يتواصل سير التطورات الميدانية في محافظة صلاح الدين، وسط زخم واضح للعملية العسكرية التي تقودها الحكومة العراقية بمساندة من «الحشد الشعبي» وقوى عشائرية، في وقت من غير المعروف فيه المدى الزمني الذي سيحتاجه الوصول للهدف الأبرز: استعادة السيطرة على تكريت وطرد عناصر تنظيم «داعش».
ويتحدث متابعون عن أنّ محيط المدينة والأقضية المجاورة هي مناطق قد لا تحتاج إلى أكثر من أيام قليلة لتثبيت السيطرة عليها، بخلاف عمليات تطهير جيوب صغيرة قد تحتاج إلى المزيد من الجهود. في المقابل، لا يحدد هؤلاء إطاراً زمنياً لعملية تثبيت السيطرة على المدينة، ويضعونه بين سيناريوين: تجربة مماثلة لمنطقة جرف الصخر في جوار بغداد حين انسحبت القوات المواجهة تحت زخم الاستهداف المدفعي وعمليات الاقتحام البرية لصفوفهم الدفاعية، أو الاضطرار إلى خوض حرب شوارع.
وفي السياق، ترجح مصادر أنّ نزوح عدد كبير من سكان المدينة في الفترة الماضية، إضافة إلى واقع توسّع المساندة العشائرية لعملية تكريت، لا بد أن يسهلا السيطرة على المدينة. ويضاف إلى ذلك، أهمية حجم المشاركين في العملية الذي وصل إلى حدود ثلاثين ألف مقاتل. وينقسم العدد بين عناصر الجيش والشرطة الاتحادية ومكافحة الإرهاب والحشد الشعبي (نشرت صور لأبرز قادته في الميدان) وأبناء العشائر (لا يمكن تحديد عدد هؤلاء المقاتلين نظراً إلى تطوره). ويعتبر ونس الجبارة أبرز قياديي المقاتلين العشائريين.
متحدث باسم البنتاغون:
لا نشن غارات دعماً للعملية في محيط تكريت

وفي خضم سير المعارك الميدانية، سُجّل، أمس، أمران لافتان: الأول، الإعلان أنّ مقاتلات «التحالف الدولي» لم تشارك في المعركة. أما الثاني فقد تمثّل بالصور التي نشرتها وسائل إعلام إيرانية لقائد «فيلق القدس» الجنرال قاسم سليماني وهو في قضاء تكريت، وقالت إنه وصله يوم السبت بهدف «تقديم الاستشارات للقادة العراقيين». وأضافت وكالة «فارس» أن سليماني «لدى وصوله تكريت، استُقبل من قبل قادة الجيش والحشد الشعبي والمقاتلين العراقيين»، لافتة في الوقت ذاته إلى واقع أنّ رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، هو من أطلق «عمليات تحرير تكريت... برمز لبيك يا رسول الله». وأمس، قال المتحدث باسم البنتاغون، ستيفن وارين، للصحافيين: «نحن لا نشن غارات دعماً للعملية في محيط تكريت»، فيما نقلت «فرانس برس» عن مسؤول آخر قوله إن طائرات أميركية تساعد في تقديم المعلومات والاستطلاع.
وقال وارين: «نحن على علم بالعملية قبل بدئها، لكنني لن اخوض في التفاصيل حول مدى التعاون الذي قمنا به قبل ذلك»، مضيفاً: «نحن نراقبها عن كثب». ورداً على سؤال عن «أنشطة إيران»، قال: «نحن مدركون لوجود اهتمام ايراني كبير في القتال العراقي ضد تنظيم الدولة الاسلامية»، لكن من دون اعطاء تفاصيل إضافية.
وفي أبرز التطورات الميدانية، استعادت القوات المشاركة في العملية أكاديمية شرطة المحافظة ومنطقة البوحساني والبوفاخر جنوبي قضاء الدور، إضافة الى سيطرة قوات المشتركة على تقاطع زركوش الواقع بين محافظتي ديالى وصلاح الدين، فيما ذكر مصدر أمني أنّ «قوة أمنية تمكنت من السيطرة على حي الطين الواقع قرب جامعة تكريت شمالي المدينة... وقوة عسكرية أخرى تمكنت من السيطرة على منطقة البو عبيد غرب تكريت». ويسير التقدم عبر ثلاثة محاور أساسية، باتجاه الدور والعلم وتكريت، بينما تتحرك قوات من الشمال حيث كانت تتمركز بين قاعدة سبايكر وجامعة تكريت.
وفي حديث إلى «الأخبار»، قال نائب رئيس اللجنة الأمنية في محافظة صلاح الدين، خالد الخزرجي، إنّ «العمليات (تسير) بمشاركة قواتنا الأمنية والعسكرية، والشرطة المحلية والاتحادية، والرد السريع ومكافحة الأرهاب، وكذلك الحشد الشعبي الأبطال، والمتطوعين من ابناء العشائر». واضاف أنه في بعض المناطق «هناك بطء في التحرك والتقدم، بسبب العبوات الناسفة وتفخيخ المنازل». وفي شق آخر، قال الخزرجي إن «العشائر في صلاح الدين هي على الأغلب مع القوات الأمنية وفصائل الحشد الشعبي، ولكن هناك افراد من تلك العشائر انخرطوا مع داعش وهؤلاء الأفراد تبرأت منهم عشائرهم»، لافتاً إلى أنّ «أهالي المنطقة الذين بقوا ضمن مساحات وجود داعش (هم) بحدود 10% من نسبة السكان. ووجهنا تلك العوائل بالابتعاد عن تجمعات ومعاقل داعش».
وفي موازاة العملية العسكرية في صلاح الدين، أعلن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، في كلمة ألقاها بناءً على طلبه في البرلمان أمس: «اننا نتهيأ لعملية كبرى في محافظة الانبار لتحريرها من داعش، وهناك تنسيق وانسجام عال بين ابناء المناطق والحشد الشعبي والقوات الأمنية». وقال إن «المعركة مع داعش ليس فيها حياد، وإن من يكون محايداً يقف في الصف الآخر، وإنها معركة فاصلة»، مشيراً إلى أن «الحشد الشعبي يشمل ابناء محافظة صلاح الدين والمحافظات الاخرى، ولا ينبغي لأحد ان يسيء لهم ويشكك بهم او يتهمهم». وأضاف: «لقد وضعنا أسساً للضبط الامني بعد كل عملية تحرير ووجهنا الجميع برعاية المدنيين وحفظ ممتلكاتهم ولن نسمح باي تجاوز على المواطنين، ولأي جماعة مسلحة خارج اطار الدولة، وهذا التوجه ينسجم مع توجيهات المرجعية الدينية العليا وما نص عليه الدستور».
(الأخبار)