بغداد | في ظل احتدام المعارك بين القوات العراقية وتنظيم "داعش" في عدد من محافظات البلاد، كان الوضع الأمني في بغداد مستقراً ــ نسبياً ــ إذ إنّ التفجيرات التي كانت تتعرض لها العاصمة العراقية سابقاً تراجعت بنسبة كبيرة.ولأن الوضع الأمني في بغداد تحسّن مقارنة بفترات سابقة، قرّر رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، في شهر شباط الماضي رفع حظر التجوال الذي كان قد فُرض لأكثر من عشر سنوات.
ولأكثر من سبعة أشهر عاشت بغداد استقراراً أمنياً، وتمكنت السلطات فيها من القبض على أكبر شبكة إرهابية تابعة لتنظيم "داعش" في عملية "الشهاب الثاقب". لكن التفجيرات عادت خلال الأسبوعين الماضيين بشكل نوعي.

وشهدت العاصمة ومحيطها (تحديداً منطقة الكرادة) سلسلة تفجيرات خلال الأيام الأخيرة، راح ضحيتها العشرات من المدنيين.
وبخلاف الإشارة إلى الخلايا النائمة في العاصمة، فإنّ عدداً من السياسيين ربط بين موجة النزوح الكبيرة التي حصلت من الرمادي (مركز محافظة الأنبار) باتجاه العاصمة ومحيطها وبين تصاعد وتيرة التفجيرات. ورأى سياسي أن "تنظيم داعش هو من دبّر عملية النزوح الى العاصمة، لإدخال عناصره مع العوائل"، لكن مثل هذه التصريحات تجابه بالرفض.
وبعد التفجيرات الأخيرة، قامت "قيادة عمليات بغداد" (المسؤولة عن الملف الأمني في العاصمة)، بقطع عدد من الشوارع والطرق في العاصمة العراقية، لكنها استثنت حيي الكرادة والمنصور، باعتبارهما من الأحياء الراقية ويشهدان حركة مستمرة.
يحاول "داعش" نقل المعركة من الأماكن التي كان يسيطر عليها إلى بغداد

النائب عن "ائتلاف دولة القانون"، محمد الصيهود، قال لـ"الأخبار"، إن "هناك أعداداً كبيرة من عصابات داعش الإرهابية دخلت مع نازحي الأنبار، الذين كانوا ضحية سياسيين وتنظيم ارهابي، استغلهم ودخل العاصمة". وأضاف أن "الخلايا النائمة في بغداد، أدت دوراً كبيراً في تلك التفجيرات، وبدأت تتحرك لزعزعة الوضع الأمني في محاولة منها لإثارة الفتنة بين العراقيين، خاصة عندما استهدفت النازحين في أكثر من عملية، لتقول إن الحشد الشعبي هو من قام بذلك".
ولم تقبل الحكومة المحلية في بغداد وفي محافظتي كربلاء وبابل، إدخال النازحين من الأنبار إلا بعدما يكفلهم أحد السكان المحليين. وقد ذهبت محافظة بابل إلى أبعد من ذلك ورفضت دخول الرجال والشباب، وقامت بتسليحهم لمقاتلة "داعش" في مناطقهم.
وقالت النائبة عن "اتحاد القوى"، لقاء وردي، لـ"الأخبار"، إنها "تخشى على النازحين من ردود فعل بعض الجهات المسلحة بعد التفجيرات التي وقعت في بغداد"، موضحة أن "هناك من بدأ يسوق في الإعلام ان التفجيرات جاءت بعد دخول النازحين الى بغداد، بغية إحداث اقتتال طائفي".
من جهة أخرى، عزا المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، سعد معن، التطورات إلى "محاولة تنظيم داعش الإرهابي نقل المعركة من الأماكن التي كان يسيطر عليها إلى بغداد، وذلك بعدما تراجع كثيراً بفضل تقدم القوات الأمنية العراقية وقوات الحشد الشعبي".
وأضاف لـ"الأخبار" أن "الخروقات الأمنية التي شهدتها بغداد أخيراً، هي رد فعل على الانتصارات التي يُحققها أبناء العراق على تنظيم البغدادي، لكنها خروقات تعمل الأجهزة الأمنية على تلافيها والحد منها من خلال تفعيل الجهد الاستخباري أكثر، وقطع تواصل شبكات التنظيم في ما بينها".
مصدر في قيادة عمليات بغداد، كشف لـ"الأخبار"، عن وضع القيادة "خطة أمنية جديدة، ستعيد غلق بعض الشوارع"، مرجحاً أن "تغلق السلطات الشوارع التي فتحتها أخيراً".
وبرغم عدم الفائدة والإخفاق، إلا أن وزارة الداخلية العراقية لا تزال تعتمد على جهاز "كشف المتفجرات" (السونار)، الذي استوردته قبل أعوام من شركة بريطانية اعترفت بأنه لا يصلح لكشف المتفجرات. منتسب في وزارة الداخلية العراقية قال لـ"الأخبار"، إن "هناك توجيهات من قيادات أمنية عُليا باستخدام الجهاز، رغم تأكيد فشله... وإن لم نستخدمه سنُعاقب".