ريف دمشق | لا يكاد يجهز «جيش الإسلام» على عدوٍ له في الغوطة الشرقية، حتى يظهر له عدوٌ آخر. من «جيش الأمة» إلى «جيش الوفاء»، وصولاً إلى «داعش» التي باتت تهدد بقضم معاقل رئيسية لتنظيم علوش في شطري الغوطة. على هذا الأساس، يبدو أن الأخير بات يتجه نحو تثبيت وتوطيد علاقته مع بعض المكونات الاجتماعية في المنطقة الملاصقة لدمشق من الجهة الشرقية ــ التي كانت حتى الأمس القريب على تضاد نسبي مع سلوك «جيش الإسلام» ــ معتمداً في ذلك على خطر «الفزاعة الداعشية» في كسب الولاء الجديد.
هكذا، جمع علوش أول أمس، 15 ممثلاً عن «عشائر العرب التي تعد من أكبر عشائر سوريا» لإعلان «مبايعة قائد جيش الإسلام، القائد العام للغوطة الشرقية، محمد زهران عبد الله علوش، على السمع والطاعة والجهاد في سبيل الله ضد الفساد والخوارج وأعداء الأمة أجمعين». غير أن نظرة سريعة على «العشائر المبايعة» تبيِّن مدى زيف «مسرحية علوش». تقول مصادر محلية في حديثٍ مع «الأخبار» إن قائد التنظيم «عمد إلى تجميع ما يمكن تجميعه من أبناء العشائر في الغوطة»، غير أن هناك نقطتين تلفتان النظر في هذه الخطوة: «أولاً: العشائر الخمس عشرة المبايعة، هي من صغار التكوينات العشائرية والقبلية. ثانياً: إن من التقاهم علوش ليسوا منتدبين من قبل عشائرهم، بل جاؤوا بصفتهم الفردية، حتى إن هناك عشائر منها لها ولاءات متعددة حسب المكان الذي تقطنه».
كذلك، يسعى قائد «جيش الإسلام»، منذ فترة، إلى زيادة التنسيق والتواصل مع «النصرة» حيث حملت تصريحات علوش الأخيرة عدداً من إشارات التقارب هذا. في هذا الصدد، أعادت إحدى التنسيقيات المحلية في دوما، التي تعارض سلوك التنظيم منذ «انحرافه عن الخط السلفي الجهادي»، نشر مقطع مصور يظهر فيه علوش شارحاً علاقته مع «النصرة». في التسجيل، يؤكد علوش كون «النصرة فصيلاً إسلامياً مقاتلاً منتشراً في سوريا، وهم أخوةٌ اولي بأسٍ شديد، واولي نكايةٍ في الأعداء في النظام النصيري، واشتركنا معهم في عدة معارك، فرأينا منهم الإقدام والجهاد الطيب والعمل الدؤوب»، قبل أن يكشف: «أنا شخصياً اجتمعت بشرعي جبهة النصرة، الأخ أبو ماريا القحطاني، منذ فترةٍ ليست بالبعيدة، والحقيقة ما وجدت فرقاً بين شرعي النصرة وشرعي جيش الإسلام، وقلت لو أننا كنا تشكيلاً واحداً لكان أبو ماريا هو شرعي جيش الإسلام». كذلك أثنى علوش «على أخي الفاضل القائد، أبو محمد الجولاني الفاتح، الذي من خلال اجتماعٍ جمعني به قديماً منذ نحو عامين لمست فيه الحرص على مستقبل الأمة ومع طلبٍ بالعلم وثقافة إسلامية عالية، وحسن سمتٍ وأدبٍ في الطرح والمناقشة». إلى ذلك، تشير مصادر من داخل «جيش الإسلام»، في اتصالٍ مع «الأخبار» إلى أن قائد التنظيم كان قد التقى يوم الخميس الماضي مع عددٍ من شيوخ دوما ومسؤولي المكاتب المحلية في المدينة، في قبو أحد المساجد، داعياً إياهم «للعمل على شرح طريقتنا في الجهاد للفصائل الأخرى داخل غوطتنا المباركة، وإخماد نار الفتنة بين أبناء الدين الواحد والعقيدة الواحدة، والدأب على رأب الصدع كي لا يدخل فينا خوارج الدين ويدب في غوطتنا إفساد المفسدين». ودعا في الوقت عينه إلى «بحث آليات تجنيد الطاقات الكامنة في شبابنا المجالد في سبيل كسر شكيمة خوارج الدين وهجومهم علينا».