غزة | لم ينته الجدل المثار حول الضرائب التي فرضتها حركة «حماس»، عبر ما تبقى من نوابها في المجلس التشريعي، على الفلسطينيين في قطاع غزة الذي تسيطر عليه، حتى فوجئ سكان «الكرافانات» الحديدية (أصحاب المنازل المدمرة في الحرب الأخيرة على القطاع)، بمطالبة البلديات لهم بضرورة تسديد رسوم اشتراك المياه والكهرباء.وأقرت البلديات التي تُسيرها «حماس» دفع رسوم مياه تقدر بـ 40 شيكلاً شهرياً (10 دولارات)، إضافة إلى رسوم اشتراك الكهرباء (عداد الدفع المسبق ــ الكرت) بحسب استهلاك النازح (قد يصل إلى 50 دولاراً)، على غالبية النازحين الذين يسكنون بيوتاً حديدية مؤقتة، ما أثار غضباً كبيراً بين هؤلاء الذين ينتظرون إعمار بيوتهم منذ شهر آب الماضي.

المواطن محمد عليان أحد هؤلاء، وهو من سكان بيت حانون، وقد هدد بقطع الكهرباء عن كرفانه الذي يقطنه مع عائلته بعد تراكم رسوم اشتراك عليه لثلاثة أشهر، برغم علمه أنه يجري تسديد هذه الرسوم من الجهات المانحة، وهو ما تم إعلامهم به عقب تسليمهم «الكرافانات».
«حماس» تقول إن الضريبة ستشمل الشركات الكبرى والبنوك

