تتواصل حملة الاعتقالات ضد عناصر سلفية في قطاع غزة، مع إصدار بيان من حركة «حماس» نفت فيه، يوم أمس، أنها هدمت مسجداً يتبع لما يسمى «أنصار الدولة الإسلامية في بيت المقدس»، وسط القطاع، بل دفيئة زراعية كانت تستخدم لاجتماعات تلك الجماعة. وبينما عثرت الشرطة على سيارة في حي الشجاعية، شرق غزة، داخلها متفجرات أبطلت مفعولها، وفيما استخدم الجيش المصري غازات في أحد الأنفاق المتبقية على الحدود بين غزة وسيناء وإصابة عدد من المهربين هناك، ذهب الإعلام الإسرائيلي إلى تضخيم الرواية عن «داعش غزة» أكثر من الواقع، إذ نقلت القناة الثانية العبرية، أمس، أن «حماس» عمدت إلى «تصفية العشرات من ناشطي تنظيم الدولة الإسلامية الذين حاولوا الدخول من سيناء إلى القطاع عبر أنفاق»، مشيرة إلى أن الحركة تتعامل بقلق وخشية من إمكان استيلاء «داعش» على غزة!
كذلك ذهب موقع «جنود إسرائيل ــ بزم»، التابع للقناة الثانية، إلى القول إن حالة ذعر تسود «حماس» من إمكانية «استيلاء المتطرفين على القطاع وطردهم من السلطة». ونقل مراسل الموقع، شيمون افيرغان، عن مصدر قال إنه رفيع المستوى في غزة تأكيده أنهم في «حماس» يخشون من أن تدفع الأزمة الاقتصادية إلى تجاوب الشباب الغزيين مع المتطرفين، وإلى حالة من التمرد تفقد الحركة السلطة، الأمر الذي يفسر من وجهة نظر الموقع حملة الاعتقالات في الأيام الأخيرة، وتحذير سكان غزة من التعامل مع «داعش».
مصدر أمني لـ«الأخبار»: بعض «الداعشيين» خارجون عن فصائلهم
المصدر الفلسطيني نفسه نقل عنه الموقع القول إن الجميع هنا يدركون جيداً أن ناشطي «حماس» يسعون إلى قتل عناصر «داعش» انتقاماً لقتلاهم في مخيم اليرموك في سوريا، وإن «حماس تقترب أخيراً من حزب الله وإيران، اللذين يحاربان أيضاً داعش، ما يمكّنها في موازاة ذلك من الحصول على الدعم المالي والأسلحة».
تفسيرات مبالغ فيها أطلقها الإعلام الإسرائيلي، فيما احتفت الصحف والمواقع المصرية بـ«هجوم حماس على داعش»، وهي كلها تقديرات لأحداث ميدانية وقعت بالفعل، ولكنها تخالف ما تشرحه مصادر أمنية في غزة، قالت لـ«الأخبار» إن «داعش» بالمعنى التنظيمي المعروف دولياً ليس موجوداً في غزة، ولكن بعض عناصر أطلقوا بيعتهم لـ«أبو بكر البغدادي» ويعملون على إثارة القلاقل.
ولا تخفي تلك المصادر أن «الحالة الداعشية» القائمة حالياً تشبه ما جرى قبل أعوام في غزة، إذ ثمة منتمون إلى فصائل مقاومة، مثل «حماس ــ كتائب القسام»، و«لجان المقاومة الشعبية»، اتجهوا صوب الأفكار السلفية، وهم ممن يمتلكون الخبرة في العمل العسكري والأمني بناءً على تدربهم في المقاومة لعدة سنوات، ولذلك استطاعوا زرع بعض العبوات وتفجير أخرى.
كذلك تذكر المصادر نفسها أن عمليات التوعية الدينية التي نشطت فيها بعض الفصائل خفضت من إمكانية اندماج كثيرين في هذا الاتجاه، ولكن الأجهزة الأمنية في غزة شعرت كأن الأمور أفلتت من أيديها، وخاصة أنها نظرت إلى كشف بعض المطاردين أسماء مسؤولين في جهاز «الأمن الداخلي»، التابع لـ«حماس»، عبر الإنترنت، على أنه «خدمة للاحتلال» ويشابه «سلوكيات العمالة».
ولا يخفى أن ما يجري، على سوئه أمنياً، قد تستفيد «حماس» منه إعلامياً كما يرى متابعون للشؤون الإسلامية، إذ تظهر الحركة على أنها فصيل إسلامي معتدل يحارب المتطرفين، بل لا مانع لديه من أن يكون جزءاً في إطار الحالة الدولية والعربية التي تعادي «داعش». وبالاستناد إلى القدرة الأمنية لـ«حماس»، في غزة، فإنه لا قلق عملياً على سيطرتها على غزة، كما يتحدث الإعلام الإسرائيلي، ولكن التوتر الحادث لا يخدم وضع الحركة التي تواجه مشكلات كثيرة مع «فتح» والعلاقة بمصر وأيضاً استمرار حالة الحصار والتهديدات الإسرائيلية المتكررة ضد القطاع.
(الأخبار)