عاد زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، أمس، عن قراره بتجميد عمل «سرايا السلام» (منتصف شباط الماضي)، وهي أشبه بجناح عسكري للتيار أنشئ خلال الصيف لمواجهة تنظيم «داعش» وحماية الأماكن المقدّسة، وشكّلت في وقت لاحق جزءاً مهماً من قوات «الحشد الشعبي» إلى جانب «منظمة بدر» و«كتائب حزب الله» العراقية و«عصائب أهل الحق».
وقال الصدر، في بيان صدر أمس، عقب زيارة تشير مصادر عراقية إلى أنه قام بها لإيران واستمرت خمسة أيام: «صار لزاماً علينا بعد قرار الحكومة العراقية بالتحشيد لتحرير محافظة الموصل الحبيبة، وبعد تراخي أهلها في تحريرها والرضوخ النسبي لشذاذ الآفاق، صار لزاماً علينا إعطاء الأمر لمسؤول (سرايا السلام) بالعمل على التنسيق مع الجيش العراقي والحكومة العراقية لإنهاء التجميد والعمل على التحشيد الشعبي»، معتبراً أن «اشتراك السرايا سيقلل من حدة التصاعد الطائفي وقلة الاحتقان ضد السنّة غير الدواعش... خصوصاً بعد التصرفات من بعض الميليشيات الوقحة». وأمر الصدر «الإخوة المجاهدين في السرايا بالبقاء على التجميد إلى حين الانتهاء من التحضيرات وعدم التدخل في الأمور السياسية والعمل المدني البتة، وعدم مسك الأرض بل تحريرها فحسب»، خاتماً بالقول: «أكرر في نهاية المطاف مطالبتي بعدم التدخل الأميركي في تلك الحرب، فنحن قادرون على إنهاء داعش».
وتشير مصادر عراقية مطّلعة إلى أنّ الصدر الذي لا يستسيغ عادة وضعه ضمن فريق سياسي معيّن، توجه إلى إيران يوم السبت الماضي وعقد يوم الخميس، فور عودته، اجتماعاً في النجف مع قياديين في تياره، ناقلاً إليهم أهمية المشاركة في عمليات تحرير الموصل المرتقبة، نظراً إلى أنّ ذلك لا بد أن يؤمن لقوات «الحشد الشعبي» دعامة مقبولة لدى فريق سياسي في البلاد.
ويأتي إعلان الصدر في وقت يبدو فيه أنّ المعارك في صلاح الدين تقترب من مدينة تكريت بشكل فعلي، وسط ارتفاع أصوات عراقية تهاجم دور «الحشد الشعبي» في المعركة. ويعكس القرار، كذلك، إدراكاً لدى عدد من الأطراف العراقية بأنه بمجرد انطلاق المعارك قبل نحو أسبوع، بمساندة من قيادات إيرانية وغياب «التحالف الدولي»، باتت الحكومة العراقية برئاسة حيدر العبادي على المحك، إذ إن الانكسار في وسط العراق لا بد أن يترجم بإضعاف قبضة بغداد السياسية والعسكرية.
وفي موازة ذلك، كان لافتاً أنّ قرار الصدر سبقته بيوم واحد كلمة رئيس «المجلس الأعلى»، السيدّ عمار الحكيم، أشار فيها إلى أنّ «مشروع الحشد الشعبي مشروع بناء دولة (مشيراً) إلى أهمية استيعابه ضمن قانون الحرس الوطني»، رافضاً في الوقت ذاته «انسحاب الأخطاء الفردية من بعض أفراد الحشد على الحشد كله». ورأى الحكيم، في كلمة ألقاها في بغداد، أنّ «معركة لبيك يا رسول الله (في صلاح الدين)، هي معركة استعادة الكرامة العراقية»، لافتاً إلى «أهمية علاقة الصداقة مع إيران وباقي الدول المجاورة والإقليمية دون خجل من ذكر هذه العلاقة». وتوجه الحكيم أمس إلى ناحية العلم قرب تكريت التي رأى أنها «ستكون مقبرة للدواعش ومنطلقاً لتحرير الموصل»، مؤكداً من هناك «ضرورة الالتزام بتوصيات المرجعية الدينية العليا».

...ويحذّر السفير الأميركي

حذّر السيد مقتدى الصدر، أول من أمس، السفير الأميركي لدى بغداد، ستيوارت جونز، من زيارة مدينة النجف مرة ثانية عقب زيارة قام بها نهاية الأسبوع الماضي. وقال في ردّ على سؤال قدم إليه: «أربأ بل أجلّ أهالي النجف الأشرف الكرام عن أن يقدموا إليه دعوة، وأطالبهم بالاستنكار حفاظاً على سمعة مدينتهم المقدسة. وعلى الجهات المختصة والرسمية في النجف الأشرف استنكار ذلك بل والاعتذار عن تلك الزيارة». وأضاف أن «العجب كل العجب من عدم استنكار من ينتمون إلى النهج الجهادي» للزيارة. وأكد أن زيارة تلك «الشخصية الإرهابية» يراد منها إيصال عدة رسائل: «التقارب الأميركي الشيعي وهو كاذب لا محالة، ومن هنا أعلن براءتي أمام الله وأمام الشعب من تلك الزيارة المشؤومة، وأنها فرض نفوذ للمحتل الاميركي في تلكم المحافظة... ومن هنا أقول... إنه لو تكررت الزيارة فسأحتفظ بالرد لنفسي».
(الأخبار)