تبنى تنظيم «داعش»، في تسجيل صوتي نشر على مواقع «جهادية» على الانترنت أمس، الهجوم على متحف باردو في تونس الذي تسبب بمقتل 22 شخصا معظمهم من السياح، مهددا التونسيين بالمزيد من الهجمات، سعت السلطات الى محاولة تجنبها عبر الدفع بالجيش إلى المدن الكبرى للمشاركة في حمايتها.
وجاء في التسجيل: «في غزوة مباركة يَسَّر الله اسبابها على احد اوكار الكفر والرذيلة في تونس المسلمة، انطلق فارسان انغماسيان من فرسان دولة الخلافة هما ابو زكريا التونسي وابو انس التونسي مدججان باسلحتهما الرشاشة والقنابل اليدوية مستهدفين متحف باردو الذي يقع في المربع الامني للبرلمان التونسي». وانتهى التسجيل بتهديد واضح موجه الى التونسيين: «إن ما رايتموه اليوم اول الغيث باذن الله ولن تهنأوا بامن او تنعموا بسلام وفي الدولة الاسلامية رجال كهؤلاء لا ينامون على ضيم».
الحكومة: تحقيق للكشف عن
المسؤولين بالخلل في المنظومة الأمنية

وفي ظل المخاوف التي يطرحها تسجيل كهذا، تنامت الدعوات الى الوحدة الوطنية في تونس أمس، التي لا تزال تحت وطأة صدمة الهجوم. ووجهت هذه الدعوات عبر الصحف والمجتمع المدني بعد هذا الاعتداء غير المسبوق منذ «ثورة» كانون الثاني 2011. وكتبت، مثلاً، صحيفة «لابريس» الناطقة بالفرنسية، أنّ «مؤسسات الدولة والمجتمع المدني ووسائل الاعلام والمواطنين مدعوون الى التصرف كشخص واحد لوضع مصالح الوطن فوق أي اعتبارات سياسية، حزبية، خاصة أو ايديولوجية»، فيما نظم، أمس، الاتحاد العام للشغل وقفة أمام البوابة الخارجية الرئيسة للمتحف، الذي من المتوقع إعادة افتتاحه يوم الثلاثاء المقبل على أقصى حد.
والهجوم على المتحف غير مسبوق في تونس منذ نيسان 2002 عندما شهدت البلاد هجوما انتحاريا على «كنيس» في جربا، وتبناه تنظيم «القاعدة».
من جهة أخرى، رأى رئيس الحكومة التونسية، الحبيب الصيد، أن «العملية الجبانة تستهدف في المقام الاول الاقتصاد التونسي وقطاعا حساسا يمر بأزمة حاليا، وهو ما يجعلنا نتحد صفا واحدا للدفاع عن وطننا، لان الحرب ضد الارهاب طويلة المدى، وتتطلب جهود الجميع». وأضاف أنّ تونس في خطر في هذه المرحلة الحساسة «التي حققنا فيها الانتقال السياسي»، مشيرا إلى أن «الكثيرين لم يرقهم استقرار البلاد ونجاحها وهم يستغلون كل الفرص للاساءة الى تونس».
وقال الصيد، في كلمة متلفزة، إن المجلس الأعلى للأمن قرر فتح تحقيق للكشف عن المسؤولين المتسببين بالخلل في المنظومة الأمنية عقب الهجوم الإرهابي، موضحاً أن المجلس اتخذ عقب اجتماعه بإشراف رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي، جملة من الإجراءات لمكافحة الإرهاب، من بينها أنه «سيجري الدفع بقوات من الجيش لمعاضدة مجهودات الأمن في حراسة المدن الداخلية ومراقبة تكثيف ومراقبة المراكز الحساسة والمنشآت السياحية في البلاد تفاديا لوقوع أحداث مماثلة»، إضافة إلى التواصل مع «دول شقيقة» من أجل «تسليف (إعارة) معدات أساسية لمكافحة الإرهاب خاصة من الطائرات».
من جهتها، أعلنت الرئاسة التونسية توقيف تسعة أشخاص يشتبه في علاقتهم بالمسلحين الاثنين المسؤولين عن الهجوم. وجاء في بيان للرئاسة: «قدّم السيد رئيس الحكومة (حبيب الصيد) جملة من المعطيات تتعلق بالعملية الارهابية، التي جرت السيطرة عليها في ساعتين، كما ذكر أن قوات الأمن تمكنت من إيقاف أربعة عناصر على علاقة مباشرة بالعملية وإيقاف خمسة آخرين يشتبه في علاقتهم بهذه الخلية».
في هذا الوقت، صرّح رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، بأنه سيدعو الدول الاعضاء الى دراسة «وسائل اضافية» لمساعدة تونس. وردا على سؤال لإذاعة «اوروبا-1» حول امكانية تقديم اوروبا مساعدة لتونس غير اقتصادية فحسب، بل في مجالي الدفاع والاستخبارات، قال يونكر إن هذا القرار «يعود الى الدول الاعضاء».
وأضاف انه سيبحث هذه المسألة خلال مجلس رؤساء دول وحكومات الاتحاد الاوروبي الذي كان من المرتقب أن يُعقد مساء أمس. وقال «سنناقش ذلك وسنرى بأي وسائل إضافية يمكننا مساعدة تونس».
وقال يونكر إنه يشعر بأنه «تونسي جداً» غداة الهجوم على متحف باردو. واضاف ان الاتحاد الاوروبي يجب ان «يتمثل» اذا جرت تظاهرة في تونس بنفس «روح التضامن» التي سادت بعد اعتداءات باريس في كانون الثاني الماضي.
بدوره، قال رئيس الحكومة الليبية المؤقتة، عبد الله الثني، إن هناك «نية دولية لتشكيل تحالف للدول المناوئة للإرهاب»، مؤكداً أن «ما جرى أمس في تونس دليل على أهمية تكاثف الجهود بين جميع الدول باعتبار الإرهاب ليس له دين ولا وطن». بينما قال رئيس الحكومة المغربية، عبد الإله بنكيران، إن «ما حصل في تونس سيكون له تأثيرات سلبية على المنطقة كلها».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)