صنعاء | في وقتٍ أعلنت فيه جماعة «أنصار الله» توصل القوى المتحاورة في صنعاء برعاية المبعوث الدولي، جمال بن عمر، إلى تفاهم حول تشكيل مجلس رئاسي يتولّى السلطة في البلاد، أكدت قوى أخرى، مثل حزبي «الإصلاح» (الإخوان) و"الناصري"، التمسّك بشرعية عبد ربه منصور هادي الذي تراجع عن استقالته، إذ أكدت مصادر من هذه القوى أنها «لا ترى حاجة إلى مجلس رئاسي بوجود رئيسٍ شرعي».
القوى التي نفت إعلامياً الاتفاق حول تشكيل المجلس، كررت ذلك مراتٍ عدة من قبل، حيث اختلف كلامها في العلن عن تعهداتها في كواليس المفاوضات. هذا ما أكده زعيم «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، الذي كشف الكثير من أسرار المفاوضات مع القوى السياسية منذ 21 أيلول، تاريخ السيطرة على صنعاء، حيث أكد، السبت، أن بعض القوى خلال جلسات الحوار الدائرة حالياً برعاية بن عمر، توصلت غير مرة مع «أنصار الله» إلى اتفاق، ثم كانت تنقلب عليه في اليوم التالي، مؤكداً أن المتحاورين توصلوا إلى اتفاق نهائي بشأن تشكيل مجلسين رئاسي ووطني.
وفي حديثٍ أمام وفد من الإعلاميين والناشطين، هاجم الحوثي هادي، واصفاً إياه بـ«المتخبط»، مؤكداً أنه كان يصنع الأزمات طوال فترة حكمه، مثل أزمات الكهرباء والنفط، مروراً بأزمة التقسيم والدستور والحروب، وصولاً إلى الأزمة التي تمثلها استقالته وهروبه إلى عدن.
الحوثي: 3 مليارات ريال سعودي إلى عدن لخلق الصراعات في الجنوب

