شهد ريف دير الزور خلال الأشهر الماضية تطوّرات عديدة، أبرزها انضمام مقاتلين من أبناء العشائر للقتال إلى جانب الجيش السوري ضدَّ «داعش»، في معارك المطار الأخيرة. والإعلان عن تشكيل «جبهة المقاومة الشعبية في المنطقة الشرقية» التي بدأت عملها بعدة عمليات استهدفت عناصر «داعش» في ريف دير الزور، من بينها تفجير عبوة ناسفة بالفرقة الحزبية في بلدة العشارة أدّت إلى مقتل 5 عناصر من «داعش»، إضافة إلى تفجير سيارة السعودي الملقب بأبي هريرة، أحد قادة التنظيم في مدينة البوكمال، ما أدى إلى مقتله وآخرين كانوا معه.
وسبق ذلك عمليات استهدفت عناصر «داعش» في مدينتي الميادين والبوكمال، وقرية البوليل والعشارة. وآخر هذه العمليات نُفّذ يوم الأحد الماضي في مدينة الميادين، وأوقعت 12 قتيلاً من مسلحي «داعش».
كلّ ذلك يأتي بعد قرابة أكثر من شهرين على إعلان تشكيل «جبهة المقاومة الشعبية في المنطقة الشرقية» ببيان مصوّر قالت فيه: «إنه وبسبب جرائم داعش بحق أهالي دير الزور، وقطع الطرقات من قبل حملة الفكر التكفيري الوهابي الذين شوهوا الإسلام، ودفاعاً عن سوريا ودير الزور، يعلن عن تشكيل المقاومة الشعبية في المنطقة الشرقية لتطهيرها من الإرهاب».
وأضاف البيان: «إن المقاومة تستهدف الإرهابيين الذين عاثوا خراباً في سوريا، وسيكونون هدفاً مشروعاً لنا»، وكشف البيان «تبني جميع عمليات القنص والاستهداف المباشر وغير المباشر لعناصر داعش في دير الزور، وخاصة خلال الأشهر الأربعة الماضية» واعداً الشعب السوري بـ«المقاومة الشرسة ضد الإرهاب، وإعادة محافظة دير الزور بكل ألقها إلى حضن الوطن، سوريا».
وتشكّل عشيرة الشعيطات التي فتك «داعش» بأهلها، قواماً رئيسياً لهذه «المقاومة»، إضافة إلى عدد آخر من أبناء العشائر في ريف ديرالزور، الواقع تحت سيطرة «داعش». وبحسب مصدر مطلع، فإن «أهالي من أبناء الموحسن والبوعمر والبوليل وقرى وبلدات أخرى انضمّوا أخيراً إلى صفوف المقاومة الشعبية». يقول خالد الشعيطي، أحد عناصر «المقاومة»: «فقدت اثنين من إخوتي، كما شرّدوا أهلي، ونفوهم خارج ريف دير الزور. لقد فتكوا بهم، وأساؤوا للأرض والعرض. لذلك سنسحقهم». ويضيف الشعيطي: «سنكون فدائيين نفجر أنفسنا بهم في سبيل دحرهم، والقضاء عليهم، وتطهير الأرض منهم»، ويوافقه مواطنه خلف بالحماسة ذاتها، مؤكداً أنّ انتماءه للمقاومة جاء رغبة منه بأن يستعيد الإسلام شكله الصحيح، مضيفاً «لم يكن الإسلام يوماً يقتل النساء والأطفال ويجزّ الرؤوس كما يفعل إرهابيو داعش. سنقاتلهم وندحرهم، جنباً إلى جنب مع جيشنا الوطني حتى لا نبقي منهم أي أثر».
مصدر متابع لتأسيس «المقاومة» أكد لـ«الأخبار» أنّ أكثر من ألف مواطن من أبناء العشائر، من الأرياف الواقعة تحت سيطرة «داعش» بدأوا الانضمام إلى صفوف القوات المساندة للجيش السوري منذ حوالى ستة أشهر، «وقد تمّ تدريبهم في معسكرات خاصة، وشاركوا في صدّ الهجمات الأخيرة على مدينة دير الزور ومطارها وقدموا شهداء»، يقول المصدر لافتاً إلى أنّ «الأعداد بدأت بالازدياد بشكل كبير بعد الهجمة الشرسة التي يشنها التنظيم منذ حوالى شهرين».
إلى ذلك، أفاد مصدر من قيادة «جبهة المقاومة» بأنّهم سيقاتلون «حتى تحرير كامل المنطقة الشرقية من داعش»، لافتاً إلى أنهم استهدفوا التنظيم في معاقله، وسيستهدفونه بشكل يومي مدعومين بمساندة شعبية كبيرة تسهّل عمليات الاستهداف، مشيراً إلى صلة وتنسيق مع مجموعة «الكفن الأبيض» الوطنية، التي تساندهم في استهدافهم للتنظيم، مؤكداً أنّ عملياتهم ستمتدّ إلى الرقة وريف الحسكة. وجماعة «الكفن الأبيض» هي مجموعة ظهرت بعد حوالى شهرين من سيطرة «داعش» على ريف دير الزور، وتمكنت من تنفيذ عدد من عمليات الاغتيال بحق مقاتلي التنظيم، ولا سيّما في البوكمال والميادين.
جدير بالذكر أنّ المقاتلين من أبناء العشائر يخضعون لإشراف ضباط في الجيش السوري، وتقودهم مجموعة من أبناء العشائر، أبرزهم عبد الباسط، المعروف بأبي محمد الشعيطي، وآخرون يتوزعون مع مجموعاتهم حالياً على جبهات القتال في الجفرة وحويجة المريعية ومحيط مطار دير الزور وأحياء الرشدية والجبيلة والحويقة، كما يذكر أنّ البعض منهم كان يقاتل سابقاً في صفوف الجماعات المسلحة المختلفة، ومن بينها بعض كتائب «الجيش الحر».
وبالتوازي، تشهد الحسكة إقبالاً كبيراً من أبناء العشائر للانضمام إلى صفوف القوات المساندة للجيش كـ«الدفاع الوطني وكتائب البعث» وقوى أخرى. ويتلقون تدريبات عسكرية تمهيداً لزجهم في جبهات القتال في ريفي الحسكة والقامشلي. ويتوقع أن تكون أي عملية عسكرية قادمة للجيش السوري في ريفي الحسكة ودير الزور قوامها أبناء العشائر، ما يؤكد انحسار الحاضنة الشعبية لـ«داعش» في مناطق شرق البلاد، وارتفاعها بشكل كبير ومتسارع لصالح الجيش السوري.