تواصلت الاشتباكات بين الجيش السوري ومسلحي «داعش» على حاجز السد، شمال غرب تدمر التاريخية، إلى الشرق من مدينة حمص. وأدى تمركزه على تلة الإذاعة إلى طرد مسلحي «داعش» من محيط القلعة الأثرية. ولم تفلح محاولات تنظيم «داعش» الإرهابي في السيطرة على المدينة الأثرية، إذ استعاد الجيش السيطرة على تلة الإذاعة، المواجهة للقلعة، بعد وصول تعزيزات إلى المنطقة.
سيطرة الجيش على التلال الحاكمة للمدينة، والمتمثلة في تلة السيرياتل وتلة الإذاعة والتلفزيون وتلة القلعة، أثرت في وجود مسلحي «داعش» في المحيط، باعتبار التلال المذكورة تشرف على جميع الطرق المؤدية إلى المدينة. يأتي ذلك بالتزامن مع تدمير المدفعية السورية رتلاً متوجّهاً من الرقة نحو بلدة السخنة، شمالي تدمر، بهدف مؤازرة مسلحي «داعش» الذين تقدموا، أول من أمس، ضمن الحي الشمالي من المدينة. سرعة تحركات الجيش لإنقاذ المدينة التاريخية أدت إلى انسحاب المسلحين من نقاط عدة، خشية وقوعهم تحت الحصار. مصدر ميداني أكد أن الجيش لم يخسر نقاط مؤثرة على وجوده ضمن المدينة، باستثاء حاجز السد، إلى الشمال الغربي من قلعة تدمر، والذي سيطر عليه مسلحو «داعش» قبل أيام، قبل أن يستعاد أمس. كذلك استعاد الجيش السيطرة على تلة الإشارة، المواجهة للقلعة، في حين تتركز الاشتباكات على المحور الشمالي لتدمر، إضافة إلى الشمال الشرقي من المدينة، ضمن حقل الهيل النفطي، مع تقدم الجيش ضمن منطقتي العامرية والزراعة. محاولات المسلحين استمرت طيلة الأيام الفائتة، من خلال هجمات مركزة على طريق حمص ـ تدمر، بهدف تعطيل وصول المؤازرة إلى القوات المقاتلة. وعلى الرغم من سيطرة الجيش على الموقف داخل المدينة، غير أن أخطار الطريق مستمرة، منذ ما قبل سيطرة مسلحي «داعش» على بلدة السخنة، شمالاً، إذ يتعرض الطريق الصحراوي لهجمات مفاجئة، وقنص مستمر. مصادر ميدانية تفاءلت بالوضع ضمن المدينة، بعد أيام من التشاؤم هددت بخسارة المدينة التاريخية، وقتل وتشريد مدنييها. وأكدت المصادر أن الخطر لا يزال محيطاً بالمدينة، لكن يمكن الجزم بأن الجيش سيطر على الموقف العسكري، واستطاع حصر خسائره في محيط المدينة، وعزز نقاطه ونشر قواته، بهدف سد الثغر التي أفضت إلى دخول «داعش» إلى تدمر.
وذكر محافظ حمص طلال البرازي، في حديث إلى «الأخبار»، أن محاولات إحداث الأذى بالمدينة الأثرية جاءت على شكل هجمات من قبل مسلحي «داعش» من محور البساتين. وأضاف أن التنظيم حاول احتلال تدمر لهدفين: أولهما سرقة آثارها الغنية، وثانيهما حاجتها إلى تقدم جديد، بعد تحقيق الجيش السوري ورجال المقاومة انتصارات متلاحقة في تلال القلمون. البرازي الذي جال أمس في المدينة، خفّف من وطأة خسارة بلدة السخنة، شمال تدمر، معتبراً أنها خاصرة تدمر الضعيفة، ووجود الدولة فيها ليس إلا وجوداً إدارياً لتسيير شؤون المدنيين. ورأى أن محاولات تمدد مسلحي «داعش» تنبع من حاجتهم إلى تمويل تسلّحهم ودعم وجودهم.
يشار إلى أن مدينة تدمر الأثرية افتقدت خلال الحرب السورية زيارة 150 ألف سائح سنوياً، منذ بدء الأحداث الدامية التي تشهدها البلاد. وكانت بعض الأجزاء من مدافن المدينة قد تعرضت للسرقة، إلا أن الدولة السورية استعادت مئات القطع الأثرية قبل تهريبها، وعهدت بها إلى القيّمين على المتاحف في العاصمة. وكانت قد تواصلت خلال الأيام الفائتة نداءات إلى المجتمع الدولي، لحماية تدمر من تخريب مسلحي «داعش» وتدميرهم، خشية على بنائها العمراني وعواميدها الرومانية ومتحفها الأثري.