كذلك، كشف زعيم «أنصار الله»، عن وصول ما يقارب 3 مليارات ريال سعودي إلى عدن، «دعماً للمشروع الذي يتزعمه هادي وتديره قوى خارجية لمواجهة الثورة وتأزيم البلد وخلق صراعات في الجنوب».
وفي سياق حديثه عن هادي، أكد الحوثي أن بن عمر والقوى السياسية ذهبوا إلى هادي لإقناعه بالتراجع عن استقالته مرات عدة، وفي كل مرة يرفض فيها التراجع عن استقالته بشكل نهائي، معتبراً أن ذلك دليل على أن هروبه كان بغرض مفاقمة الأزمة ليس إلا. وقال الحوثي إن هادي كان يعاني من تخبط في شخصيته سببه ارتباطه بالخارج، لافتاً إلى أن هادي كان يربط كل شيء أثناء مناقشته للمشاكل والحلول بالخارج.
وكان عضو المجلس السياسي في «أنصار الله»، حمزة الحوثي، قد أعلن توصل المتحاورين إلى اتفاق على تشكيل مجلس رئاسي من خمسة أعضاء على الشكل الآتي: واحد من تكتل «اللقاء المشترك» وآخر من «المؤتمر الشعبي العام» وآخر من «أنصار الله» وآخر من «الحراك الجنوبي»، وخامس يتم التوافق عليه لاحقاً، على أن يكون من الجنوب ويرأس المجلس. إعلان الحوثي مساء السبت، عدّه مراقبون «إنجازاً» يضاف إلى الاتفاق على المجلس الوطني الذي تضمنه «الإعلان الدستوري». آخرون رأوا أن هذا الإعلان، يكشف التباينات في وجهات النظر والمواقف بين المجتمع الدولي الذي يمثله بن عمر وبين دول الخليج التي تطلب نقل الحوار إلى الرياض.
إعلان الحوثي جاء بعد يومٍ واحدٍ من عودة بن عمر من جولته الخليجية على الرياض والدوحة، من دون أن يدلي بأي معلومات عن نتائج زيارته. غير أن مصدراً رفض الإفصاح عن اسمه، أكد في حديثٍ إلى «الأخبار» أن بن عمر عاد «محملاً بالخيبة»، وأنه بالإضافة إلى التباين الذي لمسه بين الموقف السعودي والقطري، فإنه وجد نية لدى الخليج لنسف كل الجهود التي بذلها بن عمر ولبدء حوار جديد بناءً على قواعد وحيثيات جديدة. وأشار المصدر إلى أن دول الخليج لم تعد ترغب بالدور الذي يؤديه بن عمر، وأنها عبرت له عن استيائها من دوره، ما انعكس على الاتهامات التي وجهها هادي و"الإصلاح" و"الناصري" للمبعوث الدولي بأنه متواطئ مع «أنصار الله»، ولا سيما عقب إعلان «اتفاق» المجلس الرئاسي، الذي جاء أيضاً متسقاً مع بنود «الإعلان الدستوري» الذي أعلنه الحوثيون عقب استقالة هادي وحكومة خالد بحاح.
من جهةٍ أخرى، علّقت «أنصار الله» على مسألة نقل الحوار اليمني إلى الرياض، وتحديداً على جزئية أن دول مجلس التعاون الخليجي وافقت على نقل الحوار بناءً على طلب هادي. فقال المتحدث الرسمي باسم «أنصار الله»، محمد عبد السلام، إن ذلك «غير صحيح إطلاقاً». وأضاف في توضيح عبر موقع «فايسبوك» إن عرض نقل الحوار إلى الخارج جاء قبل طلب هادي بأسابيع وقبل أن يعرف هادي نفسه ‏بذلك، مشيراً إلى أن هناك «سعياً حقيقياً لتكريس الدور الخارجي في شؤون اليمن ولفكرة أن اليمنيين ‏لا يستطيعون حلّ مشاكلهم إلا خارج الوطن».
في هذا الوقت، لا تزال قضية قائد قوات الأمن الخاصة في مدينة عدن، عبد الحافظ السقاف، قيد الشدّ والجذب، بين أنباء عن إذعان السقاف لمطلب هادي إقالته وبين تمسكه برفض القرار «غير الشرعي». وقد أعلنت مصادر عسكرية يمنية، يوم أمس، نجاح المفاوضات الرامية إلى إقناعه بتسليم وحدته إلى قائد آخر، غير أن المصادر قالت إن السقاف طرد لجنة الوساطة ورفض بشكل نهائي القبول بقرار إقالته.





الحوثي: اتصالات مع السعودية على أساس الندّية

كشف زعيم جماعة «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، يوم أمس، عن وجود اتصالات «غير مباشرة» مع السعودية لـ"تحسين علاقات المملكة مع اليمن على أسس جديدة تقوم على الندية وعدم التدخل في شؤون الآخر".
وقال الحوثي، خلال لقائه مع وفد إعلامي من وسائل الإعلام المحلية في صعدة (شمال)، إن اتصالات الجماعة مع السعودية «لم تنقطع»، وإن هناك اتصالات غير مباشرة جرت خلال اليومين الماضيين تم التأكيد خلالها على وجود استعداد تام لعودة العلاقات بين البلدين، «وفق قاعدة الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وتبادل المنافع المشتركة».
وأضاف الحوثي "نحن نرحب بأي علاقات مع محيطنا العربي والإسلامي قائمة على أسس احترام الآخر وعدم التدخل في شؤونه أو فرض أي أجندة سياسية على صناعة القرار اليمني»، لافتاً إلى أن علاقات اليمن مفتوحة مع الجميع ضمن أسس احترام السيادة الوطنية والاستقلال في القرار السياسي.
من جهة أخرى، وتعليقاً على علاقات «أنصار الله» بإيران، أكد الحوثي أن الجماعة تبحث عن علاقات متوازنة مع الجميع «في محيطنا العربي والإقليمي»، ومن يريد أن يقدم أي معونات لليمن غير مشروطة فالباب مفتوح للجميع، ومن دون أي شروط مسبقة. وشدد على أن الفترة المقبلة ستكون مخصصة لمعالجة الآثار التي خلفتها الأزمة السياسية على الصعد السياسية والاقتصادية كافة، و"التفرغ الكامل للبناء والإعمار واللحاق بركب الدول المنتجة والاستفادة من الثروات النفطية والغازية والمعدنية في بناء يمن جديد».

(الأناضول)