سيناء |يتواصل سقوط القذائف «المجهولة» ليلاً على بيوت المواطنين المدنيين في مناطق الحدود الشرقية في شمال سيناء، لتسجل مجزرة جديدة راح ضحيتها 11 شخصاً من عائلة واحدة إثر سقوط قذيفة على منزل مكوّن من طابقين في قرية «حق الحصان»، جنوب مدينة رفح المصرية.وكانت قذيفة هاون قد سقطت ليل الأربعاء الماضي على منزل لمواطن يدعى أحمد الهبيدي وأدت إلى مقتل 13 شخصاً من أسرته وإصابة 4 آخرين من العائلة نفسها، وغالبيتهم من الأطفال والنساء، ومن بينهم سيدة كانت حاملاً في الشهر التاسع، وقد خرج جنينها من بطنها بعد إصابتها بالانفجار.

وبعد حادثة أمس، يقف سلمان أبو عكر أمام مبنى الاستقبال في مستشفى العريش العام وقد علا وجهه حزن مطبق على ما جرى لعائلته، وظل ينتظر خروج جثمان شقيقته التي قتلت بعد سقوط القذيفة على منزل زوجها، علماً بأن قوات الأمن رفضت تحرك سيارات الإسعاف لإجلاء الضحايا إلى المستشفى بدعوى سريان حظر التجوال، رغم أن القانون يسمح بخروج الإسعاف في وقت الحظر.
ويقول أقرباء العائلة المفجوعة إن مصدر القذيفة هو كمين «حق الحصان» العسكري الذي لا يبعد عن منطقة سكنهم سوى 300 متر، مكذبين الروايات التي أطلقها الأمن وقالوا فيها إن مصدر القذيفة المجموعات المسلحة. كذلك اشتكوا رفض الجيش إرسال حفارات لرفع الأنقاض وانتشال المصابين تحت حجة حظر التجوال.
ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها منازل المواطنين بقذائف الهاون

وهذه ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها منازل المواطنين بقذائف الهاون، فيما تتوزع الاتهامات بين الجيش والعناصر المسلحين الذين يقاتلهم. فإضافة إلى ما حل بعائلة الهبيدي قبل أيام، سبق ذلك مقتل 15 من عائلة أبو فريح في قرية نجع شبانة.
تقول الباحثة في وحدة رصد انتهاكات حقوق الانسان في سيناء، منى المصري، إن قوات الأمن مسؤولة عمّا جرى في قرية «حق الحصان»، لأن القوات المتمركزة في كمين «الوحشي جنوب» في الشيخ زويد أطلقت قذائف المدفعية الثقيلة تجاه منازل الأهالي. وتعيد هذه الحوادث تكرار المناشدات التي تطلقها القبائل للسلطات، إذ إنها تؤكد أنها المتضرر الأول مما يجري في شمال سيناء. ويستنكر أحد شيوخ قبيلة السواركة، ويدعى عارف العكور، «الانتهاكات التي تمارسها قوات الجيش والشرطة تحت ذريعة الحرب على الإرهاب»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه لم يفتح أي تحقيق في جرائم قتل المدنيين في شمال سيناء منذ أكثر من عام ونصف.
ورسمياً، لم تقدم قوات الأمن أي معلومات حول ملابسات الحادث الأخير، واقتصرت تصريحات مصدر أمني تحدث إلى «الأخبار» على أن «مجموعة من التكفيريين قصفت منزلين لمواطنين في الشيخ زويد أثناء مواجهات مع قوات الأمن».
ومنذ ستة أشهر، تعيش محافظة شمال سيناء حالة الطوارئ التي فرضتها عليها القاهرة في ظل حربها على المسلحين ممن يستهدفون الجيش والشرطة. ومؤخراً، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قراراً في الثامن من الشهر الجاري، ويقضي بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، وخاصة قانون رقم 21 لسنة 2015 .
ونص القانون على استبدال نص المادة 82 مكرر من قانون العقوبات، لتصبح على النحو الآتي: «يعاقب بالسجن المؤبد كل من حفر أو أعدّ أو جهّز أو استعمل طريقاً أو ممراً أو نفقاً تحت الأرض في المناطق الحدودية للبلاد بقصد الاتصال بجهة أو دولة أجنبية أو أحد رعاياها أو المقيمين بها، أو إدخال أو إخراج أشخاص أو بضائع أو سلع أو معدات أو آلات أو أي شيء آخر يكون مقوماً بمال أو غير مقوم». كذلك نص القانون على أنه يعاقب بالعقوبة نفسها «كل من ثبت علمه بوجود أو استعمال طريق أو ممر أو نفق تحت الأرض في المناطق الحدودية للبلاد بالوصف والشروط الواردة بالفقرة الأولى من القانون أو ثبت علمه بوجود مشروع لارتكاب أي من تلك الأفعال ولم يبلغ السلطات المختصة بذلك قبل اكتشافه»، على أنه يتضح من هذا التعديل التشديد الرسمي على كون الأنفاق هي السبب الرئيسي للإخفاق الأمني في مواجهة الاعتداءات المسلحة.