حققت القوات العراقية والقوات المساندة لها تقدماً واضحاً، أمس، في العمليات الدائرة منذ ستة أيام في محافظة صلاح الدين، وذلك بدخول مدينة الدور المشرفة على مدينة تكريت، التي تمثّل الهدف الأبرز. وترافق التقدّم مع إعلان وزير الداخلية، محمد سالم الغبان، خلال جولة في المحافظة، أنه «سيجري تحرير ناحية العلم بالكامل» اليوم السبت. وبرغم أنّ تضارباً ساد حول حقيقة السيطرة التامة على مدينة الدور الاستراتيجية أمس وعلى مجمل القضاء، إلا أنّ التقدم الموازي في ناحية العلم لا بد أن يمثل دفعاً ميدانياً واضحاً لإتمام عملية محاصرة مدينة تكريت، التي تقودها الحكومة بمساندة من قوات «الحشد الشعبي» ومن دون تدخل لمقاتلات «التحالف الدولي».
وكان الرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين قد اعتقل على يد القوات الاميركية عام 2003 قرب الدور، وهي ايضا مسقط نائب الرئيس السابق عزة ابراهيم الدوري، ابرز مسؤولي النظام السابق الذين لم يتم اعتقالهم، الذي قال مسؤولون، أمس، إنهم سيطروا على مزرعة إلى الشرق من تكريت كان يملكها.
وبمتابعة لما خلصت إليه العمليات العسكرية خلال الأيام الماضية، بات واضحاً أنّ التقدم يتحقق بشكل تدريجي لاعتبارات تتصل بالواقع الميداني إضافة إلى حجم رقعة المعارك الدائرة. وفي هذا الصدد، قال مصدر في قيادة عمليات سامراء، أمس، إنّ «هناك مناطق حررناها لذا يتعين علينا نقل جنود لهذه المناطق لمنع مقاتلي داعش من العودة... الأمر مجرد إعادة تنظيم لا توقف».
سيمنح أي نجاح عسكري
سريع الحكومة في بغداد زخما في معارك الشمال

وتولي الحكمة العراقية أولوية للمعارك في صلاح الدين نظراً لواقع أنّ نتيجة عملية تكريت ستكون لها تداعيات مهمة على شكل وتوقيت عملية أكثر حيوية شمالا لاستعادة مدينة الموصل. وسيمنح أي نجاح عسكري سريع الحكومة في بغداد زخما في الشمال، بينما ستؤدي أي أزمة في تكريت إلى تعطل الخطط في المستقبل.
وفي هذا الصدد، شددت المرجعية الدينية العليا في العراق، أمس، على ضرورة أن يكون لأهالي المناطق المحررة الدور الاوسع في المعارك. وقال ممثل المرجعية في كربلاء، الشيخ عبد المهدي الكربلائي، خلال خطبة «صلاة الجمعة»، إنه «في الوقت الذي نشيد ونثمن بطولات وتضحيات وانتصارات قواتنا المسلحة من الجيش والشرطة الاتحادية والمتطوعين في تكريت، فإننا نشدد على ضرورة ان يكون لاهالي هذه المناطق دور اكبر واوسع في تحرير مناطقهم».
ودعا الكربلائي المقاتلين الى «الالتزام بتوصيات المرجعية الدينية في ما يخص تنظيم الصفوف وتنسيق الخطوات ووضع الخطط المحكمة»، مشدداً على ضرورة «التحلي بأقصى درجات ضبط النفس لما فيه رعاية للموازين وللقيم النبيلة».
وأضاف أن «القوات المسلحة الباسلة ومن انضم اليهم من المتطوعين حققوا انتصارات رائعة في مناطق مهمة كانت عصابات داعش سيطرت عليها». ورأى الكربلائي أن «أبناء تلك المناطق اولى من غيرهم بهذه المهمة»، مشيراً في الوقت ذاته الى أن «ذلك يتطلب توفير الامكانات اللازمة لمن يسعى منهم بجد واخلاص إلى تحرير من مناطقهم رجس الإرهاب».
وإلى الغرب من صلاح الدين، كان لافتة أمس إشارة مصادر ميدانية في محافظة الانبار إلى استعادة السيطرة على ناحية البغدادي الواقعة قرب قاعدة الأسد العسكرية، حيث ينتشر عناصر أميركيون بصفتهم مستشارين ومدربين.
اربيل: الموصل تتطلب دعماً دولياً
رأى المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان، سفين دزيي، أنّ «البشمركة هي القوة الوحيدة التي تقاتل وتنجح في منطقة الموصل»، مضيفاً أنّ «وضع الموصل حساس وحرج. لا نرى أن من المناسب إرسال البشمركة إلى هناك وإقحامها في حرب شوارع، هذا قد يؤدي إلى اشتباكات أخرى». وأوضح أنّ «حكومة كردستان والبشمركة ستقدمان الدعم لتحرير الموصل، ولكن الأمر يتطلب خطة واسعة، ودعما دولياً، ولا يمكن أن يجري ذلك من خلال الجيش العراقي أو البشمركة وحدهما. ما زال النقاش قائماً في هذا الإطار».
وفي موازاة ذلك، أكد المسؤول الكردي، في حديث إلى وكالة «الأناضول»، تدريب القوات المسلحة التركية منذ شهر أيلول الماضي لقوات «البشمركة»، موضحاً أنَّ «تركيا منذ هجوم داعش على مناطق الأكراد في آب 2014 مدت البشمركة والحكومة بالمساعدات»، إلا أنه جرى التكتم عليها بسبب وجود رهائن أتراك بيد «داعش». ولدى سؤاله عن «التأثير العسكري والسياسي الإيراني في العراق»، قال ديزيي إنّ «البلدين متجاوران وبينهما تقارب سياسي، واجتماعي، وتاريخي، لذلك فهذه العلاقة طبيعية كما هي العلاقة طبيعية بين العراق وتركيا. بالطبع بات الجيش العراقي في وضع صعب خلال الأيام الأخيرة، بلغ حدَّ الترهل، وبدعم إيران ارتقى إلى نقطة معينة، وحقق انتصارات جلية، وطهران لا تخفي ذلك».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)