أعلنت حسابات مغربية لما يسمى "تنظيم الدولة الإسلامية" إطلاق حملة تضامنية مع من وصفتهم بـ"الموحدين" المعتقلين في إشارة إلى عدد من السلفيين الجهاديين المتشددين الموجودين في عدد من السجون المغربية، ورُصدت بداية الحملة التي ما زالت مستمرة مساء يوم السبت على الموقع الاجتماعي العالمي "تويتر"، ابتداءً من الساعة التاسعة مساءً عبر وسم اختير له عنوان: #حال_الموحدين_في_المغرب.وكان لافتاً أن معظم هذه الحسابات التي نشطت في التغريد قد ظهر دقائق فقط بعد انطلاق هذه الحملة كما هي الحال مثلاً بالنسبة إلى حسابات حملت الأسماء التالية: "أبو سعد المغربي" و"مغربي وأفتخر بإسلامي" و"أسرى التوحيد في المغرب" و"أبو العباس المغربي"، فيما عادت حسابات أخرى للتغريد تزامناً مع بداية الحملة بعد توقيفها من طرف إدارة تويتر، كما هو الشأن بالنسبة إلى حساب "أم العيناء" الذي يقول صاحبه أو صاحبته إنه السادس.

ونشرت هذه الحسابات التي يظهر من خلال الاطلاع على بعض المنشورات الأخرى لأصحابها أنهم من مناصري ما يسمى "الدولة الإسلامية" قائمة بأسماء وأرقام تسلسلية لعدد من السجناء السلفيين (نحو 13) الذين قالت إنهم يخوضون هذه الأيام إضراباً مفتوحاً عن الطعام في السجن المحلي لطنجة، احتجاجاً على ما قيل إنه إساءة لمعاملتهم، كما نشرت هذه الحسابات أسماء معتقلين آخرين في سجني القنيطرة وسلا وبوركايز بفاس وتولال بمكناس.
وزعمت هذه التغريدات أن المدعو "زكريا بوغرارة" المعتقل بسجن سلا يعيش وضعاً صحياً سيئاً للغاية، بسبب الإضراب المفتوح عن الطعام الذي يخوضه، وعززت هذه التغريدات بنشر بعض الصور قيل إنها التقطت له داخل السجن. وكانت المصالح الأمنية قد أعادت اعتقال بوغرارة في شهر أكتوبر من السنة الماضية بسبب قيامه بالدعاية لتنظيم ما يسمى "الدولة الإسلامية" من خلال نشر كتابات وتسجيلات مرئية تشيد بالأعمال الإجرامية للتنظيم، وسبق لبوغرارة أن حوكم في أحداث 16 ماي بعشرة سنوات نافذة.
وكان لافتاً أن تضمنت التغريدات إشارة إلى حالة الجهادي المغربي - الألماني محمد حاجب المسجون في سجن تيفلت لمدة خمس سنوات، من خلال نشر صور لأبنائه يطالبون فيها بإطلاق سراحه رغم انتقاد الأخير للتنظيم. وتجدر الإشارة إلى أن حاجب الذي خاض عدة إضرابات عن الطعام، كان قد وصف في رسالة منسوبة إليه من السجن تنظيم داعش بأنه "منحرف" و"مغال" يشوه الدين الإسلامي، معلناً تبرؤه منه.
كذلك عبرت بعض الحسابات كحساب "القناص المغربي" وحساب "خطاب الأنصاري" عن تضامنها مع الشيخ السلفي المتطرف "عبد الرزاق أجحا" أحد أبرز المناصرين لداعش في المغرب والمحرض على الالتحاق بما يسمى "دولة الخلافة"، وكان أجحا قد اعتقل يوم 6 مارس الحالي في مطار محمد الخامس الدولي حينما كان يستعد للسفر إلى تركيا ومنها إلى سوريا للالتحاق بالتنظيم، فيما نشرت حسابات أخرى أسماء معتقلين سابقين توفوا قالت إن السلطات المغربية مسؤولة عن وفاتهم كعبد الحق بناصر الذي اشتهر إعلامياً بـ"مول الصباط" و"زكريا الميلودي" اللذين اعتُقلا على خلفية أحداث 16 ماي 2003.
