تُظهر التطورات العراقية أنّ معركة الأنبار التي أطلقها قبل أيام رئيس الوزراء، حيدر العبادي، لم تبدأ فعلياً بعد، لتطرح عدة أسئلة عن سبب الزيارة السريعة التي قام بها العبادي لتلك المحافظة وإلقائه خطاب بدء المعركة. حتى إنّ الحديث الراهن عن انطلاق تلك العمليات عبر عملية لتحرير مدينة الفلوجة (نحو 60 كلم غرب بغداد) لا يعني، بالضرورة، بدء عملية عسكرية في الأنبار، بل يترجم فعلياً، بدرجة أولى، بمحاولة إراحة العاصمة أمنياً، والوقوف من جهة أخرى عند أبواب معركة عاصمة الأنبار: الرمادي (التي لم تسقط بيد «داعش» بشكل كامل).
والعبادي، وإن كان القائد العام للقوات المسلحة، لكن يبدو أنّ قرار فتح معركة في أكبر المحافظات العراقية وأكثرها اتصالاً بالدول المجاورة لا يملكه وحده، خصوصاً إذا ما كان معروفاً أنّ قوات الجيش العراقي لا يمكنها وحدها قيادة تلك المعارك؛ قيادتها في محافظة مفتوحة على الأراضي السورية والأردنية، كما على شمالي السعودية، وفيها وجود أميركي من خلال وجود مستشارين عسكريين يعملون ــ وفق المعلن ــ على تدريب قوات عراقية.
العبادي: المرجع شدد على أن يكون «الحشد» تحت سيطرة الدولة بالكامل

ومن المعروف أنّ قرار فتح المعارك غرباً يرتبط مباشرةً بالميدان السوري، كذلك فإنه يرتبط بقرار استعادة الموصل، وبالتالي لا يمكن عمليات كهذه أن تبدأ دون تنسيق مع الأطراف الإقليمية المنضوية تحت سقف «التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن، والتي يزورها العبادي الأسبوع المقبل.
كذلك، إنّ إعلان بدء عمليات الأنبار، جاء في وقت لم تُعرف فيه، رسمياً، الأطراف التي ستشارك في العمليات العسكرية، وإن كان «الحشد الشعبي» سيشارك فيها، وهو الطرف الذي قُلِّص دوره في آخر فصول عمليات استعادة تكريت، لأسباب لم تتضح.
وجاءت زيارة العبادي للأنبار (الأربعاء) بعد يومين من توجهه إلى اربيل، حيث التقى رئيس الإقليم، مسعود البرزاني، معلناً أنه «حُدِّد سقف زمني أو اطار زمني لعملية تحرير الموصل».
وكان القيادي في «التحالف الكردستاني»، محمود عثمان، قد قال في حديث صحافي، إنّ «الأسباب المعلنة لهذه الزيارة (العبادي إلى اربيل) هي التنسيق المشترك بين الحكومة (بغداد) والإقليم لوضع خطط لتحرير الموصل، أما المخفية فهي وجود ضغط اميركي كبير يدفع باتجاه تطوير العلاقات، وخاصة الامنية»، لافتاً إلى أن «العبادي يرغب قبل الذهاب الى الولايات المتحدة في ايجاد نوع من التعاون الايجابي بين الحكومة والاقليم، لأن هذا الامر يؤثر به إيجاباً خلال زيارته للولايات المتحدة ولقائه المسؤولين هناك». وقال عثمان إن «الذي استجد في العلاقات بين الحكومة والإقليم وتطورها هو الضغط الاميركي عليهما لتحسين العلاقات، وذلك لوجود تصور اميركي بضرورة ايجاد تعاون مشترك بين قوات الحكومة الاتحادية والبشمركة في موضوع الموصل تحديداً، كما ان للاقليم مصلحة في تحرير الموصل لأنها متاخمة لحدود الإقليم».
وأمس، أعلن وزير الداخلية العراقي، محمد الغبان، تشكيل «غرفة عمليات مشتركة مع اقليم كردستان للتعاون بين القوات العراقية وقوات البشمركة لتحرير الموصل وباقي المناطق التي يسيطر عليها داعش».
ويبقى مشهد معارك الأنبار غامضاً ولا يشبه ما جرى في صلاح الدين قبل أسابيع حين احتشدت قوات مشتركة بنحو 30 ألف مقاتل لاستعادة المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «داعش»، دون مشاركة طائرات «التحالف» في الفترة الأولى.
وبرغم ذلك، لا يمكن الحديث عن أزمة في الأنبار بقدر ما هي ترتيبات تجري خلف الستار، يرجح أنّ تكون واشنطن وحلفاؤها في صلبها.
في غضون ذلك، توجه، أمس، رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، إلى مدينة النجف يوم أمس، حيث التقى المراجع الدينية، السيد علي السيستاني، والسيد محمد سعيد الحكيم والشيخ محمد اسحاق الفياض والشيخ بشير النجفي.
وأعلن العبادي أن المرجع الديني الأعلى، السيد السيستاني، أعرب عن دعمه الكامل للحكومة والجهود المبذولة من أجل تحرير الأراضي العراقية من سيطرة تنظيم «داعش»، مشيراً إلى أن المرجع شدد على ضرورة أن يكون «الحشد الشعبي» تحت سيطرة الدولة بالكامل.
وقال العبادي، في تصريحات (نقلتها مواقع عراقية) عقب لقائه السيد السيستاني، إن «المرجع الأعلى أعرب عن دعمه الكامل لما نقوم به في ما يتعلق بتحرير أراضينا من داعش»، لافتاً إلى أن «المرجعية تقف مع الحكومة والمسؤولين المخلصين من اجل إكمال هذه الرسالة».
وأضاف أن «المرجعية تشدد على أن تكون جميع القوى الأمنية ومن ضمنها الحشد تحت سيطرة الدولة بالكامل».
في سياق منفصل، قتل ثمانية اشخاص، على الأقل، واصيب نحو 30 في هجومين منفصلين، احدهما انتحاري واخر بتفجير سيارة، في بغداد وشمالها (الكرادة وسط العاصمة والمشاهدة شمال العاصمة) أمس، بحسب ما افادت مصادر
أمنية.
(الأخبار، أ ف ب)