القاهرة | مع دخول الانتخابات البرلمانية في مصر «النفق المظلم» بعد إبطال المحكمة الدستورية العليا رسمياً قوانين الانتخابات، الأسبوع الماضي، عادت حالة الجدل والاستقطاب السياسي مرة أخرى، بعدما أصدرت «الدستورية» حكماً جديداً (يوم السبت) يقضي بعدم دستورية منع مزودجي الجنسية من الترشح للانتخابات، استناداً إلى أنه لا يوجد ما يحظر ازدواج الجنسية على المرشح.حكم المحكمة أعاد الحق لمزودجي الجنسية بالترشح، وهو ما سيمكّن عدداً من رجال الأعمال الحاصلين على جنسيات أجنبية من خوض سباق الانتخابات، فيما يقلل خبراء من تداعيات الأثر القانوني للحكم، لكنهم انتقدوا غياب هذه النقطة عن واضعي الدستور، فيما استندت المحكمة في حيثيات حكمها إلى التشديد على أن الأصل لدى المصريين «حب الوطن ولا يجب افتراض العكس».

في وقت متزامن، بدأت اللجنة المكلفة تعديل القوانين اجتماعاتها المتواصلة منذ يومين، إذ تلقت نحو 40 مقترحاً لتعديل قانون الانتخابات، كذلك طلبت من الأحزاب والقوى السياسية التي لديها مقترحات وتصورات عن معالجة الخلل الدستوري بالتقدم بالمقترحات. وأنشأت اللجنة مكتباً فنياً لتلقي جميع الطلبات، مع استعانتها بخبراء من جهاز الإحصاء لحساب الوزن النسبي لتمثيل البرلمان بدقة، تجنباً لأي خلل دستوري جديد في القوانين.
وأكدت اللجنة، التي يرأسها وزير العدالة الانتقالية، أنها ستطرح مشاريع القوانين للحوار المجتمعي قبل إرسالها إلى مجلس الوزراء لإقرارها، وهو التأكيد الذي تسعى به إلى امتصاص غضب الرأي العام تجاه أعضائها، وخاصة من القوى السياسية التي رأت في إعادة تشكيل اللجنة بالأعضاء أنفسهم الذين وضعوا القانون «مشمولاً بالعوار الدستوري»، خطأً جسيماً يتحمله رئيس الحكومة.
وفق مصادر في اللجنة تحدثت إلى «الأخبار»، إن خبراء الإحصاء هم من سيحددون (من واقع جداول الناخبين) المعايير التي سيجري على أساسها زيادة مقاعد البرلمان أو العكس، وخاصة مع الاتجاه إلى دراسة زيادة مقاعد بعض الدوائر بالتشكيل الحالي، أو إجراء تعديلات أخرى على قانون تقسيم الدوائر الانتخابية لإعادة تقسيمها وفقاً للمعايير التي حددتها «الدستورية» في حكمها.
المصادر ذاتها تحدثت عن تعديل لفظي في قانون مباشرة الحقوق السياسية، وذلك بالسماح لمزدوجي الجنسية بالترشح، وهو «أمر لا يشكل قلقاً على البرلمان، لأن الجلسات والتقارير الخاصة به تكون مذاعة إعلامياً، ولن تنتخب غالبية أعضائه المزدوجي الجنسية من أجل المشاركة في اجتماعات لجنة الدفاع والأمني القومي التي تضم التقارير والمعلومات السرية»، وذلك «من منطلق عدم منع المصالح، وهو ما يمكن صياغته مستقبلاً عبر اللائحة الداخلية للمجلس لتنظيم العمل داخله وسيقرها المجلس فور انتخابه».
في كل الأحوال، تصاعد الجدل السياسي حول الانتخابات، وهذه المرة من قوى أصبحت معارضة للنظام، وخاصة للرئيس عبد الفتاح السيسي، حتى من بعض من كانوا يؤيدونه حتى شهور قليلة مضت، وأبرزهم عضو لجنة الخمسين الدكتور محمد أبو الغار، الذي رأى أن السيسي لا يريد إجراء الانتخابات في الوقت الحالي، وهو ما نفته الرئاسة بردٍّ رسمي.
السياسيون الذين قرروا الابتعاد عن معكسر تأييد النظام لم يكن أبو الغار ممثلهم الوحيد، ولكن كان منهم نائب رئيس الوزراء الأسبق، الدكتور حسام عيسى، الذي قال إن قوانين الانتخابات تحتاج أكثر من شهرين لتعديلها، منتقداً «العوار الدستوري» في القوانين من البداية.
في المقابل، دافع رئيس لجنة الخمسين التي وضعت الدستور، عمرو موسى، وأكد ضرورة إجراء الانتخابات قبل حزيران المقبل لاستكمال خريطة الطريق من أجل طمأنة الرأي العام العالمي إلى صدقية النظام المصري، وهي تصريحات تعتبر الأولى من نوعها لأحد أبرز الرجال المقربين من السيسي حتى الآن.
وبعد المقاطعة الحزبية التي تعرض لها حزب «الحركة الوطنية» برئاسة الفريق أحمد شفيق الموجود في دبي، بدأ عدد من قيادات الحزب التواصل مع الأحزاب والقوى السياسية للاتفاق على قائمة موحدة للمنافسة على مقاعد القوائم في الانتخابات، وهي القائمة التي أخفقت الأحزاب في تشكيلها خلال المدة الماضية، فيما يتوقع أن تعود جولة المفاوضات بعيداً عن حزب «النور» الذي ترفض غالبية الأحزاب التحالف أو التنسيق معه.