اعتادت إسرائيل في بداية الحرب في سوريا، أن تكون سبّاقة في اطلاق التقديرات حول قرب سقوط النظام والدولة في دمشق، وكان الإعلام المعادي لسوريا يتبع هذه التقديرات ويتداولها مع الأمل بتحققها. إلا أن الإخفاقات المتكررة للتقديرات الاستخبارية في تل ابيب، دفعت الى اعادة بناء القوالب الاستخبارية المسبقة، والتروي في اطلاقها.
هذه المرة، استفادت تل ابيب من اخفاقاتها السابقة، وتحاول الآن ان تكون اكثر حذراً، رغم تداولها الى حد الإفراط، التقارير الواردة في الإعلام العربي المعادي لسوريا، عن قرب انهيار الدولة وسقوطها، نتيجةً للتطورات الميدانية الاخيرة.
في هذا السياق، ذكرت صحيفة «هآرتس»، نقلاً عن محافل استخبارية إسرائيلية، قولها ان وسائل الإعلام العربية «غرقت» اخيراً بتقارير وفرضيات بشأن السقوط الوشيك للرئيس السوري بشار الاسد، الا ان «الاستخبارات الاسرائيلية تتعامل مع هذه الفرضيات بحذر، وترى أن مصير المعركة في سوريا لم يحسم بعد».
واشارت المصادر للصحيفة إلى أن التقدير باستبعاد سقوط النظام السوري، لا يعني أن التطورات الميدانية لا تشهد تغييرات وضغطاً هائلاً ومواجهة شديدة، مع جهد عال من قبل «المتمردين»، يهدف الى التضييق على الجيش السوري وحلفائه، لكن من دون ان حسم للحرب.
وشددت «هآرتس» على ان المنازلة القائمة حالياً في سوريا، وايضاً في لبنان واليمن، حيث يشتبك العالم العربي على هذه الدول، ترحّل الى الظل قضايا اخرى مثل النزاع الاسرائيلي ــ الفلسطيني الذي كان في الماضي قضية مركزية في المنطقة.
وحول موقف تل أبيب من آخر التطورات في الساحة السورية، اشارت الصحيفة إلى أن وزير الأمن موشيه يعلون، أعاد تأكيد الثوابت والخطوط الحمراء ازاء الميدان السوري، وقال ان موقف إسرائيل يبنى على اساس الخطوط الحمراء وإمكان تجاوزها من قبل «الجهات المعادية» في سوريا، التي ستواجه برد اسرائيلي في حال تجاوزها الخط الاحمر، وتحديداً ما يتعلق بـ«خرق السيادة الاسرائيلية في الجولان، ونقل سلاح نوعي محدد إلى لبنان».
واوضح ان «هناك اموراً تجري في سوريا نتحمل المسؤولية عنها، وهناك امور لا نتحمل المسؤولية عنها، الا اننا لن نتدخل في الصراعات الداخلية في هذا البلد، الا إذا تجاوز الآخرون الخطوط الحمراء». وبعبارة اخرى، توضح الصحيفة، ان إسرائيل قلقة من عمليات تهريب السلاح من سوريا الى حزب الله في لبنان، وأن تؤدي الضربات التي تتهم اسرائيل بها الى مواجهة ما، من شأنها ان تسبب تغييراً في اوضاع الحرب الاهلية في سوريا، علماً بأن اسرائيل تفضّل ان يستمر الوضع الميداني هناك على ما هو عليه بلا تغيير.
واشارت الصحيفة الى أن القلق الإسرائيلي يتركز حالياً حول مسعى حزب الله إلى تحسين مستوى دقة الصواريخ الموجودة في حوزته، التي بلغت حسب آخر التقديرات الاسرائيلية 130 الف صاروخ، و«تحسين القدرة مرتبط بتحسين الدقة، بما يسمح لحزب الله بتوجيه ضربات مؤثرة وفعالة لاهداف اسرائيلية، من مسارات اقلاع الطائرات الحربية في قواعد سلاح الجو، وصولاً الى محطات توليد وتوزيع الطاقة الكهربائية في إسرائيل».