«السوريون خففوا الطلب على الخبز»، جملة يقولها أحد مسؤولي دمشق. تصريف الإنتاج انخفض، وهو أمر يلاحظه العاملون في المخابز الحكومية، ويعني انصراف بعض السوريين عن لقمة خبزهم. المصدر المسؤول، في المخابز الحكومية، يذكر لـ«الأخبار» أن المواطنين باتوا يخففون من استهلاكهم اليومي من الخبز، وذلك بعدما كانوا يندفعون سابقاً لشراء كميات كبيرة لتخزينها خشية الحرب وطوارئها اليومية. «أصبح الناس اليوم يأخذون حاجتهم لا أكثر»، يقول المصدر، ليؤكد أن لون الخبز سيبقى على حاله «لأن نسبة الاستخراج لحبة القمح صارت 95%، بعدما كانت سابقاً بنسبة 80%، ما كان يعطي الرغيف لونه الأبيض».
السوريون اندفعوا، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، للسخرية من «الأسطوانة المشروخة» التي يعيدها المسؤولون على أسماعهم، حول فوائد الخبز الأسمر الصحية، ومزاياه التي «لا تعد ولا تحصى»، بينما المواطن بات مجبراً على تناول النوع المتوافر من الخبز، في الوقت الذي تبذل فيه المؤسسات المعنية جهوداً ملحوظة لتحسن جودة الرغيف، بعدما اقترحت الحكومة تجربة طبّقتها على بعض مخابز العاصمة. مع انخفاض جودة الرغيف الذي تنتجه المخابز الحكومية، شهدت محافظة حمص، على سبيل المثال، ازدياداً بالطلب على الخبز الذي تنتجه المخابز الخاصة، والمعروف باسم «الخبز السياحي». غير أنّ ارتفاع سعر «السياحي» نتيجة زيادة الطلب، أدّى إلى عجز المواطن عن شرائه، والعودة إلى الرغيف الحكومي، رغم حالته السيئة. وفي هذا الإطار، يؤكد مدير مخابز حمص، جليل ابراهيم، أنّ تصريف الانتاج في المخابز الحكومية، في محافظته «انخفض من 5 آلاف طن إلى 4500، خلال الشهر الفائت».

أزمة الخبز الحاصلة بدأت مع نفاذ كميات الخميرة الطرية
ويرفض اعتبار وضع تصريف الإنتاج الحالي ثابتاً، باعتبار أنه لم يمضِ شهرٌ بعد على بدء أزمة اللون الأسمر لرغيف الخبز، «ومن المفروض انتظار نهاية الشهر المقبل ليجري الحكم على الإنتاج والاستهلاك».
جميع التساؤلات المتداولة حول أزمة الرغيف الطارئة، يجيب عنها مدير مطاحن حمص، رائد رحال، بقوله «إنّ أزمة الخبز الحاصلة بدأت مع نفاد كميات الخميرة الطرية، ولكون الخميرة الجافة لم تعطِ نتائج جيدة في جميع المخابز، رغم مراعاتها للمواصفات الصحية». ويربط رحال النتائج بخبرة الخبّاز في التعاطي مع نوعية الطحين الجديد، التي تؤدي دورها في الحصول على أفضل نتيجة ممكنة من الرغيف، شارحاً انّ «نوعية الطحين المستخرج بنسبة 95% تحتاج إلى نسبة أكبر من الخميرة والماء والملح، إضافة إلى حرارة أقوى عند الخَبز، وهو ما تبيّن خلال الجولات على جميع المخابز، ما أدى إلى تحسّن نوعية الرغيف على نحو ملحوظ».
ويشدد على أن الدولة السورية، وللسنة الخامسة من عمر الأزمة، استطاعت توفير رغيف المائدة للأسرة السورية، مع ضرورة شد الأحزمة في المرحلة الحالية، باعتبار سبب تغيير نوع الدقيق يعود إلى «توفير نسبة 15% من تكاليف الانتاج للخبز المدعوم من قبل الدولة السورية»، مشيراً إلى أنّ الطحين المستخدم حالياً هو ما كان يسميه أبناء الريف السوري «طحين راس بعبو»، ومنه يمكن تصنيع 3 انواع من الخبز (الخبز التمويني العادي، وخبز النخالة، وخبز السكري). ويرجع رحال انخفاض الطلب على الخبز إلى سلبية وحيدة تتعلّق بإمكانية تخزينه: «الخبز الأبيض تخزينه أطول وأفضل». ويشير إلى أنّ جميع دول العالم تنتج «رغيفاً شعبياً وآخر فاخراً»، مؤكداً أنه خلال خمسة أيام سيكون الدقيق الجديد، ذي نسبة الاستخراج 95%، هو المتوافر في جميع المخابز، الحكومية والخاصة، أي إنّ اللون الأسمر سيكون موحداً للرغيف المنتج.