بغداد | لم يعد رئيس إقليم كردستان، مسعود البرزاني، من رحلته المثيرة للجدل إلى واشنطن، حتى طار كل من محافظ نينوى، أثيل النجيفي، والقيادي البارز في «اتحاد القوى» المطلوب للقضاء العراقي، رافع العيساوي، إلى العاصمة الأميركية، في زيارة قيل إنها بدعوة من البيت الأبيض وتستمر لعشرة أيام.
حتى إنّ مكتب العيساوي الذي شغل منصب وزير المالية في حكومة نوري المالكي قبل أن يُتهم بقضايا إرهابية، قال في بيان إنّ «العيساوي زار واشنطن صباح الجمعة في زيارة مفاجئة بعد دعوته من قبل الرئيس الأميركي باراك أوباما لبحث آخر التطورات الحاصلة في الأنبار». وأضاف البيان أنّ «هدف الزيارة هو مناقشة قضايا تخصّ أهل السنة، منها تسليح العشائر، وأهمها إبقاء قضاء النخيب ضمن محافظة الأنبار وطرد داعش وعودة النازحين إلى مناطقهم»، مشيراً إلى أن «جميع قضايا أهل السنة ستطرح أمام الرئيس الأميركي وأعضاء الكونغرس لإيجاد حل سريع وعاجل لما يحصل لأهلنا في العراق وفي المحافظات المنتفضة بالأخص».
البرزاني: معوقات الاستقلال
قليلة جداً ولم يبق الكثير لتحقيق هدفنا

وفيما أشار مكتب العيساوي إلى لقاء جمعه والنجيفي، أول من أمس، برئيس إقليم كردستان، ذكر مكتب النجيفي في بيان نشر على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، أن الأخير «غادر العراق متوجهاً إلى ‫‏واشنطن في زيارة غير رسمية بدعوة من معهد بروكنز (بروكينغز) لحضور جلسة مخصصة لبحث وضع ‫العرب السنّة في ‫‏العراق وأهمية المصالحة الوطنية في محاربة ‫‏داعش». وأشار البيان إلى أن النجيفي سيجري أثناء زيارته جملة من اللقاءات مع شخصيات سياسية وإعلامية أميركية.
وحظيت الزيارة بتكتم سياسي وإعلامي شديد، إذ إن غالبية نواب وقيادات محافظتي نينوى والأنبار رفضوا الحديث عنها وعن طبيعتها وعما إذا كانت قد جرت بعلم من تجمّع «اتحاد القوى» الذي يضم «كافة الشخصيات والحركات والأحزاب السنية في الحكومة والبرلمان».
مصدر سياسي رفيع قريب من «اتحاد القوى»، أبلغ «الأخبار» أنّ الزيارة «ليست عادية»، مضيفاً أنّ «النجيفي والعيساوي هما بمثابة مبعوثين عن قادة السنة في الحكومة والبرلمان إلى واشنطن، لبحث وضع السنة في العراق ومناطقهم التي يخضع أغلبها لسيطرة داعش». وأوضح المصدر أن الزيارة كان «مخططاً لها سلفاً وحتى قبل زيارة البرزاني»، مبيناً أنها تأتي «لحسم الموقفين الكردي والسني من العملية السياسية في العراق والحرب ضد داعش».
وتوقع المصدر أن «تختلف زيارة النجيفي والعيساوي عن زيارة البرزاني، إذ سيكون الكلام أكثر صراحة وسيخرج عن إطار الديبلوماسية التي رافقت زيارة البرزاني». ولفت إلى أنه «قد يحصل السنة على مكاسب عديدة، أكثر من تلك التي حصل عليها البرزاني».
من جهة أخرى، قال السفير العراقي لدى واشنطن، لقمان فيلي، (بحسب ما نقل عنه بيان لمكتب النجيفي عقب لقائه به) إنّ «الإدارة الأميركية والمسؤولين الأميركيين مهتمون بمعرفة رأي النجيفي في عملية تحرير المحافظة من عصابات داعش الإرهابية، لأن عملية التحرير تتصدر الأولويات هناك».
في موازاة ذلك، رأى المحلل السياسي العراقي، عبد العزيز عليوي، أن زيارة الوفد تهدف إلى الترتيب لـ»عراق الأقاليم»، خصوصاً أنّ رافع العيساوي هو من دعاة تشكيل إقليم الأنبار، والنجيفي من دعاة تشكيل إقليم نينوى، فضلاً عن أن الاثنين يرفضان بشدة مشاركة «الحشد الشعبي» في تحرير الأنبار والموصل.
وأوضح عليوي في حديثه لـ»الأخبار» أنّ «النجيفي رتّب خلال الفترة الماضية علاقته بتركيا وحصل على وعود بمشاركة مباشرة بمعركة تحرير الموصل. والعيساوي رتّب هو الآخر الوضع مع الأردن ودول الخليج»، متوقعاً أن تحدث ما سمّاها «المفاجأة» في مؤتمر باريس الذي أعلنه، يوم الجمعة الماضي، السياسي العراقي، خميس الخنجر، والذي تحدث عن «عقد أول مؤتمر يجمع شخصيات ورموزاً سياسية واجتماعية ودينية وقادة في الجيش السابق، وممثلي فصائل في المحافظات السنيّة الشهر المقبل في باريس»، فيما ذكرت مواقع خليجية متابعة للشأن العراقي أنّ الترتيبات للمؤتمر تجري تحت سقف «تحرك سعودي ــ أردني».
وأرجع الخنجر، الذي يتخذ من عمان واسطنبول مقراً لتحركاته ونشاطاته، اختيار باريس إلى أنّ فرنسا هي الدولة التي لم تشارك باحتلال العراق ودعمت جميع مكونات العراق والعملية السياسية والاستقرار، على حد قوله.
عموماً، ترافقت الزيارات لواشنطن مع حديث واضح لرئيس إقليم كردستان، الذي قال خلال لقاء جمعه، أول من أمس، إلى «الجالية الكردية» في ولاية فرجينيا، إنّ «استقلالنا هو حق طبيعي، لكنه سلب منا وما زلنا نعاني الاضطهاد منذ الحرب العالمية الثانية وتم تقسيم بلادنا دون أن يكون لنا أي رأي في هذه المسألة». وأضاف بشأن «الاستقلال»، أنّ «المعوقات التي كانت موجودة في ما مضى، وإن وجدت الآن، فهي قليلة جداً، لذا إن هدفنا لم يبق له الكثير لتحقيقه».
وشكلت زيارة البرزاني للولايات المتحدة مناسبة له ليحاول النأي بنفسه عن قضية مشروع القانون الأميركي الداعي إلى تسليح «البشمركة» و»قوات العشائر» مباشرةً وبعيداً عن الحكومة المركزية، إذ قال يوم الجمعة الماضي إنه يبحث عن التسليح وإنه يقبل به «بأي طريقة تختارها الإدارة الأميركية».