لا تزال المجموعات المسلحة تبحث عن أيّ نصرٍ يُعيد إليها الصورة التي فقدتها، مع انتصارات الجيش السوري المتتالية. وبحسب مصدر سوري متابع، «فإن الجيش قد بدأ منذ شهر شباط الماضي بعمليات عسكرية، على مختلف الأراضي، قوامها المباغتة والمفاجأة للسيطرة على أراضٍ استراتيجية تحدّ من وجود المسلحين فيها، إضافةً إلى تأمين خواصر المدن الرئيسية»، إذ أعلن الجيش عن عمليات من حلب شمالاً إلى درعا جنوباً. وكان للشمال الغربي حصةٌ منها، خصوصاً بعد توافر معلومات عن استعداد المسلحين للساعة الصفرٍ لبدء عملية في ريف اللاذقية.
لماذا دورين؟

قبل أسبوعٍ تقريباً، سيطر الجيش على جبل دورين الاستراتيجي الذي يمثّل نقطة متقدمة في الريف الشمالي الشرقي لللاذقية. يفيد المصدر «بأن المسلحين كانوا على استعداد لساعةِ صفر، لتنفيذ مخطط يقضي بالسيطرة على القرى المحيطة ببلدة سلمى»، المعقل الرئيسي للمسلحين من «جبهة النصرة» و«لواء أحرار الساحل» و«ولواء أحرار الشام»، معتبراً «أن لهجوم المسلحين بُعدين، بُعداً معنوياً وبُعداً استراتيجياً».خطة المسلحين قضت بانطلاق الهجوم من بلدة سلمى والسيطرة على جبل دورين، ومن ثم ربط القرى التي يسيطر عليها المسلحون، كغمام وسلمى وغيرها من قرى ريف اللاذقية، ليشكلوا محوراً متقدماً في منطقة تعتبر ثقلاً للجيش. الجبل الذي يُعتبر بحسب العلم العسكري «عارضاً حساساً»، يؤمن قاعدة نارية للمسلحين، وسيطرة نارية على القرى والتلال المحيطة، ومرصداً لتحركات الجيش في اللاذقية وريفها. حاول الجيش سابقاً استعادته خمس مرات، ولكن نتيجة حقول الألغام التي زرعها المسلحون، والتحصينات التي أنشأوها، والمقاومة الشرسة في دفاعهم عن الجبل، حالت دون استعادته.
ويضيف المصدر أن «البعد المعنوي للهجوم يتمثل في إحرازٍ أي إنجازٍ للمسلحين، في منطقةٍ لها «رمزيتها»، وبعد ضربات الجيش الموجعة وتراجع هذه الجماعات أمام تقدمه في كُلّ من درعا وحلب والسويداء. أما استراتيجياً، فتسعى هذه المجموعات إلى ربط مناطق نفوذها من العمق في إدلب وريفها إلى الساحل في اللاذقية وريفها، وتثبيت قاعدة نارية على الجبل، لتجعلها مركز انطلاق لأي عملية لاحقة يقومون بها، من استهداف اللاذقية وريفها بصواريخ الغراد، أو لأي هجومٍ مستقبلي ممكن».
يضيف المصدر المتابع أن قرار القيادة العسكرية السورية اتّخذ بالهجوم على الجبل وإعادته إلى كنف الدولة مهما كلف الأمر. شُكّلت قوّة من الجيش السوري و«الدفاع الوطني»، وبدأت عملية السيطرة على الجبل. لا يخفي المصدر حجم الدعم الذي يُقدّم للمجموعات المسلحة من تركيا، مشيراً إلى أن الألغام المزروعة هي عبوات من صنعٍ تركي، إضافة إلى صواريخ «التاو» الأميركية المضادة للدروع. اتسمت الاشتباكات «بالملحمية»، على حدّ تعبير المصدر، مستشهداً بأن الالتحام كان «على بُعد متر واحد فقط مع الإرهابيين» في بعض النقاط، استخدم فيه جنود الجيش القنابل اليدوية والأسلحة الخفيفة، لتنتهي العملية بعد ساعات على المواجهة الشرسة باستعادة الجبل وتثبيت الجيش قواعد فيه.

محاولة فاشلة

لم «تهضم» المجموعات المسلحة فكرة خسارتها. أعادت توحيد جهدها لتستعيد السيطرة على دورين وجبلها. قامت بهجوم مضاد منذ يومين، لكن لم تستطع رغم التهويل الإعلامي الذي رافق عملها إحراز أي تقدم يُذكر. مُنيت «النصرة» وأخواتها بصفعةٍ جديدة. لم تستطع كسر مقاومة الجيش في دورين، مع العلم بأنها وصلت إلى ساحة البلدة، ولكنها فشلت، وتراجعت إلى نقاط تجمعها. ظلت المجموعات المسلحة متخبطةً على الساحة «الافتراضية»، حتى خرجت «جبهة النصرة» ببيانٍ تعلن فيه عن هزيمتها في هذه المنطقة، لتطفئ ناراً أشعلتها بسيطرةٍ كاذبة. يرسم المصدر المتابع المشهد من جديد: «استنفارٌ يسود الجبهة الشمالية الغربية للبلاد، استعدنا دورين، ولن نسمح بعودة المسلحين إليها مهما كلف الأمر».