يبدو أنّ تداعيات كبيرة نشأت جراء موقف البرلمان الباكستاني الأخير بالتزام الحياد في الحرب على اليمن، ليكون هذا الموقف محركاً لمجمل التحركات الدبلوماسية الإقليمية في الساعات الأخيرة، ولتكون كلمة رئيس الوزراء الباكستاني، نواز شريف، أمس، بمثابة الحد الذي تريد أن ترسمه إسلام آباد.قال شريف، في بيان تلاه على التلفزيون، إن بلاده «ستكثف» جهودها «بالتشاور مع القيادة السعودية» لإيجاد حل دبلوماسي للأزمة في اليمن، معتبراً أنّ عودة حكومة الرئيس اليمني الفار، عبد ربه منصور هادي، «ستكون خطوة مهمة باتجاه إحلال السلام».

وتعقيباً على زيارة وزير الخارجية الايراني، محمد جواد ظريف، إلى إسلام آباد الاسبوع الماضي، قال شريف إنه حذره من أن إطاحة «حكومة هادي الشرعية في اليمن... يعد سابقة خطيرة تنطوي على مخاطر جدية للمنطقة بأكملها».
وجدد شريف، المقرب بصفة شخصية من العائلة السعودية المالكة التي وفرت له المأوى بعد إطاحته في 1999، تطميناته السابقة بأن باكستان مستعدة للدفاع عن وحدة الأراضي السعودية. وسعى شريف إلى التقليل من أهمية الخلاف مع الإمارات بعدما انتقد وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، أنور قرقاش، باكستان بسبب قرار برلمانها. وقال شريف إن تضامن باكستان مع دول الخليج غير قابل للشك، وإن الخلاف مع الإمارات كان نتيجة «سوء تفسير»على ما يبدو لقرار البرلمان.
شريف: سنكثف جهودنا بالتشاور مع السعودية لإيجاد حل في اليمن

وجاءت كلمة شريف، بعد يومين على رد اتسم بلهجة قوية غير معتادة وجهه وزير الداخلية الباكستاني، نزار علي خان، إلى الإمارات إثر وصف قرقاش مواقف البرلمان الباكستاني بأنها «متناقضة وملتبسة». وردّ الوزير الباكستاني، في بيان، متهماً الإمارات بـ«توجيه تهديدات» لبلاده، وقال إنّ «هذا ليس فقط أمر مثير للسخرية، ولكنها كذلك لحظة للتفكير بأن وزيراً إماراتياً يوجه التهديدات إلى باكستان. إن تصريح الوزير الإماراتي هو انتهاك فاضح لكل الأعراف الدبلوماسية السائدة طبقاً لمبادئ العلاقات الدولية». وأضاف أن «هذا التصريح من وزير إماراتي هو بمثابة إساءة إلى عزة نفس باكستان وشعبها وهو أمر غير مقبول».
كذلك، فقد كان لأنقرة دور في حل الخلاف الناشب ضمن الفريق الواحد، خاصة بعد الاتصال الذي أجراه الرئيس رجب طيب أردوغان بشريف، والذي استغرق 45 دقيقة. وقالت السفارة الباكستانية في أنقرة، في بيان، إن أردوغان وشريف اتفقا في المكالمة على تكثيف الجهود لإيجاد حل سلمي للوضع المتدهور في المنطقة. وأضاف البيان: «شدد الزعيمان على أن الحوثيين لم يكن لديهم أي حق في إطاحة الحكومة الشرعية في اليمن، وأكدا أن أي انتهاك لوحدة أراضي السعودية سيتبعه رد فعل قوي من البلدين».
وفي السياق، قالت مصادر رئاسية لـ«رويترز» إن أردوغان بحث «القضايا الإقليمية» مع الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، وأمير قطر، تميم بن حمد، الذي التقى بدوره، أول من أمس، وزير الداخلية التركي، صباح الدين أوزتورك.
وفي ظل الانشغال بالموقف الباكستاني، جرى، أول من أمس، لقاء إماراتي سعودي في الرياض، جمع بين ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد آل نهيان، وولي ولي العهد السعودي، محمد بن نايف. وقد أكد الجانبان «تصميم التحالف على تنفيذ أهدافه لعودة الاستقرار والأمن لليمن ومساندة قيادته وحكومته الشرعية ووقف الانتهاكات التي تقوم بها جماعة اتخذت من السلاح لغة للعنف والإرهاب في الاستيلاء على المؤسسات الوطنية اليمنية وتهديد الأمن الاستراتيجي للمنطقة وتحقيق أجندات وأهداف قوى إقليمية».
أما في شق العلاقات السعودية ــ الباكستانية، فقد أعلن وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودي، عبد الله بن عبد العزيز آل الشيخ، من باكستان، أول من أمس في زيارة تنهي اليوم، أن علاقات البلدين قوية وأن القرار الذي أصدره برلمان باكستان هو شأن داخلي باكستاني. وأضاف: «أولاً لا بد أن نؤكد أن المملكة العربية السعودية وجمهورية باكستان الإسلامية هما بلد واحد وعلاقاتهما من تأسيس المملكة ومنذ تأسيس دولة باكستان هي علاقة قوية ومتميزة ومستقرة ودائماً من حسن إلى أحسن». وأردف الوزير السعودي بالقول: «هذه شؤون خاصة بباكستان، ولكن نحن دائماً نطمع في أن تكون باكستان مع المملكة العربية السعودية في كل الظروف وفي جميع الأحوال... لأن المملكة هي بلد الحرمين الشريفين وباكستان هي ثاني أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان. وما بيننا وبين باكستان هو في القمة دائماً».
وتأتي هذه التطورات في وقت سبق فيه لرئيس البرلمان العربي، أحمد بن محمد الجروان، وصف قرار البرلمان الباكستاني بالـ«صادم للشعوب العربية والإسلامية».
في غضون ذلك، قال سفير إيران السابق لدى إسلام آباد، ماشاءالله شاكري، إنّه بعد الاتصالات الإقليمية التي أجراها الملك السعودي، سلمان، بعد تسلمه السلطة أشار «المراقبون والمحللون بعد هذه الدعوات والزيارات إلى احتمالية بروز حدث هام في المنطقة»، مضيفاً أنه «بعد عودة نواز شريف من الرياض بدأ يدور الحديث عن ضرورة تعزيز العلاقات وترسيخها مع السعودية فيما كان يعتقد بعض الباكستانيين أن العلاقات مع الرياض أدت الى الطائفية والخلافات الإثنية وانتشار المدارس الدينية المتطرفة». ولفت شاكري إلى أنّ «الوحدة الترابية للسعودية لم تتعرض للخطر، غير أنها شنت حرباً غير قانونية على اليمن... (و) قد دخلت مستنقعاً من الصعب الخروج منه».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)