صنعاء | على وقع التقدم السريع الذي تحققه جماعة «أنصار الله» (الحوثيين) باتجاه مدينة عدن الجنوبية بعد سيطرتها على مدن ذات أهمية قصوى، أبرزها الكرش (100 كلم من عدن)، وعلى ميناء المخاء المشرفة على مضيق باب المندب، خفتت التصريحات النارية التي كان آخرها إعلان السعودية إمكانية قيامها بتدخل عسكري لوقف «العدوان الحوثي»، لتحلّ محلّها دعواتٍ إلى الحوار من جديد بناءً على صيغ جديدة.
ونقلت وسائل إعلام، يوم أمس، عن المبعوث الاممي، جمال بن عمر، اعتزامه دعوة الأحزاب اليمنية إلى عقد حوار تستضيفه الدوحة بعد تقديمه هذا المقترح إلى مجلس الأمن، على أن يوقَّع أي اتفاق محتمل لحلّ الأزمة اليمنية في الرياض، في تمسكٍ صريح بخيار الوصاية السعودية القطرية، وفي دعوةٍ تحيل على تجربة «المبادرة الخليجية» التي جرى توقيعها في الرياض، ما يعيد المشهد السياسي في اليمن إلى المربع الأول.
ويبدو أن التقدم السريع باتجاه عدن، دقّ جرس إنذارٍ دوليّ، لخلق جوٍّ تفاؤلي بإمكانية التوصل إلى حلٍّ على أساس «تقاسم السلطة»، وفق تصريحات لافتة للسفير اللأميركي في اليمن، ماثيو تولر، الذي توقع سقوط عدن قريباً وإطاحة بهادي خلال أيام.
العجري: الجماعة
لا تمانع نقل الحوار إلى أي
مكان في اليمن ‏

وقال تولر، يوم أمس، إن واشنطن وحلفاءها في حاجةٍ لاتخاذ قرارات بسرعةٍ للحفاظ على إمكانية التوصل إلى حلٍّ سياسي للأزمة في اليمن، معبراً عن «تفاؤله» بإمكانية توصل «الفصائل المتحاربة» في اليمن إلى اتفاق على «تقاسم السلطة». وعند هذه النقطة أشار تولر إلى «شرطٍ» للتوصل إلى اتفاق مماثل، وهو «إمكانية اجتماع مجموعة واسعة من الممثلين خارج البلاد ومن دون تأثير من أطراف خارجية مثل إيران». وفي إشارةٍ لا تخلو من محاولة زيادة الضغوط، قال تولر «الحوار السياسي لن ينجح إذا أطيح هادي أو اعتقل وسقطت عدن وهو ما قد يحدث بسرعة».
هذه التصريحات التي يقرأها البعض على أنها تعبيرٌ عن قلق مبني على واقع تقدم قوات «أنصار الله» جنوباً، في مقابل هشاشة الموقف الدفاعي لهادي وقواته في عدن ومحيطها، ولا سيما أن قوات صنعاء على وشك إسقاط مدينة العند التي أصبح الحوثيون على مشارفها، والتي بسقوطها سيصبح الوصول إلى عدن سهلاً للغاية.
وبعد سقوطٍ سريع لمحافظة الضالع ولمدينة كرش التابعة لمحافظة لحج وانضمام اللواء 35 مدرع إلى صفوف قوات الجيش الموالي لسلطة «أنصار الله» في صنعاء، في مواجهة مسلحي هادي والقوات الموالية له، أكدت مصادر خاصة لـ «الأخبار»، أن قوات الجيش و»اللجان الشعبية» الموالية لـ «أنصار الله»، أصبحت ليل أمس، على مشارف «مثلث العند»، حيث دارت اشتباكات وتبادل قصف بالسلاح الثقيل وبالدبابات.
وفي وقتٍ استأنفت فيه القوى السياسية جلسات الحوار في العاصمة صنعاء برعاية بن عمر، شكك عضو المجلس السياسي في «أنصار الله»، عبد الملك العجري، بتصريحات المبعوث الدولي التي نقلتها وسائل إعلام بشأن عقد حوارٍ يمني في الدوحة، وقال، في حديثٍ إلى «الأخبار»، إن بن عمر «على اتصال بالسيد (عبد الملك الحوثي) للتشاور حول نتائج الحوار»، مؤكداً أنه من غير الممكن أن يعقد الحوار في أي دولة لها مواقف عدائية ضد الثورة والشعب اليمني. وشدّد العجري على أن موقف الجماعة «لا يزال عند موقف السيد الذي صرح به في خطابه الأخير»، في إشارة إلى حديث زعيم «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، الذي اتهم فيه قطر بتمويل الإرهاب صراحةً إلى جانب السعودية. وفي تطورٍ في موقف الجماعة، قال العجري إن «أنصار الله» لا تمانع نقل الحوار إلى أي مكان في اليمن، «وهو ما ستبحثه الجماعة خلال المفاوضات الليلة (أمس)».
وتعليقاً على الوضع الميداني للجماعة، قال العجري إن قوات الجيش و»اللجان الشعبية» قد تجاوزت تعز التي جدّد التأكيد على أن الحوثيين لم يكونوا يتسهدفونها مطلقاً.
في هذا الوقت، أعلن محافظ تعز استقالته احتجاجاً على ما سمّاه «الوجود العسكري» في تعز وخروج المحافظة عن سيطرته، وهو ما علّق عليه العجري بالقول إن «هذه الاستقالة جاءت بسبب ضغوط مورست عليه لمحاولة خلق بلبلة في تعز»، مؤكداً أن هناك تواصلاً بين «أنصار الله» والمحافظ على أساس احتواء أي ‏تداعيات قد تحدث في المحافظة. وجدد العجري التأكيد على أن «المستهدف في الجنوب هو العناصر ‏التكفيرية والإرهاب في أي مكان».
إلى ذلك، شيع الآلاف من اليمنيين، يوم أمس، الكاتب عبد الكريم الخيواني المنتمي لجماعة «أنصار الله»، الذي اغتيل قبل أسبوع في وسط صنعاء، قبل أن يتبنى تنظيم «أنصار الشريعة» التابع لـ «القاعدة» عملية اغتياله. وأفادت مواقع يمنية يوم أمس، نقلاً عن شهود عيان، بأنه جرى إلقاء القبض على منفذي اغتيال الخيواني.