يدخل العدوان السعودي على اليمن يومه الثاني عشر اليوم، في ظلّ تفاقم الأزمة الإنسانية مع صعوبة وصول المساعدات الطبية، وفي وقتٍ لا تزال فيه احتمالات انتقال الحرب إلى مرحلة التدخل البرّي ضبابية، مع تردد مصر وباكستان في المشاركة، في ظلّ حراك دبلوماسي اقليمي، يمتد من طهران مروراً بإسلام أباد وأنقرة، وصولاً الى موسكو التي أكدت أنها بانتظار ردّ من مجلس الأمن على طلبها «هدنة إنسانية»، داعية إلى وقف إطلاق نار «غير مشروط».
ونقلت «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي)، عن مصادر مقربة من الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي توقعها اقتراب بدء حرب برّية في اليمن، ما يمكن ربطه بتصريحات سابقة لمستشار هادي، ياسين مكاوي، أكد فيها أن «الأيام المقبلة ستحمل مفاجآت وتطورات عسكرية كبيرة».
وطلبت السعودية من باكستان جنوداً وطائرات لعملياتها العسكرية في اليمن، بحسب وزير الدفاع الباكستاني، خواجة آصف الذي أكد أن إسلام آباد لا تزال تبحث حتى الساعة عن «حل سلمي للنزاع اليمني».
يحاول هادي
إعادة تشكيل الجيش للسيطرة عليه

وبدأ البرلمان الباكستاني، أمس، مناقشة الطلب السعودي، وسط تردّدٍ ظاهر، خصوصاً أن هذا الخيار سيضع رئيس الوزراء نواز شريف، في مواجهة المعارضة والرأي العام في الداخل. ورغم تعهد شريف مرات عدة في السابق، بالتصدّي «لأي تهديد لوحدة أراضي السعودية»، إلا أن وضعية إسلام آباد حيال المشاركة العسكرية لا تزال غير واضحة حتى الساعة. وقال آصف، أمام البرلمان: «طلب منا السعوديون طائرات وسفناً حربية وقوات على الأرض»، مشيراً إلى أن باكستان لم تتخذ قرارها بعد وأنها تفضل حلاً «سياسياً» و«سلمياً»، مع تجديد تأكيد الدفاع عن سيادة الأراضي السعودية إذا ما تعرضت لأي تهديد.
من جهة ثانية، أعلن آصف عن زيارة سيقوم بها غداً وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، للعاصمة الباكستانية، التي زارها وزير الدفاع المصري صدقي صبحي أمس، لمناقشة الوضع في اليمن، في ما يمكن أن يكون جهداً مشتركاً من باكستان وإيران وتركيا لإيجاد حل دبلوماسي لهذا النزاع. وتأتي زيارة ظريف لإسلام آباد بعد يوم من زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لطهران اليوم، وبعد أيام قليلة من زيارة نواز شريف لأنقرة. والتقى أردوغان أمس ولي ولي العهد السعودي، محمد بن نايف، خلال زيارة الأخير لأنقرة للبحث في الملفين اليمني والسوري.
بالتزامن، جدّد الملك السعودي سلمان، يوم أمس، تأكيد أن «حملة عاصفة الحزم جاءت لإغاثة بلد جار، وقيادة شرعية استنجدت لوقف العبث بأمن ومقدرات اليمن»، مؤكداً في بيانٍ حكومي أن بلاده لا تدعو إلى الحرب، بل إلى «الحفاظ على الشرعية». وتلقى وزير الدفاع السعودي، محمد بن سلمان، أمس اتصالاً هاتفياً من وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر، جرى خلاله «بحث مجالات التعاون في ضوء تحالف عاصفة الحزم»، بحسب وكالة الأنباء الرسمية السعودية.
وكان مستشار سعودي قد أكد يوم السبت الماضي، أن قوات خاصة سعودية تشارك في العدوان على اليمن، لافتاً إلى أن «الجيش والقوات الخاصة في البحرية السعودية تنفذ عمليات محددة»، من دون تحديد ما إذا كانت هذه القوات سبق أن نفذت عمليات برّية. وأضاف أن القوات الخاصة زودت هادي في مدينة عدن، بأسلحة ومعدات اتصال، مشيراً إلى أن مهمة القوات الخاصة في البحرية تكمن في «التنسيق والإرشاد» لمساعدة المجموعات المسلحة التابعة لهادي. وأضاف أن هذه القوات «ستواصل تنفيذ التزاماتها» مع هؤلاء المقاتلين، مشيراً إلى أن الجيش وقوات البحرية «شاركوا في عمليات ضد الحوثيين الذين احتلوا جزيرة ميون في مضيق باب المندب».
وبعد إعلان وزارة الداخلية السعودية مقتل جنديين من حرس الحدود السعودي يوم الجمعة الماضية، تعمل السلطات السعودية على إزالة 96 قرية على الحدود مع اليمن، «خشية تحولها إلى أوكار للمتسللين خلال عملية عاصفة الحزم»، بحسب معلومات صحافية.
دبلوماسياً، عبّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن «خيبة أمل» موسكو «لأن هذه العملية بدأت من دون مشاورات في مجلس الأمن الدولي»، داعياً كل أطراف النزاع إلى وقف أعمال العنف و«الجلوس إلى طاولة المفاوضات». وقال لافروف يوم أمس، إن على الحوثيين أن يوقفوا عملياتهم في جنوب اليمن، وأن يكون وقف إطلاق النار غير مشروط، مطالباً كذلك التحالف بوقف غاراته الجوية. في سياقٍ آخر، أكد لافروف أن بلاده تنتظر دعماً من مجلس الأمن لدعوتها إلى «هدنة إنسانية» من أجل إجلاء رعاياها. وكانت الأمم المتحدة قد أكدت يوم الخميس الماضي، أن ما يزيد على 500 شخص لاقوا حتفهم على مدى أسبوعين. وحصلت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أول من أمس، على موافقة التحالف العسكري لنقل إمدادات طبية حيوية وعمال إغاثة.
في هذا الوقت، يمضي الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي من مقرّ إقامته في الرياض في مسعاه لإعادة تشكيل الجيش اليمني، عبر مواصلته إقالة ضباط من القيادة، محاولاً السيطرة على الجيش الذي يقود بغالبيته المعارك إلى جانب «أنصار الله». وقد أصدر قراراً أول من أمس، بإقالة اللواء عبدالله خيران ونائب رئيس الأركان زكريا الشامي، وقائد قوات الأمن الخاصة، عبد الرازق المروني من مناصبهم، وبإحالتهم على القضاء العسكري بتهمة «التقصير»، في ظل أنباء عن استدعاء أنصار هادي لضباط الجيش المتقاعدين والمسرحين للمساعدة في مواجهة الحوثيين.
إلى ذلك، تركز القصف خلال الأيام الماضية على معسكر الحرس الجمهوري في منطقة الصباحة في المدخل الغربي للعاصمة صنعاء، وعلى معسكر قوات الأمن الخاصة في جنوبها، بالإضافة إلى استهداف جبل النهدين المطلّ على دار الرئاسة في صنعاء. وبحسب مصادر محلية، استهدف القصف قرية التخراف في سنحان مسقط رأس الرئيس السابق علي عبدالله صالح، بالتزامن مع مواصلة استهداف الطيران السعودي للبنى التحتية، ولا سيما شبكات الهاتف ومحطات الغاز المنزلي. كذلك، استهدف القصف قرى في محافظات صعدة وحجة والحديدة والضالع جنوباً.