الأراضي اليمنية من جهة، وتمسُّك الرياض وفريقها بسقف مطالبهم قبل انطلاق أي حوار من جهةٍ أخرى، أبرزها انسحاب الجيش و«أنصار الله» من المحافظات اليمنية. ولكن معطيات الميدان اليمني تعكس بوضوح أن السعودية لن تبقى على تعنّتها طويلاً، خصوصاً أن الجيش و«اللجان الشعبية» يواصلان تقدمهما جنوباً، فيما ينذر تصعيد العمليات العسكرية على الحدود بقلب المعادلات السياسية قريباً، ما سينعكس على المفاوضات المرتقبة.
وقد كشفت مصادر ميدانية لـ«الأخبار»، أن تحركات مهمة تجري على الحدود اليمنية ــ السعودية، «استعداداً لتحرّك عسكري سيفاجئ الجميع في حال إخفاق مباحثات جنيف في تثبيت هدنة طويلة الأمد».
في هذا الوقت، أوضح زعيم «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، موقف الجماعة من قضية الحوار، إذ أكد يوم أمس، أن الحلّ السياسي الوحيد في اليمن يكون عبر حوار برعاية الأمم المتحدة على أرض دولة محايدة، في تأكيد لما قاله المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ، عن قبول الجماعة المشاركة في مفاوضات جنيف.
ولد الشيخ: لا يمكن مؤسسات الدولة
حالياً القضاء على توسع «القاعدة»ً

وأشار الحوثي، في كلمةٍ بثتها قناة «المسيرة»، إلى «مؤتمر الرياض» قائلاً إن اللقاءات والمؤتمرات لا يمكنها أن تعطي أي شرعية لجرائم العدوان. ولفت إلى مقررات المؤتمر التي تضمنت نقاطاً تهيّئ «لدولة شكلية» في اليمن مرتهنة للسعودية كلياً، كما أشار على وجه التحديد إلى مطالبة الرياض وفريقها ببناء جيش جديد. وقال في هذا المجال: «السعودية تسعى إلى القضاء على الجيش اليمني»، مشبهاً ذلك بما شهدته سوريا. وتابع الحوثي: «يريدون جيشاً يمنياً جديداً كما فعلوا في سوريا من خلال ما يسمى الجيش الحر... أن يكون جيشاً من القاعدة وداعش وحلفائهم»، مؤكداً في الوقت نفسه أن أميركا وإسرائيل ورّطتا السعودية بهذا العدوان «الذي زرع الكره في نفوس كل شعوب المنطقة تجاه السعودية لأجيال»، ومجدداً التشديد على أن العدوان المتواصل على بلاده يقدّم غطاءً جوياً وإسناداً لتنظيم «القاعدة».
الحوثي نسب في خطابه جزءاً من الهجمات الحدودية إلى «اللجان الشعبية»، وأخرى إلى الجيش والقبائل. بالتزامن مع عمليات نوعية شهدتها الحدود أمس، حيث قتل عشرات الجنود السعوديين في منطقة علب، فيما نصبت قبائل منطقة طخية كميناً لدورية عسكرية سعودية أدى إلى احتراقها بمن فيها من ضباط وجنود.
في هذا الوقت، صعّد أبناء مديرية الظاهر عملياتهم، مطلقين أكثر من 40 صاروخاً و50 قذيفة على المواقع السعودية المحاذية للمناطق الشمالية الغربية. كذلك، تقدم أبناء القبائل في منطقة الحصامة داخل الأراضي السعودية وسيطروا على موقع عسكري كان يعتدي على قراهم، وتمكنوا من قتل جنود سعوديين وأسر آخرين.
وبينما حددت الأمم المتحدة موعد انطلاق المفاوضات اليمنية في جنيف بعد أسبوع، أكد وزير الخارجية اليمني بالوكالة، رياض ياسين، أن «حكومة هادي» لن تشارك في هذه الجلسات، قبل تطبيق قرار مجلس الأمن الأخير، الذي ينصّ على انسحاب الجيش و«أنصار الله» من المدن اليمنية. وقال ياسين: «لن نشارك إذا لم يطبق (القرار) أو على الأقل جزء منه... إذا لم يكن هناك انسحاب من عدن على الأقل أو تعز».
كذلك، أعلنت الرياض أمس، رفضها احتمال مشاركة إيران في المفاوضات الخاصة باليمن. وخلال جلسة مغلقة عقدها مجلس الأمن للاستماع إلى تقرير إسماعيل ولد الشيخ عن اليمن، أكد مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة، عبدالله المعلمي، أن الحوار سيكون بين الأطراف اليمنية فقط، قائلاً إنه لا يرى صفةً لإيران لحضور جنيف.
من جهة أخرى، لم تحسم طهران موقفها الرسمي من المشاركة في المفاوضات، إذ أكدت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم، أمس، أن بلادها لن تتوانى عن تقديم أي دعم لتقدم المحادثات، مضيفةً في المقابل أن ذلك «لا يعني مشاركتنا في المفاوضات بالضرورة».
وكان ولد الشيخ قد أكد أن «كل الأطراف السياسية ستشارك في مباحثات جنيف»، وهو في سياق آخر، طالب الحوثيين بتوفير الظروف الملائمة لتمديد الهدنة والحوار. ورأى المبعوث الجديد أن مكافحة الإرهاب والقضاء على «القاعدة» مسؤولية الحكومة، مؤكداً في الوقت نفسه أنه «لا يمكن مؤسسات الدولة حالياً أن تقضي على توسع القاعدة».
إلى ذلك، تصل إلى مرفأ الحديدة على البحر الأحمر، اليوم، السفينة الايرانية المحملة بالمساعدات الإنسانية، بعدما سمحت طهران بتفتيش «الصليب الأحمر الدولي» لها في جيبوتي أمس.
وعلى الصعيد الداخلي، يواصل الجيش ومعه «اللجان الشعبية» السيطرة على مدن ومناطق في الجنوب، حيث تمكنوا من السيطرة على مدينة الحوطة في محافظة لحج، متابعين التقدم نحو معاقل «القاعدة» في محافظة مأرب.