القاهرة | «إننا نعيش في خطر إرهابي جديد يمثله الإنترنت والتكنولوجيا الحديثة»، هذا ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسي، في كلمته في الجلسة الافتتاحية للقمة العربية العادية التي انتهت فاعليتها في شرم الشيخ قبل يومين. وطالب بوضع اشتراطات للاستخدام الآمن للإنترنت وفقاً للمعايير الدولية، لمنع استخدامها في الأعمال الارهابية‎، ولتجنّب نشر الفكر المتطرف.ما قاله الرئيس المصري لا يدخل في باب «الكلام الفارغ» الذي يميّز تلك النوعية من الاجتماعات والقمم. ففي الوقت الذي كان يتحدث فيه السيسي أمام الحكام العرب، كانت حكومته قد انتهت من إعداد نسخة من قانون اسمه «مكافحة جرائم تقنية المعلومات»، وهو القانون الذي وافق عليه مجلس الوزراء الأسبوع الماضي، وفقاً للدستور. ولأن الرئيس يملك السلطة التشريعية في غياب البرلمان يكون هذا القانون سارياً بعد توقيعه من الرئيس ونشره في الجريدة الرسمية.

القانون أعدّته الشهر الماضي لجنة شكلها رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، برئاسة وزير العدل المستشار محفوظ صابر، وعضوية وزارات الدفاع والداخلية والخارجية والاتصالات والمخابرات العامة، وذلك في سياق ردود الفعل على شريط ذبح 21 مصرياً في ليبيا في شهر شباط. وأصدر وزير العدل المصري بياناً في حينه أكد فيه «أنّ التعديلات لن تمس حرية الرأي والتعبير، لكنها ستأخذ اعتبارات الأمن القومي وما يمس أمن البلاد داخلياً وخارجياً».
وقال الوزير، في بيان إعلامي صدر قبل أيام، إنه تم الانتهاء من القانون، وأرسل إلى قسم التشريع في مجلس الدولة، الجهة التي نص الدستور على أن تراجع القوانين قبل إصدارها، بينما قال رئيس قسم التشريع في مجلس الدولة، المستشار مجدي العجاتي، في حديث إلى «الأخبار» أمس، إن «القانون لم يرسل إليهم بعد»، مضيفاً أنهم سيبدؤون بمراجعته فور وصوله إليهم ثم يعيدونه إلى مجلس الوزراء، ليرفع بعد ذلك إلى رئيس الجمهورية الذي يوافق عليه، ويأمر بنشره في الجريدة الرسمية، وبعدها يكون القانون مفعلاً.
ويأتي القانون المتعلق بالفضاء الإلكتروني وسط مخاوف من تضييق هذا الفضاء، خاصة أن هناك خطوات تمت في هذا الإطار. ففي منتصف العام الماضي نشر موقع «BuzzFeed» الأميركي تقريراً يقول فيه إن وزارة الداخلية المصرية بدأت عملية مراقبة غير مسبوقة لشبكة الإنترنت بعد التعاقد مع شركة «Blue Coat» الأميركية المتخصصة في حلول الأمن والأمان الرقمي لتركيب أنظمة تسهل عمليات الرقابة والتعقب لأنشطة المستخدمين المصريين على شبكة الإنترنت. وزارة الداخلية لم تنف الخبر، ولكنها بررته فقالت (على لسان متحدثها الرسمي)، وفقاً لما نشرته جريدة «المصري اليوم»، «من قال إننا نراقب الحياة الخاصة؟ نحن نراقب الموضوعات السياسية، نحن نريد ملاحقة الجريمة الإلكترونية».
وانتشرت وقتها حملات على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بوقف هذا النوع من مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أن جاء قرار تشكيل اللجنة الوزارية في شباط الماضي، وبهذه الخطوات الاخيرة لإصدار القانون تتجدد المخاوف ممّا يتضمنه هذا القانون.
ورأى حافظ أبو سعده، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن القانون يثير مخاوف حقوقية من التغول والرقابة على حرية التعبير، وأنه لا توجد ضرورة ملحة لإصدار مثل هذا القانون في الوقت الحالي، مع غياب البرلمان، وامتلاك الرئيس وحده حق التشريع.
وقال في حديث إلى «الأخبار» إن سرعة إعداد الحكومة لمسودة القانون، وتكرار الحديث عن قرب إصداره من دون طرحه لمناقشة مجتمعية جادة، يعززان تلك المخاوف، «فلماذا يصدر القانون بليل هكذا؟». وتابع أن هناك كثيراً من الدول تستخدم تقنيات حديثة تمنع الدخول إلى عدد من المواقع التي تراها تنشر فكراً إرهابياً، لكنها تتطلب أموالاً طائلة لا يبدو أن النظام الحالي يمكنه توفيرها.
وشدد على أن المنظمات الحقوقية ستحرص على الاطلاع على نصوص القانون قبل إصداره، للتأكد من عدم تضمينه عبارات فضفاضة يسهل معها التضييق على الحريات، مشيراً إلى أن هناك من سيحتكم إلى المحكمة الدستورية العليا (أعلى درجات المحاكم المصرية).