صنعاء | بعد أكثر من عشرين يوماً على بدء المفاوضات بين القوى السياسية للتوصل إلى حلٍّ للأزمة الناجمة عن استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومة خالد بحاح، تمخّضت الاجتماعات التي تنعقد برعاية المبعوث الدولي إلى اليمن، جمال بن عمر، عن اتفاق على شكل السلطة التشريعية للمرحلة الانتقالية المقبلة، وهي عبارة عن تشكيل «مجلس شعب» انتقالي يضم القوى غير الممثلة في البرلمان، مع الإبقاء على مجلس النواب الحالي، ليكون اسم المجلسين مجتمعين: «المجلس الوطني».
الاتفاق جاء بعد سلسلة أحداث مفصلية شهدها اليمن في الاسبوعين الماضيين بدءاً من إعلان جماعة «أنصار الله» صيغةً للعملية السياسية في المرحلة الانتقالية باسم «الاعلان الدستوري»، وصولاً إلى فشل مجلس الأمن في إقرار مشروع للتدخل في اليمن تحت الفصل السابع. وهو لا يختلف عن نصوص «الاعلان الدستوري» بشأن تشكيل مجلس وطني مكوّن من 551 عضواً، يحق لأعضاء مجلس النواب الانضمام إليه، على أن يتولى إقرار التشريعات الرئيسية المتعلقة بإنجاز مهمات واستحقاقات المرحلة المقبلة.
الصيغة ليست اتفاقاً
نهائياً بل اختراق للأزمة
«التطابق» بين اتفاق يوم أمس وبنود من «الاعلان الدستوري»، يؤكد تحليلات قالت إن القوى التي ظلّت تناور في جلسات المفاوضات، وفي مقدمتها حزب «الاصلاح» (الإخوان)، لم تكن تعترض على محتوى «الإعلان الدستوري»، بل كانت تبحث عن صيغةٍ سياسية تأتي برعاية خارجية، رفضاً منها لصيغةٍ تحدّدها «أنصار الله» بنفسها.
وقد أعلن بن عمر، يوم أمس، أنه سيتم تشكيل مجلس انتقالي باسم «مجلس الشعب»، «يضم المكونات غير الممثلة ويمنح قوى الجنوب 50% على الأقل، و30% للمرأة و20% للشباب»، على أن يسمى انعقاد مجلس النواب ومجلس الشعب الانتقالي معاً بـ «المجلس الوطني».
بن عمر الذي يواصل رعايته لجلسات الحوار في صنعاء منذ أكثر من عشرين يوماً، قال إن هذا التقدم لا يعدّ اتفاقاً (نهائياً)، مكتفياً بوصفه بـ«الاختراق المهم» الذي يمهد الطريق إلى اتفاق شامل. وأضاف المبعوث الأممي أن هناك قضايا أخرى لا تزال مطروحة على طاولة الحوار، ويجب حسمها، تتعلّق بوضع مؤسسة الرئاسة وبالحكومة، فضلاً عن الضمانات السياسية والأمنية اللازمة لتنفيذ الاتفاق وفق خطة زمنية محددة، ومشدداً على أن الاتفاق «لن يعلن إلا بالتوافق على كل هذه القضايا». ودعا جميع القوى إلى الجدية في التعاطي مع الحوار بعيداً عمّا سمّاها «المناورة والتعطيل»، مؤكداً التزام الأمم المتحدة الوقوف إلى جانب اليمنيين».
من جهتها، أكدت جماعة «أنصار الله» أن اتفاق القوى السياسية يتماهى مع الشق المتعلق بتأسيس المجلس الوطني في «الاعلان الدستوري». وكشف عضو المجلس السياسي في الجماعة، حمزة الحوثي، في حديثٍ مع «الأخبار»، عن تفاصيل الاتفاق التي لم يحدّدها بن عمر كلها، مؤكداً أن المجلس الوطني الذي نصّ عليه «الاعلان» يتكوّن من 551 عضواً، فيما سيتألف المجلس الذي ورد في اتفاق يوم أمس من غرفتين، الأولى «مجلس الشعب الانتقالي» الذي سيتألف من 250 عضواً، والغرفة الثانية تتمثل في مجلس النواب المكوّن 301 عضو، و هو ما يعني الوصول إلى العدد نفسه.
ويفصّل الحوثي مقررات الاتفاق، مشيراً إلى أنه يمنح كل الصلاحيات والمهمات المتعلقة بالسلطة التشريعية للمجلس الوطني، ما عدا القوانين غير المتعلقة بالمرحلة الانتقالية والتي ستكون من اختصاص مجلس الشعب ومجلس النواب على حدّ سواء. وأشار الحوثي إلى عدم استطاعة أي مجلس الانعقاد منفرداً خارج شرعية المجلس الوطني، مضيفاً أن من حق مجلس الشعب أن يعترض على أي قرار لمجلس النواب، وهو ما يعني أن مجلس النواب لن يستطيع التفرّد بأي قرار، بحسب تعبير الحوثي.
وكانت «اللجنة الثورية العليا» التابعة لـ«أنصار الله» قد أعلنت من القصر الجمهوري، أول من أمس، البدء بتشكيل مؤسسات الدولة وفقاً لما نصّت عليه أحكام «الاعلان الدستوري»، قائلةً إنها بصدد مناقشة ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ ﻭﺁﻟﻴﺔ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ، وهو ما يمكن اعتباره أهم الأسباب التي دفعت باتجاه اتفاق القوى المتفاوضة.
كذلك، يمكن وضع الاتفاق الذي أعلن بعد طول انتطار في سياق نتائج تغيّر الموقف الدولي إزاء الأزمة، بعد فشل إقرار تدخل دولي في اليمن، ما مثّل عاملاً لحلحلة الامور على طاولة المفاوضات. وذلك تجلى أيضاً في زيارة المستشار السياسي للأمين العام للامم المتحدة، يونس أيوب، أول من أمس، رئيس هيئة الأركان العامة للجيش اليمني، ومناقشة أهمية دور الجيش والأمن في إنهاء الأزمة التي يشهدها اليمن، حيث أكد أيوب أثناء اجتماعه برئيس هيئة الأركان اليمنية على أهمية دور المؤسسة العسكرية والأمنية في إنجاز أي اتفاق سياسي وما يترتب عليه. ويمكن تفسير هذه الخطوة بأنها «ضوء أخضر» دولي للجيش للتدخل بهدف الحسم، في حال فشل التوصل الى اتفاق.