لم تهدأ حدة المعارك في محيط مدينة إدلب (شمالاً) لليوم الخامس على التوالي. ففصائل المعارضة، وعلى رأسها «جبهة النصرة» و«أحرار الشام»، تواصل هجومها المدعوم تركياً على أطراف المدينة من ثلاثة محاور، الشمالي والغربي والشرقي، بعدما مهّدت له بقصف عنيف استمر خمسة أيام أيضاً. وفيما يسيطر الجيش بنحو مستقر على الأطراف الجنوبية والشرقية للمدينة، انسحبت حواجزه أمس من الجهتين الشمالية والغربية إلى داخل المدينة بعد تعرضها لهجمات عنيفة من المسلّحين.
وفي حي الضبيط، خاض عناصر الجيش اشتباكات مع مجموعات صغيرة كانت في الحي كـ«خلايا نائمة، بحوزتها أسلحة خفيفة»، بحسب مصدر ميداني من إدلب أكّد لـ«الأخبار» أن «الجيش قضى على هذه الخلايا». وتُعد معارك أمس الأعنف منذ بداية الهجوم، إذ شارك فيها آلاف المقاتلين المعارضين الذين زجّت بهم الاستخبارات التركية في المعركة. وأطلقت "جبهة النصرة" مئات الصواريخ والقذائف على المدينة طوال يوم أمس، علماً بأنها قصفت احياء المدينة السكنية بأكثر من ألف صاورخ وقذيفة خلال الأسبوع الماضي. ورغم إشاعة وسائل إعلام المعارضة أخباراً عن سيطرة المسلحين على معظم احياء المدينة، وعن انسحاب الجيش منها، نفت مصادر ميدانية ذلك لـ"الأخبار"، مؤكدة أن الجيش يقاتل، مع عدد من أبناء المدينة، دفاعاً عنها. وقالت المصادر إن جزءاً من تعزيزات الجيش وصلت إلى المدينة، وإنْ بصعوبة، بسبب كثافة الهجمات التي شنها مسلحو "النصرة" على الطريق الرئيسي من جهة مدينة أريحا، مرجحة دخول تعزيزات إضافية تباعاً.

تقدّم مسلحو «جبهة النصرة» وحلفائها في الجهتين الشمالية والغربية لإدلبلب

وشارك سلاح الجو في المعارك، فتركزت ضرباته على خطوط إمداد المسلّحين من جهة الحدود التركية، إضافة إلى مناطق بكفالون وفيلون ومارتين، غربي إدلب، ما أوقع عشرات القتلى من المسلّحين، بينهم شرعي «أحرار الشام» أبو حفص المصري، الذي كان مقاتلاً في أفغانستان في ما مضى. بينما يتواصل انقطاع الكهرباء والاتصالات وشبكة الإنترنت عن المدينة منذ اندلاع الاشتباكات قبل 4 أيام. وترى "جبهة النصرة" أن سيطرتها على مدينة إدلب سيمنحها عاصمة لإمارتها في الشمال السوري، ويتيح لآلاف المسلحين التابعين لها ولباقي حلفائها في المعارضة، التحرك بحرّية على مختلف جبهات الشمال والغرب السوريين.
وفي ريف دمشق، وفي إطار العملية العسكرية التي أطلقها الجيش قبل يومين في محيط بلدة الزبداني، شمالي غربي العاصمة، تمهيداً لبدء عمليات تمشيط جديدة للقلمون، شمالي دمشق، واصل الجيش حصاره لمجموعات مسلّحي «جبهة النصرة» و«كتائب المجاهدين»، في الجبال الغربية للزبداني، وانتقلت المواجهات في تلك المنطقة من طور الاستهدافات عن بعد إلى الاشتباكات المباشرة في العديد من التلال والسهول في تلك المنطقة. وأفاد مصدر ميداني لـ«الأخبار» بسقوط أكثر 15 قتيلاً في صفوف المسلّحين، في مقابل استشهاد 4 عناصر من الجيش. وكان الجيش قد بدأ عمليته العسكرية فجر أول من أمس، في السلسلة الغربية لجبال الزبداني، مفتتحاً إياها بشنّ سلسلة هجمات على 3 محاور بغطاء ناري ومدفعي كثيف، المحور الأول شمالي شرقي كفير يابوس، وصولاً إلى شيرين شير الطاقة وشير الجوبة المطلين على أبنية الجمعيات في الزبداني، والمحور الثاني من شمال بلدة معدر والتلال الملاصقة لها، وصولاً إلى ضهرة الهوى، حيث تقع التلة الاستراتيجية التي كان يسيطر عليها مسلّحو «جبهة النصرة»، قبل أن يستعيدها الجيش منهم. والمحور الثالث ينطلق من بئر كاسور وعين الرملة، وصولاً إلى فتحة الجنزير وظهر البيدر، حيث كان يتمركز المسلّحون أيضاً. وبنتيجة عملية الجيش تكون السلسلة الغربية لجبال الزبداني قد أصبحت آمنة بنحو شبه كامل. وتكون الزبداني قد أصبحت بين فكي كماشة الجيش: من الجهة الشرقية، مرتفع «آية الكرسي»، ومن الجهة الغربية حيث تقع ضهرة الهوة وشير الجوبة وبرج السيرياتيل ظهر البيدر وفتحة الجنزير وبئر كاسور وعين الرملة. وفي القلمون قتل القائد الميداني في جبهة النصرة أبو عزام الليبي إثر استهداف مجموعته في مزارع فليطة.