إدلب | بدا أمس أنّ الغطاء الذي منحته «الجبهة الشاميّة» لـ«حركة حزم» في شأن حربها مع «جبهة النصرة» باتَ آيلاً إلى الزوال. معركة بيانات جديدة نشبت بين «حزم» و«النصرة» يُنتظر أن تكون ممهدةً لتسعير جديد للمعارك الميدانيّة بين الطرفين. وتأتي المستجدات في ضوء إعلان مقتل أبو عيسى الطبقة أحد أبرز قياديي «النصرة» (كان «أمير البادية» سابقاً). الأخير كان قد اختفى قبل أسبوعين، قبل أن يتبيّن أنه كانه مُعتقلاً لدى «حزم».
اللافت في هذا السياق أنّ مصادر جهادية عدّة كانت قد أكدت أن «الشيخ أبو عيسى اختُطف في ريف حماة»، وليس من الشائع أن لـ«حزم» نفوذاً قويّاً هناك. «النصرة»، وبالتزامن مع إصدارها بياناً يبدو أشبه بإعلان استئناف الحرب بين الطرفين، استقدمت أمس تعزيزات ضخمة من ريفي إدلب وحماة إلى ريف المهندسين وكفر حلب (ريف حلب). البيان أسهب في تعداد موجبات الحرب ضد «حزم»، وكان من أبرزها «اختطاف أبي عيسى، (...) والأخوين أبي الجراح وأبي مالك الحمصيين، (...) اختطاف أبي المقداد أطمة، وأبي أنس الجزراوي التابع لمركز دعاة الجهاد». وأشار البيان إلى اتفاق سابق عُقد بين «النصرة» و«قيادة الجبهة الشامية» يوم الثلاثاء (الماضي)، ونصّ على «تفريغ الفوج 46 والمشتل من عناصر حزم، وتبيين مصير المعتقلين» إضافة إلى «تعهد (الجبهة) الشامية» بتسليم القاتل إلى «المحكمة الشرعية» في حال ثبت مقتل أحد الأسرى خلال مدة أقصاها 3 أيام.
القحطاني حمّل «الجبهات» الثلاث مسؤولية «كل ما يجري لجميع الفصائل»
البيان الذي صدر عن «النصرة» أمس قال إن «الشامية» أبلغتها أن «حزم» قامت بتصفية المُختطفين، وأنها لن تستطيع تقديم القتلة إلى «محكمة شرعية» كما كان متفقاً عليه، حيث «لم يعد للجبهة الشامية أيّ سلطة على حزم، وتعهدت بإصدار بيان فصل للحركة» وفقاً للبيان، الذي خلُص إلى اعتبار «ما كان يسمى بحركة حزم بجميع مكوناتها هدفاً مباشراً، ولن نقبل أي عملية احتواء للحركة بعد الآن». البيان طالب أيضاً «قيادة الجبهة الشامية بإخلاء كافة مقرات حزم ورفع أيديهم عنها، فإن لجبهة النصرة اليوم ثأراً تأخذه، وحقّاً تسترده...». وكانت «الشاميّة» قد أصدرت بياناً مُقتضباً بتوقيع قائدها العام عبد العزيز سلامة، مهّدت فيه لرفع الغطاء عن «حزم»، حيث طالبتها بـ«الالتزام بقرارات القيادة»، واعتبرت البيان «بمثابة الإنذار الأخير»، ودعت في الوقت نفسه «جبهة النصرة إلى عدم التسرع والدخول في قتال مع حزم».

«حزم» تردّ

من جانبها، أصدرت «حركة حزم» بياناً مضاداً، ساقت فيه قائمة اتهامات طويلة ضدّ «النصرة»، واتهمتها بالاعتداء على عناصرها، أسراً وقتلاً واختطافاً. «حزم» غمزت أيضاً من قناة «الشاميّة» متهمةً إياها بالتقصير، حيث «طالبت الشامية وباقي الفصائل مراراً بأن تتحمل مسؤولياتها وتتدخل لإطلاق سراح جميع المختطفين، وصبرت على تأخرهم مراعاةً للظروف التي تمر بها حلب». كذلك أعربت عن استعدادها لـ «تسليم ملف القضية بكافة متعلقاتها لأي هيئة شرعية مستقلة تماماً عن الفصائل ومنها: (المجلس الإسلامي السوري، رابطة علماء الشام، رابطة العلماء السوريين، المجلس الشرعي في حلب، رابطة علماء إدلب، تجمُّع علماء الثورة، مجموعة علماء بلاد الشام)».

... وأبو ماريّا يلقي بثقله

وبدا لافتاً أن أحد أبرز الوجوه «الجهادية» في سوريا أبو ماريا القحطاني قد أدلى بدلوه في حادثة مقتل أبو عيسى الطبقة. ويرتبط الأمر بعلاقة قوية كانت قد نشأت بين الرجلين، علاوةً على انتماء أبو عيسى إلى عشيرة الناصر، حيثُ يعرف عن القحطاني تمتّعه بصلات قوية مع العشائر وزعمائها. القحطاني وجّه عبر صفحته في موقع «تويتر» رسالةً إلى «الجبهات» الثلاث (النصرة، الشامية، الإسلامية)، ظاهرها «نصحٌ» وباطنها «تهديد». الرسالة حمّلت «الجبهات» مسؤولية «كل ما يجري لجميع الفصائل، وهم يتحمّلون المسؤولية أمام الله وكل قطرة دم سفكت». القحطاني هاجم «القادة والشرعيين» الذين «لم يحلوا مشكلة، ولم يبتروا فتنة...»، واختتم رسالته مطالباً «قادة جهاد في الشام، إن لم يكونوا أهلاً للمسؤولية وعلى قدر الحدث» بأن «يدعوا مكانهم لغيرهم».