وإلى جانب استعمال العبارات التقليدية في قاموس الجهاديين المتشددين، كـ"سجون الطاغوت" والحديث عن "تكريم الراقصات" بالمليارات في مقابل سجن من يصفونهم بـ"الموحدين"، وجه المغردون الموالون لـ"داعش" انتقادات لاذعة لحزب العدالة والتنمية الإسلامية، ويمكن أن نقرأ مثلاً أن إحدى هذه التغريدات تصف الحزب بأنه مجرد "شبهات تكونت على طريق اللهاث وراء الكرسي"، أو "هؤلاء الذين يدعون أنهم إسلاميون هم نفس من سجن إخواننا الموحدين بتهمة أنهم تكفيريون متشددون".
وفي محاولة لدغدغة العواطف، شملت هذه الحملة إعادة نشر عدد من الأشرطة التي سبق أن نشرت على يوتيوب وتتضمن شهادات سابقة لمعتقلين جهاديين يتحدثون فيها عن مزاعم حول تعرضهم للتعذيب والمضايقات داخل السجن، كما هي الحال بالنسبة إلى الفيديو المنشور بتاريخ 18 غشت 2013 بعنوان: "تعذيب وقتل وقمع المسلمين في السجون المغربية"، بالإضافة إلى تسجيلات أخرى لمعتقلين آخرين وصور قديمة أعيد نشرها مثل الصورة التي تظهر فيها سيدة منقبة وهي تحاول الإفلات من ضربة شخص ما، تقول التغريدات إنه "مسؤول أمني"، بينما قامت حسابات أخرى بنشر صور عدد من الجهاديين المغاربة الذين قتلوا في سوريا مثل "أبو أسامة المغربي"، متعهدة بالاستمرار في محاولة النفير إلى ما يسمى "دولة الخلافة" رغم التضييق، على حد قولها.
يحصل هذا في الوقت الذي ضاعفت فيه الأجهزة الأمنية المغربية من تفكيك الخلايا الإرهابية المتعاطفة مع "داعش"، كان آخرها توقيف عنصرين وصفهما المكتب المركزي للأبحاث القضائية (استحدث أخيراً) بـ"الخطيرين" يوم الأحد بمدينتي فاس وطنجة على ارتباط بشبكة تقوم بالسطو على مصارف لتمويل أعمال إرهابية، وقالت الأجهزة الأمنية في بيان لها إن العنصرين الموقوفين سبقت إدانتهما في قضايا إرهاب سنة 2005، وتبقى أخطر خلية جرى تفكيكها هي تلك التي اعتُقل عناصرها وعددهم 13 موزعين على تسع مدن مغربية، وكانوا يعتزمون القيام بعمليات إرهابية واغتيال شخصيات مدنية بعد أن قدموا البيعة لتنظيم البغدادي.
ورغم تشديد الأجهزة الأمنية الخناق على شبكات ترحيل المقاتلين المغاربة إلى سوريا والعراق حيث فككت آخر خلية استقطاب وتهجير في فاس بداية الشهر الحالي، إلا أن ذلك لم يستطع منع تدفقهم بشكل نهائي بسبب استمرار نشاط شبكات التهجير داخل مدينة سبتة الخاضعة للحكم الإسباني. إذ كشف تقرير نشر مؤخراً لمرصد "الشمال لحقوق الإنسان" التحاق ستة عناصر جديدة من شمال المغرب بجبهات القتال في سوريا والعراق عبر مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، وذكر المصدر ذاته أن أعمارهم تراوح بين العشرين والثلاثين.
وتقدر المصالح الأمنية المغربية عدد المقاتلين المغاربة الذين سافروا للقتال في سوريا والعراق بنحو 1354 مقاتلاً، منهم 220 سبق وتوبعوا في قضايا إرهاب، وقتل منهم 246 في سوريا و40 في العراق، فيما اعتقل 156 منهم بعد عودتهم من القتال، وذكرت التقارير أخيراً أن عدداً من المقاتلين المغاربة في سوريا يفكرون في العودة بسبب تهميشهم من طرف قيادة "داعش" وعدم حصولهم على نفس الامتيازات التي يحصل عليها العراقيون والسعوديون رغم أهمية دورهم وشراستهم في المعارك.