القاهرة | عاد ملف الانتخابات البرلمانية في مصر، مجدداً، إلى المحكمة الدستورية، لكن هذه المرة ضمن إطار مشاورات ومقترحات تقوم بها اللجنة القانونية المكلفة تعديل قوانين الانتخابات، وسط اتجاه لتعديل قانون المحكمة الدستورية لتكون الرقابة سابقة على قوانين الانتخابات، وفي ظل مخاوف من رفض المحكمة التعديلات المقترحة.وأصبحت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار عدلي منصور، هي الجهة التي تملك إجراء الانتخابات البرلمانية أو تعقيد إجرائها مرة اخرى بعدما أصدرت المحكمة بداية الشهر الجاري حكماً قضائياً بعدم دستورية قانون الانتخابات البرلمانية، قبل 3 أسابيع فقط من إجرائها.

وتتجه اللجنة القانونية المكلفة تعديل قانون الانتخابات ــ يترأسها وزير العدالة الانتقالية إبراهيم الهنيدي ــ إلى تعديل قانون المحكمة الدستورية لتفادي أي «عوار دستوري» بقانون الانتخابات الجديد لتكون رقابة المحكمة على القوانين سابقة وليست لاحقة، وهو الخيار الأنسب من وجهة نظر عدد من أعضاء اللجنة، خاصة في ظل عدم توصل هؤلاء إلى حلول نهائية رغم مرور أكثر من نصف المدة التي حددها الرئيس عبد الفتاح السيسي لإنجاز مهمة تعديل قوانين الانتخابات لتتماشى مع الدستور.
ويبدو أن التعقيدات القانونية في حساب الوزن النسبي التي حددتها المحكمة الدستورية لتوزيع المقاعد بالنسبة إلى عدد السكان ومراعاة المحافظات الحدودية في التمثيل العادل بالبرلمان، لا تزال تثير مخاوف أعضاء اللجنة من تجدد بطلان القوانين بعد تعديلها، وهو ما دفع الوزير الهنيدي إلى التصريح، أمس، بإمكانية تعديل قانون المحكمة الدستورية ليسمح للمحكمة بالرقابة السابقة على قوانين الانتخابات ولا يقتصر على مراجعة قسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة.
لكن بموجب المادة 191 من الدستور، اللجنة ملزمة باستشارة المحكمة الدستورية قبل إجراء تعديلات على قانونها، خاصة أن التعديلات القانونية التي ستقوم بها الحكومة قد يطعن عليها بعدم الدستورية، وفي حال قبول الطعن، فإن العملية الانتخابية ستعود إلى النقطة الصفر مرة اخرى مع قبول أول طعن على قانون الانتخابات.
ويحاول رئيس الحكومة المصرية، إبراهيم محلب، خلال لقائه المرتقب مع رؤساء وممثلي الأحزاب المختلفة التوصل إلى تقارب في الرؤى القانونية، خاصة مع اتجاه اللجنة لفتح نقاش مجتمعي حول النتائج التي توصلت إليها بعد الاستعانة بممثلين لجهاز الإحصاء والوزارات المعنية لتنفيذ حيثيات حكم المحكمة الدستورية الذي أبطل العملية الانتخابية.
وتتجه اللجنة لإجراء الانتخابات البرلمانية بنظام 40% فردي ومثلها للقائمة النسبية بالإضافة إلى 20% للقائمة المغلقة وهو الخيار الأقرب من وجهة نظر الأحزاب السياسية خاصة مع زيادة عدد المقاعد بالدوائر المختلفة ما بين 30 و50 مقعداً وإجراء تعديلات على حدود الدوائر.
لكن الوزير الهنيدي يرى أن مسألة تعديل الدوائر الانتخابية يجب أن تكون بمراعاة البعد الأمني والعصبيات القبلية، خاصة في الصعيد والمناطق الحدودية، مؤكداً أن أعضاء اللجنة يحاولون التوصل إلى صيغة قانونية تنفذ حكم المحكمة الدستورية وتراعي البعد الأمني.
وعلى الرغم من عدم وجود رؤية محددة لموعد إجراء الانتخابات البرلمانية حتى الآن، انتظاراً للانتهاء من التعديلات القانونية، لكن عدداً من القيادات الحزبية مثل «الوفد» و«التيار الديموقراطي» يقولون إنها ستجري قبل شهر رمضان المقبل، تنفيذاً لوعد الرئيس في إجرائها بأقرب فرصة، بينما يرى آخرون استحالة إجراء ذلك لاستحالة إجراء العملية الانتخابية التي تستغرق 4 أسابيع على الأقل خلال شهر رمضان بسبب ارتفاع درجة الحرارة وإحجام الناخبين عن المشاركة بالاقتراع خلال الصيام.
لكنّ مصدراً في «نادي القضاة» قال لـ«الأخبار» إن «القضاة لن يتمكنوا من الإشراف على الانتخابات إذ أجريت خلال شهر رمضان»، مؤكداً أن «اللجنة العليا للانتخابات لن توافق على إجرائها خلال شهر رمضان بسبب الظروف الجوية التي ستمنع القضاة من ممارسة عملهم».
المصدر أكد أن إجراء الانتخابات قبل رمضان ممكن إذا انتهت لجنة تعديل القانون من التعديلات المطلوبة قبل نهاية الشهر الجاري، مؤكداً أنه إذا ما استغرق الحوار المجتمعي مدة طويلة ستجري الانتخابات مطلع شهر آب/أغسطس المقبل.