«ما لم تغطّ الجهات المانحة رسوم الكهرباء والماء، فإنه يجب على النازحين تسديدها»، هذه هي النتيجة التي خرج بها رئيس سلطة الطاقة، فتحي الشيخ، قائلاً لـ«الأخبار» إن سلطته طالبت الجهات المانحة بأن تدفع عن النازحين رسوم الكهرباء... «في حال لم تدفع تلك الجهات، على النازحين تحمل الأمر، وإلا من أين نأتي لهم بالكهرباء؟».
أما رئيس بلدية بيت حانون التي يقع فيها عدد من «الكرافانات»، ويدعى محمد الكفارنة، فقال إن البلدية سجلت ثمن استهلاك الكهرباء والماء للنازحين كديون عليهم، وقد تعمل على خفضها بنسبة 50% وتسديد ما تبقى منها بطريقة مريحة، كما أضاف.
قضية جديدة طرقت مسامع الغزيين بعد أيام من جدال طويل ومستمر بشأن الطرق التي تستحدثها «حماس» كي تُحصل أموالاً تستطيع بها تسديد جزء من رواتب موظفي حكومتها السابقة في ظل تعرقل الوصول إلى اتفاقات واضحة مع حكومة التوافق في رام الله. وعن ذلك قال عضو المكتب السياسي للحركة زياد الظاظا، إن «هناك حلولاً واقعية تلوح في الأفق»، مشيراً إلى أن «حماس تبذل قصارى جهدها من أجل التخفيف عن سكان القطاع».
وتعددت المسميات للضرائب التي تنوي «حماس» فرضها ما بين تكافل اجتماعي، وتكافل وطني، وضريبة تعلية، ولكن النتيجة واحدة. وطوال يومين ماضيين، دفع قياديون ونواب عن الحركة كل ما قيل عن الضرائب التي ستفرض على نحو 400 سلعة قال القانون الجديد إنها كماليات (كالفواكه والخضروات واللحوم والملابس والأجهزة الكهربائية والإلكترونية)، وذلك بتأكيدهم أن الضرائب ستشمل «حيتان المال»، كشركات الاتصالات والبنوك، وهو ما يمهد لتصعيد جديد لم تشهده غزة سابقاً.
كذلك لم يشفع تذمر التجار والمواطنين من تصريحات النائب عن «حماس» جمال نصار، في تبريره للضرائب التي فرضت أخيراً على السلع المستوردة، ووصلت إلى ثلاثة أضعاف الضريبة المفروضة أصلاً على السلع نفسها، مع العلم بأن تبريره كان بتحميل المواطنين هذه الضريبة وعدم وقوع الضرر على التجار مباشرة، فيما سيكون تحمل المواطن لها من أجل دعم الموظفين ممن لا يتقاضون رواتبهم.
فمثلاً، كانت وزارة الاقتصاد قد فرضت تعرفة موحدة على كل أصناف الفواكه لتصبح الضريبة 100 شيكل (25$) على الطن بدلاً من 30 شيكلاً (7.5$) كانت تفرض على التفاح، و50 شيكلاً (12.5$) كانت تفرض على الموز، وهو ما ساهم في ارتفاع ملحوظ لأسعار الفواكه كلها في الأسواق الغزية.
والآن، يمهد نواب «حماس» في «التشريعي» لفرض قانون «التكافل الاجتماعي» الذي يستهدف الشركات الكبرى (مثل الاتصالات وجوال وباقي الشركات الخاصة)، إضافة إلى البنوك العاملة في القطاع، وذلك لإيجاد حل «وإن كان مؤقتاً» لتأمين رواتب موظفيهم، في ظل تعثر كل الاتفاقات بين الحركة وحكومة التوافق. ويعقد نواب «حماس» جلساتهم يوم الأربعاء من كل أسبوع، في ظل غياب النواب الآخرين من الفصائل الأخرى، فضلاً عن أن النصاب غير مكتمل.
ويقول وكيل وزارة المال في غزة، يوسف الكيالي، إن القانون الخاص بالشركات (التكافل الاجتماعي) لم يصل إلى حيز التنفيذ بعد، مشدداً في حديث إلى «الأخبار» على أنه لم يطبق القانون نهائياً ولم يتم تحصيل أي أموال من هذا البند بعد.
هذه التصريحات أنكرها تجار تحدثوا لنا، وأكدوا أنهم دفعوا ضرائب جديدة على السلع التي يستوردونها، وهو ما ساهم في ارتفاع باهظ لأسعار الخضروات والفواكه، ما دفعهم إلى التوقف عن استيراد أي من السلع المفروض عليها الضرائب حتى تتراجع «حماس» عنها.
يبرر الكيالي الموقف بالقول إن ثمة «خلطاً بين أنواع الضرائب المفروضة على السلع المستوردة، وبين ضريبة التكافل المثيرة للجدل، بل يصعب تطبيقها حالياً، لأنها لم تقر كقانون ساري المفعول بعد».
وأمام ضرائب أصبحت أمراً واقعياً ونفي «حماس» وتذمر التجار والمواطنين، يرى مراقبون أن محاولة الحركة الخروج من أزمتها المالية على حساب الناس لن يكون حلاً، والظاهر أنها تحاول أن تؤمن رواتب موظفيها وتشغيل الوزارات بما يضمن لها البقاء أطول مدة ممكنة إلى أن يتغير الوضع الإقليمي.
من أكثر الغاضبين على هذه القرارات كان القيادي في «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» صالح زيدان، الذي استهجن الضريبة «المستحدثة من حماس»، بل اعتبرها تعدياً على جهود حكومة التوافق في «توحيد مؤسسات السلطة واستعادة الوحدة الوطنية». يقول زيدان لـ«الأخبار» إن «هدف ضريبة التكافل تمويل الجهاز الإداري والأمني لحركة حماس على حساب قوت المواطنين والمهمشين، والحركة صارت غير آبهة بالحياة الصعبة التي يعيشها المواطنون في غزة». ويضيف: «لم تشاور حماس أو تناقش أحداً من الفصائل في القانون الذي أقرته... سياسات الأمر الواقع غير شرعية، وهي تقلل من مقومات الصمود في مواجهة الاحتلال، وتقضي على وحدة النسيج الوطني».
أما محمد فرج الغول، وهو نائب عن «حماس»، فيرى أن «التكافل» جاء «خدمة للمواطنين»، قائلاً إن القانون لم ينشر ولم يطبق. وأشار الغول إلى أن القانون لن يفرض على المواطنين وإنما على الشركات الكبيرة التي تزيد أرباحها السنوية على مليون دولار. ويضيف: «لماذا لم تثوروا على القوانين التي فرضها (محمود) عباس في جباية الضرائب بغير وجه حق من غزة، فهؤلاء الحيتان والقطط السمان لن يتركهم التشريعي وسيأتي يوم ويحاسبون فيه؟».





تحديد الخميس موعداً لزيارة كارتر

من المقرر أن يصل الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، إلى قطاع غزة، الخميس المقبل، للقاء مسؤولين في حركة «حماس»، وفق مصدر أمني فلسطيني، قال إن كارتر سيصل عبر معبر بيت حانون «إيريز» الخاضع للسيطرة الإسرائيلية.
في السياق، قال مدير دائرة المعابر في غزة، ماهر أبو صبحة، إن وفداً أمنياً برفقة مدير مكتب كارتر وصل إلى غزة، عبر «بيت حانون»، للتحضير والتنسيق لزيارة الرئيس السابق.
وكانت إسرائيل قد قررت رسمياً مقاطعة زيارة كارتر، لكنها قالت إنها لن تمنعه من دخول إسرائيل أو المرور إلى غزة عبر معبر بيت حانون (شمال غزة).
وسبق أن زار الرئيس الأميركي الأسبق، غزة، بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية الأولى عام 2009، والتقى رئيس حكومة «حماس» السابقة، إسماعيل هنية.
(الأناضول)