لعبة الخطوط المتوازية التي حاولت حركة «حماس» العمل بها في علاقاتها الخارجية لا تسير وفق المأمول، وهو ما عبّر عنه بالضبط عضو المكتب السياسي للحركة، محمود الزهار، الذي أكد أمس أن العلاقة بإيران «استراتيجية لا تتغير»، لكنه أقرّ بأن الذي تغيّر هو «الجغرافيا السياسية في المنطقة». تغيرٌ يدفع «حماس»، وفق ما يبدو من حملة إعلامية تعززها وسائل إعلام قطرية، إلى التوجه نحو السعودية، وذلك يتجلى في سلسلة تقارير وتصريحات متتالية، تنتظر التتويج بزيارة خالد مشعل للرياض!
الزهار شرح ما كان يقصده في تصريحه لوكالة «فارس» الإيرانية، بالقول إن «أدوات التواصل بين حماس وإيران تعطلت نتيجة لهذا التغيير الجيوسياسي»، ما يوحي بفاصل من الوقت ستأخذه قيادة الحركة لمحاولة التجربة مع التكتل السعودي ـ التركي ـ القطري الجاري، وإن لم تفلح في ذلك، فإنها ستعود كما فعلت قبل أشهر، لتأكيد «استراتيجية العلاقة» بطهران، ثم الحديث عن زيارة لمشعل للعاصمة الإيرانية، مجدداً.
أما عن مصر وموقعها من هذه اللعبة الجديدة، فإن ذلك أجاب عنه رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار قطاع غزة، السفير محمد العمادي، الذي دخل أمس عبر معبر «بيت حانون ـ إيرز»، أي من الجانب الإسرائيلي، على اعتبار ما استند إليه في مزحة تحدث بها العمادي إلى الصحافيين، وهي أنه لم يعد لغزة حدود مع دولة عربية، في إشارة إلى مصر!
تأسيساً على ذلك، قال السفير القطري إن بلاده قررت استئناف إعمار غزة ببناء ألف وحدة سكنية ستمول من منحة المليار دولار التي «وعدت بها الدوحة في القاهرة»، لكن المواد والأدوات الخاصة بقطر لن تدخل عبر معبر رفح (بين غزة وسيناء)، بل من طريق المعابر الإسرائيلية (كرم أبو سالم)، وذلك بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية وحكومة «التوافق» التي تواصلت، وفق قوله، مع الجانب الإسرائيلي مباشرة.
ومن فوق أنقاض مستشفى «الوفاء»، شرقي غزة، وبجانب وزير الأشغال، مفيد الحساينة، أكد العمادي أن تنفيذ المشروع سيبدأ فوراً، وأن «منحة قطر ستذهب جميعها لإعمار القطاع». وشرح قائلاً: «إدخال مواد البناء سيكون من خلال المعابر الإسرائيلية، وقد توصلنا إلى تفاهمات من أجل اتمام هذا الأمر»، كاشفاً أن أربع شاحنات محمّلة بمواد البناء (إسمنت وحصمة)، دخلت أمس إلى غزة، بعد «جهود بذلتها التوافق في التنسيق مع السلطات الإسرائيلية» بشأنها، وهي «المرة الأولى منذ انتهاء الحرب الإسرائيلية التي تدخل فيها مواد بناء لتنفيذ المشاريع القطرية»، علماً بأن إسرائيل أعلنت في تشرين الثاني الماضي سماحها بإدخال مستلزمات المشاريع التي تموّلها قطر عبر «كرم أبو سالم».
من جهة أخرى، لفت العمادي إلى أنه أجرى مباحثات مع الجانب الفلسطيني للوصول إلى «حل جذريّ لمشكلتي الكهرباء والمياه في غزة»، وقال: «وُضع خياران لحل مشكلة الكهرباء، إما من طريق شراء الغاز اللازم لتشغيل محطة التوليد من إسرائيل، أو بمد خط ضغط عال من إسرائيل بقيمة (400) ميجا وات... الخيار الأخير هو الأصلح، وقد يحتاج مد ذلك الخط إلى سنتين بسبب الإجراءات التي يجب أن تتبع».
ووسط تثمين السفير القطري بدور رئيس حكومة غزة السابقة، إسماعيل هنية «لمساهمته في تنفيذ المشاريع القطرية على أرض الواقع»، رحبت «حماس» بزيارة العمادي لغزة وإعلانه البدء في بناء آلاف البيوت التي دمرها الاحتلال. كذلك شكرت الأمير تميم بن حمد على جهوده في إعادة إعمار البيوت المدمرة، داعية الدول المانحة التي اجتمعت في القاهرة إلى أن تحذو حذو قطر.
إلى ذلك، قالت مصادر مصرية إن 1364 فلسطينياً عبروا معبر رفح البري بين مصر وغزة في كلا الاتجاهين، بعدما فتحته القاهرة لليوم الثاني أمس استثنائياً. وسجل دخول 388 إلى غزة، فيما خرج نحو 976، كذلك أدخلت جثة زهدي القدرة (70 عاماً)، وهو سفير فلسطين الأسبق لدى القاهرة وعضو المجلس الثوري لحركة «فتح» إلى القطاع، بعدما توفي خلال علاجه في مصر.
(الأخبار، الأناضول)