كما في كل مواكبة لمؤتمر دولي مرتبط بسوريا، يسعى الإعلام الغربي للتذكير بأجندته السياسية تجاه الأزمة، ويقترح الصحافيون بعض المطالب ويتنبّأون ببعض النتائج. قبل مؤتمر كامب دايفد بأسابيع وخلال انعقاده، رسم الصحافيون صورة شبه كاملة لما سيبحث على طاولة المجتمعين.بعضهم حسم أن المؤتمر لن يكون سوى "حقنة طمأنة" من الرئيس باراك أوباما لدول الخليج الحليفة بأن واشنطن لن تتخلّى عنهم وتميل الى إيران.

آخرون رأوا أن أوباما سيشرح للزعماء الخليجيين أطر وتبعات اتفاق واشنطن النووي مع إيران، وبعضهم قالوا إن المؤتمر سيكون أشبه بـ"معرض لبيع السلاح" بكمية أكبر لتلك الدول الخائفة على أمنها. وفي كل تلك السيناريوات حضرت سوريا كالثابت الوحيد على قائمة مواضيع البحث.
بعض المؤسسات الإعلامية لجأت، عشية انعقاد المؤتمر، الى التذكير بـ"ارتكابات نظام (الرئيس بشار) الأسد" و"جرائمه بحق شعبه"، فطالبت بعض العناوين بـ"محاكمته وقادة نظامه بجرائم حرب". واستندت معظم تلك المؤسسات إلى ما نشرته صحيفة "ذي غارديان" البريطانية من "وثائق هرّبها ناشطون حقوقيون من داخل سوريا تثبت ارتكاب النظام جرائم حرب".

روس: المنطقة العازلة تمنح المعارضة السورية العلمانية قاعدة للنمو!

وفيما ربطت مجلة "نيوزويك" سوريا بالملف الإيراني كـ"جزء من بسط إيران نفوذها في المنطقة وسعي دول الخليج للحدّ منه"، أمل دايفد إغناتيوس في "ذي واشنطن بوست" أن يناقش المجتمعون "إمكانية إحداث تغيير ما في سوريا... في ظلّ كل المتغيّرات السريعة الحاصلة في المنطقة"، مشيداً بالتعاون الخليجي ـ التركي المستجدّ "لدعم المقاتلين المعارضين بغية إسقاط نظام الأسد". إغناتيوس نقل أيضاً بعض أجواء المحادثات خلال المؤتمر، وقال إن وزير الخارجية جون كيري "أطلع المجتمعين على نتائج لقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتن منذ أيام، وعلى أمل واشنطن بأن تدعم موسكو مرحلة انتقالية بعيداً عن نظام الأسد". إغناتيوس نقل أيضاً عن أوباما ومسؤولين أميركيين مشاركين "دعوتهم دول الخليج التي تموّل المعارضة السورية إلى أن تُبقي عملاءها تحت السيطرة، لكي لا يحكم داعش أو القاعدة البلاد في مرحلة ما بعد الأسد".
"معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" اختار من جهته أن يعيد نشر مقال سابق للدبلوماسي دينيس روس يطالب فيه بإقامة منطقة عازلة، لأنه "ليس هناك من أمر آخر قد يحدث تغييراً في الحقائق على الأرض في سوريا أكثر من المنطقة العازلة". روس شرح سبب مطالبته بها بالقول إنها "يمكن أن توفر مكاناً للنازحين وتلبّي الضرورات الإنسانية لهم، كما يمكن أن تنشّط معارضة سورية أكثر علمانية من خلال منحها قاعدة للنمو". روس رأى أيضاً أن دعم أوباما لإنشاء منطقة عازلة "سيشير بصورة لا تدع مجالاً للشك إلى استعداد واشنطن لتحويل توازن القوى فعلياً ضد الإيرانيين في المنطقة". لذا، ختم الدبلوماسي الأميركي بتقديم نصيحة لأوباما تقول إنه "إذا أراد لقمة كامب ديفيد أن تحقق النجاح، فالآن هو الوقت المناسب للتعامل بجدية مع موضوع المنطقة العازلة في سوريا".
آرون لوند كتب من جهته في "معهد كارنيغي" عشية انعقاد المؤتمر حول ما يطرحه الإعلام كل فترة عن "قرب سقوط نظام الأسد أو انتصاره". لوند يقول إن النظام حالياً منغمس في "حرب أهلية مربكة يتجه الى مستقبل غير أكيد ولا أحد من داخل النظام يعلم حتى ما قد يكون شكل الانتصار في ما بعد". الكاتب يعترف مع الذين يبشرون بقرب سقوط النظام السوري بأن الأخير يعاني على الصعيد الاقتصادي بسبب العقوبات، وقد خسر في الفترة الأخيرة عسكرياً بعض المواقع الجغرافية. لكنه يقول "دعونا لا ننسى لماذا لم يخسر الأسد الحرب منذ عام ٢٠١١"، ويشير الى أن النظام "ما زال يتمتع بتأييد شعبي ودعم في المناطق الخاضعة لسلطته، وهو لم يتعرّض لغزو من قبل جيش أقوى من جيشه، ومعارضوه الكثر منقسمون إلى درجة أنهم باتوا غير فاعلين". إضافة الى ذلك، ذكّر لوند بأن "الأسد استرجع حمص وبعض المناطق المهمة في ضواحي دمشق، وتلك المناطق ذات أهمية استراتيجية أكبر من إدلب وجسر الشغور".
لوند لم يحاول التنبّؤ بسيناريو قريب لمستقبل الأزمة، ربطاً بنتائج مؤتمر كامب دايفد، وقال إن سوريا "استحقت بجدارة لقب مقبرة التحليلات السياسية بعد أربع سنوات على انطلاق ثورتها"، مضيفاً أن "مقالات عدة وتحليلات جديدة ستتكدّس قبل أن تنتهي الحرب هناك. ونظراً إلى فداحة الصراع وتعقيداته وعنفه، يجب التحلّي بالتواضع قبل إعلان أي موقف داعم لأي من الأطراف".