صنعاء | في صنعاء يقف الناس في طوابير طويلة أمام بوابات المراكز التي خصصت لاستقبال التبرعات العينية من المواد الغذائية والمجوهرات للمجهود الحربي، وذلك تلبيةً لدعوة «اللجنة الثورية العليا» لمواجهة الإرهاب والعدوان السعودي، الذي كان زعيم «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، قد أكد أهميته في خطابه ثاني أيام العدوان. الإقبال الكبير من الناس الذين اصطحبوا عائلاتهم للتبرع، قد يترك انطباعاً بأن اليمنيين من الشعوب الغنية، على عكس الواقع الذي يؤكد أن اليمن هو أحد أفقر بلدان العالم، ويرزح أكثر من 50% من سكانه تحت خط الفقر.
أحد مراكز جمع التبرعات العينية في صنعاء القديمة اضطر إلى فتح مخازن إضافية في بعض البيوت المجاورة نظراً إلى زيادة حجم التبرعات من المواد الغذائية بصورةٍ فاقت التوقع، وفق ما يؤكد أبو محمد، المشرف على المركز. ويوضح المسؤول أنهم في بداية الأمر، لم يتصوروا أن تصل كميات المواد الغذائية التي تبرع بها المواطنون إلى الحد الذي لم تعد معه مخازن المركز تتسع، مضيفاً أن الجيران سمحوا لهم بتخصيص 5 شقق قريبة من المركز جُهِّزَت كي تكون مخازن للتبرعات. ويتابع: «على مدار الساعة نستقبل المتبرعين بسياراتهم المحملة بالمواد الغذائية كالقمح والرز والسكر والبسكويت والمياه المعدنية وغيرها من المواد الغذائية».
كان لافتاً الاندفاع
الكبير للمرأة اليمنية
نحو التبرع

من جهتها، تقول مسؤولة القسم المخصص للنساء في المركز: «استقبلنا في مركز صنعاء القديمة إلى حد اليوم ما يزيد عن 4 كيلوغرام من الذهب قدمتها نساء صنعاء بسخاء لدعم المجهود الحربي والمجاهدين في جبهات القتال في الشمال والجنوب والجبهات التي تُجهَّز لمواجهة العدوان السعودي». وتضيف أن المتبرعات من النساء اصطحبن أطفالهن معهن، واللاتي تبرعن بالمجوهرات، منهن من أزالت أقراطها من أذنيها داخل المركز ووضعتهن في الصندوق المخصص للمجوهرات.
ورغم ما تشهده صنعاء من شحّ في مادة القمح، لم يمنع ذلك أحد المتبرعين من الذين وصلوا إلى المركز نفسه، من تقديم 3 أكياس من القمح. وردّاً على سؤال عمّا دفعه إلى التبرع بالقمح رغم شحّه في صنعاء، يؤكد المتبرع أن قبل مجيئه إلى المركز وقف في طابور أمام مخازن وزارة التجارة والصناعة حيث يباع القمح مباشرة من قبل الوزارة للمواطنين وأنه اشترى 4 أكياس أخذ واحداً منها إلى بيته وتبرّع بالباقي.
لقد ترك العدوان السعودي على اليمن جرحاً كبيراً في نفوس اليمنيين الذين توزعوا بين الانضمام إلى معسكرات فتحت أبوابها للمتطوعين للقتال ووصلت أعدادهم لمئات الآلاف. يؤكد هؤلاء أنهم يبذلون من أموالهم دعماً لذلك المجهود بانتظار الرد المنتظر على العدوان الذي بحسب قولهم ينتظر إشارة من الزعيم عبد الملك الحوثي.
وإلى جانب المراكز التي خصصتها «اللجنة الثورية العليا» لاستقبال التبرعات العينية، فتحت حسابات مصرفية في مختلف البنوك اليمنية وفروعها خصصت لاستقبال التبرعات النقدية من قبل المواطنين. ومن جهتها، خصصت البنوك أقساماً خاصة لاستقبال التبرعات النقدية، حيث توجه على سبيل المثال، محمد الاشموري، وهو مبرمج لدى شركة اتصالات، قاصداً الموظف المختص باستقبال التبرعات النقدية في بنك «التسليف التعاوني الزراعي» في صنعاء، وقد قرر أن يتبرع بنصف راتبه دعماً للمجهود الحربي.
من جهته، يؤكد أبو أسامة، المسؤول عن الإشراف عن جمع التبرعات للمجهود الحربي في محافظة صعدة، وهو يزور قسم يختص بجمع التبرّعات العينية من المجتمع، أن اللجنة استقبلت، منذ إعلان التعبئة العامة، مئات المبادرات الشعبية من الراغبين بتقديم مختلف المعونات المالية والعينية في صعدة. ويضيف أبو أسامة: «اضطررنا خلال اليومين الأولين إلى فتح حسابات مصرفية في أكثر من بنك، وحرصنا على أن تكون للبنوك فروع في أغلب المحافظات اليمنية». وأضاف: «من الواضح أن حجم العدوان الكبير وحالة الخذلان التي واجهها اليمنيون، وخصوصاً من المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية والمحلية تجاه الحصار المفروض على البلد، دفعت اليمنيين إلى التفاعل مع دعوات التعبئة العامة، ولا سيما في جانبها المالي».
وفي هذا السياق، كان لافتاً أيضاً الاندفاع الكبير للمرأة اليمنية نحو التبرع، حيث قدّمت ذهبها ومجوهراتها، وكذلك إعلانها عبر مسيرات نظمت في أكثر من محافظة لجاهزيتها لحمل السلاح إلى جانب الرجل اليمني، غير مكتفية بالتبرع بما تملكه. وأوضح أبو أسامة أن التعبئة تعمل في ثلاثة مسارات: الأول ميداني توعوي، والثاني جمع التبرعات للمجهود الحربي، والثالث استقبال المتطوعين المدربين على استخدام السلاح الذين يتقاطرون على المعسكرات للمشاركة في الدفاع عن وطنهم في وجه العدوان السعودي. ووفقاً للمسؤول، فقد تجاوزت المبالغ التي جُمعت في بعض المحافظات مئات الملايين، إضافةً إلى كميات كبيرة من المجوهرات والمواد الغذائية العينية، ولا تزال التبرعات تتوالى.