انطلاقاً من تقديراتها بأنه «ليس بمقدور ليبيا الانتظار أكثر من ذلك للتوصل إلى تسوية»، تسابق بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا الزمن للتوصل إلى حلّ للأزمة قد يقي البلاد «توسّع الإرهاب»، خصوصاً بعدما برز تنظيم «داعش»، وغيره من التنظيمات الإرهابية، كلاعب على ساحة الصراع، مستغلاً الفراغ والانقسام ليرسّخ نفسه على الأراضي الليبية. وقد قدّمت بعثة الأمم المتحدة مجموعة أفكار «تشكل ركيزة لحلّ الأزمة المستفحلة» في ليبيا، وتشمل تشكيل مجلس رئاسي من شخصيات مستقلّة، إلى جانب حكومة وحدة وطنية وبرلمان موحّد، ضمن مرحلة انتقالية تنتهي بانتخابات جديدة واستفتاء على الدستور.
هذه الأفكار ليبية، بحسب ما ذكرت البعثة، وهي لا تهدف إلى تقديم «تفاصيل ملموسة أو حلّ نهائي للأزمة، غير أنها تشكل ركيزة يمكن للأطراف العمل بالاستناد إليها».
فقد أوضحت البعثة، في بيان صدر بعدما قام رئيسها برناردينو ليون بزيارة لطبرق وطرابلس، أن الأفكار جاءت «في أعقاب أسابيع من النقاشات مع كافة الأطراف وفي ضوء الوضع العسكري المتدهور». ولكن زيارة ليون لم تمرّ بشكل عادي، بل تخللها حدث قد يعبّر عن الانقسام الذي ما زال قائماً بين الأفرقاء الليبيين، إلى جانب المواجهات المستمرة في مناطق مختلفة.
لا تهدف المقترحات إلى
تقديم حلّ نهائي لكنها ركيزة يمكن الاستناد إليها

فبعدما التقى ليون، فجر أمس، أعضاءً في المؤتمر الوطني العام، قام بزيارة سريعة لمدينة طبرق، حيث التقى وزير الخارجية الليبي محمد الدايري، في مطار المدينة، و«بحثا الحوار وسير المحادثات». غير أن مصدراً حكومياً ذكر أن اكتفاء ليون بلقاء الدايري في مطار طبرق، من دون أن يخرج للقاء أعضاء في البرلمان (كما كان متوقعاً)، كان سببه تظاهرة نُظّمت في محيط المطار، مطالبة بعثة الأمم المتحدة بوقف الحوار مع «الإرهاب».
وفيما أفادت وكالة «الأناضول» بأن ليون عاد إلى طرابلس، على إثر ذلك، إلا أن بعثة الأمم المتحدة أشارت إلى أن مبعوثها إلى ليبيا سيعود إلى الصخيرات في المغرب، حيث تنعقد جلسات الحوار السياسي الليبي، «على أمل أن تكون الأطراف مستعدة لتسريع المباحثات». ويجري طرفا الأزمة حواراً في المغرب، لحلّ النزاع الذي يشكل حلقة من مسلسل الصراع المستمر على السلطة، منذ إسقاط نظام الزعيم السابق معمر القذافي في عام 2011.
وإضافة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية ومجلس رئاسي مكوّن من شخصيات مستقلّة، تشمل مقترحات حلّ الأزمة الليبية «مجلساً للنواب... يعد الهيئة التشريعية ويمثل جميع الليبيين، في إطار التطبيق الكامل لمبادئ الشرعية ومشاركة الجميع».
ومن الأفكار المطروحة أيضاً تشكيل مجلس أعلى للدولة، وهيئة لصياغة الدستور، على أن يتم في مرحلة لاحقة من المحادثات تشكيل مجلس للأمن القومي ومجلس للبلديات. وقد ذكرت البعثة أنه «سوف يتم تمديد فترة عمل هذه الهيئات، خلال المرحلة الانتقالية الجديدة التي ستتفق الأطراف على مدّتها، والتي ستنتهي بإجراء انتخابات جديدة، بعد الموافقة على الدستور وإجراء الاستفتاء».
وبالإشارة إلى الهجمات الإرهابية التي شهدتها ليبيا، مؤخراً، حذّرت البعثة من أن البلاد تواجه خطر «توسع انتشار المواجهات وتعمّق الانقسامات، وعندها سيشكل الإرهاب وتناميه تهديداً خطيراً على البلاد والمنطقة».
علاوة على ذلك، رغم تحذيرات بعثة الأمم المتحدة من أن الأعمال العسكرية الجارية قد تعرقل الحوار في المغرب، إلا أن القوات الموالية لطرفي الأزمة ما زالت تخوض مواجهات في مناطق عدّة، تشمل منذ أيام أماكن قريبة من العاصمة من جهة الجنوب، أعلنت الحكومة المعترف بها دولياً أنها بداية لعملية عسكرية تهدف إلى «تحرير طرابلس». وكانت طائرة للقوات الموالية للحكومة الليبية قد شنّت غارة، الاثنين، على منطقة ترهونة على بعد نحو 80 كلم جنوب شرق طرابلس، أعلنت أنها استهدفت مخزناً للسلاح. لكن السلطة الحاكمة في العاصمة أعلنت أن الغارة أصابت مخيّماً للاجئين وأدت إلى مقتل ثمانية مدنيين. وتسببت هذه الغارة واللغط الذي رافقها ــ خصوصاً بشأن حقيقة مقتل أشخاص ــ باتخاذ السفيرة الأميركية لدى ليبيا، ديبورا جونز التي تعمل من مالطا، قراراً بوقف التواصل عبر موقعها على «تويتر»، بعدما أثارت إدانتها للغارة تنديداً واسعاً من قبل مناصرين للحكومة المؤقتة في الشرق.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)