صنعاء | يبدو أن المرحلة الجديدة التي أعلن انطلاقها المتحدث العسكري باسم العدوان السعودي على اليمن، أحمد عسيري، ستكون أقسى وأكثر جنوناً من الأيام العشرين الأوائل للعلميات العسكرية. أول «غيث» هذه المرحلة، المجزرة التي شهدها جنوب صنعاء يوم أمس، وأدت إلى استشهاد العشرات، بينهم موظفون في قناة «اليمن اليوم» التلفزيونية، وجرح المئات جراء تدمير حيّ سكني بصورةٍ كاملة. الدمار الهائل الذي أحدثه القصف، أثار ترجيحات بشأن استخدام العدوان أسلحة محرمة دولياً، مثل الصواريخ الفوسفورية والقنابل الارتجاجية والفراغية، ما يزيد من جرائم الحرب على سجل حملة «عاصفة الحزم» حتى الآن.
وصباح أمس، هزّ انفجار عنيف العاصمة صنعاء، حيث بدا الانفجار على هيئة هزة ارضية سبّبت تحطم زجاج المنازل والمحالّ، حتى تلك التي تبعد كيلومترات عن مكان الانفجار، قبل أن يعقبه بثوانٍ معدودة انفجار آخر دمر حي فج عطان السكني (جنوب صنعاء) بالكامل. الانفجار الذي وصف بأنه الأعنف منذ بدء العدوان، جاء بالتزامن مع قصف متواصل لطائرات العدوان على تلال محيطة بحي عطان. وقال شهود عيان لـ«الأخبار»، إنهم شاهدوا صاروخاً ضخماً في الهواء قبل وقوع الانفجار بلحظات، وهو ما مكن البعض من التقاط صور للانفجار الذي بدا مروّعاً وغير مسبوق.
ويؤكد الناشط السياسي والإعلامي، نبيل الصوفي، في حديثٍ لـ«الأخبار» أن الأدلّة تشير إلى أنه «لم يكن فقط صاروخاً موجهاً، بل إلى أن هناك قنابل عنقودية أسقطتها طائرات قبل عشر دقائق من وقوع الصاروخ». وأضاف الصوفي أن الصاروخ قصف الجبل، مع علمهم بأن المكان الذي قصف لم يكن فيه مخازن للسلاح، مشيراً إلى أن هذا «دليل على أن الهدف لم يكن الجبل ولا السلاح». ولفت الصوفي إلى أنه «بعد فشل العدوان في تحقيق أي نتائج، بات يستهدف صنعاء عبر ضرب ما قد عودوا الناس على اعتباره أماكن أسلحة». وكان المتحدث باسم العدوان، أحمد عسيري، قد أكد أن الغارات التي استهدفت صنعاء أمس، نُفّذت على مخازن أسلحة تابعة للحوثيين. وأردف عسيري في موجزه الصحافي في الرياض، بأن عمل الحملة «تركز خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية على صعدة وأطراف صنعاء ومستودعات الذخيرة الموجودة فيها»، مضيفاً أنه «في صنعاء بالذات استُهدفت مواقع تخزين الأسلحة الباليستية».
الغارات التي استهدفت حي عطان، سبّبت دماراً واسعاً طاول المنشآت العامة ‏والخاصة ومنازل المواطنين، كذلك احترقت عشرات السيارات في الشوارع، علاوة على الضحايا الذين، بحسب وزارة الصحة، وصل عددهم إلى 40 شهيداً وأكثر من 300 جريح كمحصلة غير نهائية، خصوصاً أن فرق الإنقاذ لم تتمكن بعد من انتشال الجثث من تحت الأنقاض في الحي الذي ظلّ عرضة للقصف حتى وقت متأخر من مساء أمس.

الانفجار الضخم وقع على مسافة قريبة من منزل أحمد علي عبدالله صالح

من جهته، عدّ المتحدث الرسمي لجماعة «أنصار الله»، محمد عبد السلام، أن استهداف العدوان حيّ عطان وسط العاصمة صنعاء، هو «قمة الإجرام». وأضاف أن هذه الجريمة «تكشف الحقد والكراهية والإجرام لدى التحالف السعودي الصهيوأميركي وبشكل لا ينسجم مع أخلاق الحروب، فضلاً عن أخلاق الإسلام وشرف العروبة». وأضاف عبد السلام في بيان نشره عبر موقع «فايسبوك»، أنه «لا مبرر ولا شرعية ولا حق لأي طرف في العالم أن يستهدف الشعب اليمني وينتهك سيادته ويفرض حصاراً عليه مهما كانت الادعاءات والمبررات». وعقب الانفجار الضخم الذي وقع على مسافة لا تزيد على نصف كيلومتر من منزل ابن الرئيس السابق أحمد علي عبدالله صالح وقناة «اليمن اليوم» التابعة للمؤتمر الشعبي العام، حلقت طائرات العدوان لتلقي بقذائفها على المنزل ومقر القناة في رسالةٍ للرئيس صالح وابنه. وفي الغارة التي استهدفت قناة «اليمن اليوم» سقط أربعة شهداء هم المذيع والمراسل الإخباري محمد شمسان، وموظف في الشؤون المالية أمين يحيى، والحارسان في القناة منير عقلان، وحزام محمد زيد، إلى جانب عشرات الجرحى.
ويقول الصوفي، الذي يعمل في فريق قناة «اليمن اليوم» إن استهداف هذه الوسيلة، «هو تنفيذ للتهديد الذي سبق ووجهه العسيري حيثما قال إنهم سيقصفون القنوات الإعلامية»، لافتاً إلى أن القناة تعرضت لقصف متعمد، في وقتٍ يتحدث فيه خبراء عسكريون عن أن القصف الذي تعرضت له منطقة عطان، ومن ضمنها قناة «اليمن اليوم» يُعدّ جريمة حرب ارتكبه العدوان بسلاحٍ أميركي يحتوي على مادة اليورانيوم.
استهداف وسيلة إعلامية واستشهاد 4 موظفين بينهم مذيع، أثارا ردود فعل غاضبة واستنكارات، حيث أدانت نقابة الصحفيين القصف، معتبرةً استخدام أسلحة ذات قدرات تدميرية بهذا القدر لاستهداف مواقع بالقرب من أحياء سكنية، «يظهر قدراً فادحاً من الاستهانة بحياة المدنيين». ولفتت النقابة في بيان إلى أنّ من المستعبد تماماً أن لا يكون من الواضح لقوات التحالف أن استخدام سلاح بهذه القدرة سيلحق أضراراً لا شك فيها بالمدنيين.
إلى ذلك، قتل يوم أمس، عنصر سعودي في حرس الحدود وأصيب اثنان آخران، خلال إطلاق نار على الحدود الجنوبية للسعودية مع اليمن، ليكون ثامن جندي سعودي يُقتل منذ بدء العدوان، بحسب بيان رسمي لوزارة الداخلية نقلته وكالة الأنباء السعودية، وذلك بعد مقتل عنصر آخر في حرس الحدود يوم الجمعة الماضي، مصدرها اليمن في نجران.