يحوز راهناً رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، على منصب شبه فخري لناحية الصلاحيات الدستورية بصفته أحد النواب الثلاثة لرئيس الجمهورية، لكن السؤال حول عودته الفعلية إلى السياسة ــ إلى رئاسة الوزراء ــ تبقى محط تساؤلات.في لقاء أجرته معه «واشنطن بوست» الاميركية، ينفي المالكي السعي للمطالبة بمنصبه السابق، مبدياً في الوقت ذاته الدعم لخلفه حيدر العبادي، لكنه لا يستبعد احتمال العودة يوماً ما، استناداً إلى «قاعدة الدعم الشعبي التي أحظى بها، والتي لا تزال موجودة وقوية. هذا ممكن». احتمال ممكن، لكن ليس قبل عام 2018، تاريخ الانتخابات البرلمانية المقبلة. يضيف: «شرعياً ودستورياً، هذا ممكن. ويبقى أنه خيار الشعب».

وترى الصحيفة الأميركية، المعروفة سابقاً بحجم الانتقادات التي كانت توجهها لحكم المالكي، أنّ بقاء المالكي في أفق المشهد يمثل تحدياً لحيدر العبادي. وترى أنّ ظهور المالكي من جديد تزامن مع معركة استعادة تكريت، التي بينت ضعف سيطرة العبادي، وفقاً للصحيفة، على القوات الشعبية المشاركة في المعركة.
موفق الربيعي، وهو من أعضاء «دولة القانون» البرلمانية، يقول للصحيفة الأميركية «نحن لم نر نهاية المالكي»، فيما تنقل الصحيفة عن ديبلوماسي غربي يعمل في المنطقة قوله إنّ هناك اهتماما عميقا بما قد يصل إليه المالكي، وبعض الشك بأنه قد يكون ساعياً إلى تقويض حكم العبادي. ويرى الديبلوماسي الغربي أنّ المالكي يظهر ذا تأثير أوسع على عدد أكبر من النواب، مقابل تأثير العبادي، وكذا في ما يخص مؤسسات أمنية.
ولا تغفل الصحيفة الإشارة إلى زيارات قام بها المالكي اخيراً إلى مناطق تحيط بتكريت، مشيرة إلى أنّ رئيس الوزراء السابق «(كان) يحيي القوات المنتشرة هناك كما ولو أنه في السلطة». وترى «واشنطن بوست» أنه منذ مغادرته رئاسة الوزراء نهاية الصيف الماضي، تحول المالكي إلى مؤيد، خاص، لقوات «الحشد الشعبي»، التي يقول عنها: «لقد أنشأتها في عهدي... يشعرون أنهم قريبون جداً مني، أو ربما أوفياء لي. لذلك، أواصل العمل معهم وأدعمهم وأدفعهم للقتال».
في غضون ذلك، يشير معدو التقرير إلى صعوبة عودة نوري المالكي إلى منصب رئاسة الوزراء، ويحاججون في ذلك مستعينين بآراء سياسيين عراقيين، مثل عزت الشهبندر، وهو ليس من المناوئين التقليديين لصاحب الولايتين الحكوميتين (2006 و2010) بل كان عضواً سابقاً في ائتلاف «دولة القانون»، لكن ذلك لا يحرجه باعتبار أنّ المالكي «انتهى» (وفق التقرير).
كذلك، لا يغيب عن التقرير واقع ما يمتلكه المالكي من نفوذ بصفته أميناً عاماً لحزب «الدعوة» الذي، وللإشارة، يضم حيدر العبادي. وتكشف الصحيفة أنّ بعض أعضاء الحزب يصفون العبادي بـ»الناظر على مركز».
وفي السياق، يقدّم التقرير، على نحو مختصر، مقارنة بين الشخصيتين. وتقول إنّ «المالكي والعبادي ينتهجان منهجين مختلفين في الحكم»، مستطردة بأنّ سبب ذلك قد يكمن في اختلاف تجربتي المنفى خلال حكم صدام حسين. وتشرح أنّ العبادي قضى تلك الفترة كمهندس كهربائي في بريطانيا، وبالتالي يختزن أريحية (دفئاً) في التعاطي مع الغرب. بينما المالكي، أقرب إلى إيران، حيث عاش لمدة سبعة أعوام.
ويستكمل التقرير في تفصيل هذه النقطة، عبر الحديث عن الملصقات واللافتات العائدة إلى الاثنين في الشوارع ــ شوارع بغداد ــ وطريقة التعامل معها، وكذا في ما يخص أساليب التنقل. ويخلص إلى نتيجة أنّ «هناك منافسة (مزاحمة) مستترة بين المالكي والعبادي». وهنا تنقل الصحيفة عن رئيس الوزراء السابق قوله إنّ «العبادي يقوم بما هو ممكن وليس طبقاً للطموح المطلوب»، مشيرة إلى إقرار المالكي بأنّ خلفه يعاني من الوضع المالي الصعب ومن التدهور الأمني. وينقل التقرير أيضاً عن المالكي انتقاده لطريقة العمل على إقرار قانون «الحرس الوطني».
في سياق آخر، تنقل الصحيفة عن المالكي قوله إنّ العلاقات مع إيران والولايات المتحدة كانت «متوازنة» إلى حين إخفاق واشنطن في الوفاء بالتزاماتها المنصوص عليها في الاتفاقية الأمنية الموقعة مع بغداد؛ «لدينا اتفاقية معهم وطالبناهم بالقصف بطائراتهم، طالبنا بمزيد من الأسلحة، لمواجهة الأسلحة المتقدمة التي باتت لدى داعش، ولا نعرف سبب عدم الاستجابة».
(الأخبار)